تزايد حدة التصعيد بين إيران وإسرائيل.. «طهران» تتوعد بالرد على استهداف قنصليتها في سوريا

كتب: فادية إيهاب

تزايد حدة التصعيد بين إيران وإسرائيل.. «طهران» تتوعد بالرد على استهداف قنصليتها في سوريا

تزايد حدة التصعيد بين إيران وإسرائيل.. «طهران» تتوعد بالرد على استهداف قنصليتها في سوريا

تعيش منطقة الشرق الأوسط حالة من القلق والترقب، على خلفية توقع أجهزة الاستخبارات الأمريكية شن إيران أو أحد وكلائها هجوماً وشيكاً على إسرائيل، رداً على اغتيال عدد من العسكريين، تزامناً مع تعهد «طهران» بمعاقبة إسرائيل بضربة انتقامية بعد مقتل العميد محمد رضا زاهدى، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثورى فى سوريا ولبنان، ونائبه محمد هادى رحيمى، فضلاً عن خمسة من الضباط المرافقين لهما فى هجوم على قنصليتها فى سوريا، مؤكدة أن الأمر يتعلق بالوقت وليس الاحتمال، وفقاً لوكالة «بلومبرج» الأمريكية.

وشكل الهجوم الإسرائيلى ضربة مؤلمة، بل ربما أكثر إيلاماً لطهران منذ اغتيال قائد فيلق القدس السابق قاسم سليمانى فى محيط مطار بغداد، يناير 2020، مما دفع المسئولين الإيرانيين فى أعلى هرم السلطة إلى التأكيد على أن الرد الانتقامى آتٍ لا محالة، مهدّدين بأنه سيكون مؤلماً، كما انتقلت خطابات الوعيد والتهديد إلى مواقع التواصل أيضاً، فضلاً عن بعض الساحات العامة فى طهران، إذ أظهرت جدارية نُصبت فى ساحة فلسطين بالعاصمة الإيرانية، «نجمة داود» مدوناً أعلاها جملة بالعبرية «هل خزّنت ما يكفى من الطعام والإمدادات» فى رسالة تهديد واضحة للإسرائيليين.

وأوضح الإعلام الأمريكى، نقلاً عن مسئولين، أن وكالة الاستخبارات ترجّح رد إيران على إسرائيل من خلال وكلائها وليس بشكل مباشر، مشدّداً على أن التقديرات تشير إلى تجهيز عناصر موالية لإيران لهجوم كبير، على أهداف إسرائيلية، خلال الأسبوع الحالى.

فيما تزايدت التوترات فى المنطقة، بعدما نشرت وكالة «مهر»، الإيرانية تقريراً عبر منصة التدوينات القصيرة «X»، تؤكد إغلاق المجال الجوى فوق طهران لإجراء تدريبات عسكرية، وذلك نقلاً عن وزير الدفاع الإيرانى محمد رضا أشتيانى، الذى أعلن تعليق التحليق فى أجواء طهران، بسبب «مناورات عسكرية»، اعتباراً من منتصف الليل بتوقيت طهران المحلى، وفقاً لما نقلته «رويترز».

لكن سرعان ما تم حذف التقرير والتصريحات المرتبطة بوزير دفاع إيران، ورغم حذف المنشور، إلا أن إيران فى مطلع أبريل الحالى وعدت بالرد على ضربة إسرائيلية لمبنى السفارة الإيرانية فى دمشق، حيث دمّر قصف جوى نسبه مسئولون سوريون وإيرانيون إلى إسرائيل مقرّ القنصلية الإيرانية فى دمشق.

وأفاد الحرس الثورى الإيرانى بأن 7 من عناصره قتلوا فى هذه العملية، ومنهم العميد محمد رضا زاهدى، الذى قاد فيلق القدس فى لبنان وسوريا حتى عام 2016، والعميد محمد هادى هاجر ياهيمى وخمسة ضباط آخرين، فيما أشار المرصد السورى لحقوق الإنسان، إلى أن حصيلة ضحايا الضربة التى استهدفت القنصلية الإيرانية فى دمشق بلغت 16 قتيلاً، ما دعا على خامنئى، المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، إلى تهديد إسرائيل فى كلمة ألقاها بمناسبة عيد الفطر، مشدّداً على ضرورة معاقبة تل أبيب بسبب غاراتها على السفارة الإيرانية، مشيراً إلى أن مهاجمة سفارة تعنى أنهم اعتدوا على أراضيهم، مضيفاً: «الاحتلال ارتكب خطأً ويجب أن يُعاقب وسيُعاقب».

كما اعتبر «خامنئى» أن الهجوم الذى وقع فى الأول من أبريل ودمّر مبنى قنصلية بلاده فى سوريا، انتهاك صارخ للاتفاقيات الدولية التى تنص على حُرمة المبانى الدبلوماسية، متابعاً: «القنصليات والسفارات فى أى دولة هى بمثابة أراضٍ لتلك الدولة والهجوم على قنصليتنا يعنى الهجوم على أراضينا»، وقبله بأيام خرج حسين أمير عبداللهيان، وزير الخارجية الإيرانى، فى مؤتمر صحفى مشترك مع نظيره السورى فيصل المقداد، ليؤكد أن الكيان الصهيونى سيُعاقب وسيتلقى الرد اللازم على هجومه على مبنى القنصلية الإيرانية فى العاصمة السورية، معتبراً استهداف إسرائيل للقنصلية الإيرانية فى دمشق تجاوزاً خطيراً، وأن الأيام المقبلة ستكون أياماً صعبة على الكيان الصهيونى.

ولم تعترف إسرائيل صراحة بمسئوليتها عن هذا الهجوم، لكنها وضعت جيشها فى حالة تأهب، حيث كتب إسرائيل كاتس، وزير الخارجية الإسرائيلى، على موقع «X»: «إذا هاجمتنا إيران من أراضيها، فإن إسرائيل سترد بضرب إيران»، فيما أعلنت إذاعة «الاحتلال الإسرائيلى» تنفيذ مناورات جوية لمحاكاة تنفيذ هجمات بعيدة المدى تحسّباً للتهديدات الإيرانية.

وفى أواخر الأسبوع الماضى، حذّرت إيران إسرائيل من أن أياً من سفاراتها لم تعد آمنة بعد غارة الجيش الإسرائيلى، إذ قال اللواء رحيم صفوى، الذى شغل منصب القائد الأعلى لفيلق الحرس الثورى الإيرانى: «لم تعد أىٌّ من سفارات الاحتلال آمنة بعد الآن»، كما توعد مسئولون إيرانيون فى وقت سابق إسرائيل بالرد على الهجوم.

فى المقابل أجرى سلاح الجو الإسرائيلى خلال الأيام القليلة الماضية تدريباً مشتركاً مع نظيره القبرصى يحاكى هجوماً على إيران، وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن هذا التدريب يأتى فى إطار الاستعدادات المتواصلة للرد على أى اعتداء إيرانى محتمل. وأوضحت أن سلاح الجو أوقف تدريباته قبل 6 أشهر بسبب انشغاله فى الحرب على قطاع غزة والجبهة الشمالية، لكنه استأنفها مؤخراً، فى ظل تهديدات طهران.

ورداً على التوترات المتزايدة بين إيران ودولة الاحتلال الإسرائيلى، خرج الرئيس الأمريكى جو بايدن، يتعهد بالدعم الأمريكى لإسرائيل، وسط مخاوف من تعرّضها لهجوم إيرانى وشيك، وأضاف قائلاً: «فى ما يتعلق بالتهديد الإيرانى بشن هجوم على إسرائيل -كما قلت لنتنياهو- فإن التزامنا بأمن إسرائيل فى مواجهة هذه التهديدات من إيران ووكلائها هو أمر ضرورى والتزام صارم».

وتابع «بايدن» فى مؤتمر صحفى مع رئيس الوزراء اليابانى فوميو كيشيدا: «سنبذل كل ما فى وسعنا لحماية أمن إسرائيل»، وقبله أعلنت «الخارجية الأمريكية» أن وزير الخارجية أنتونى بلينكن أبلغ يوآف جالانت، وزير الدفاع الإسرائيلى خلال اتصال هاتفى أن واشنطن ستدعم تل أبيب فى مواجهة أى تهديدات من إيران أو وكلائها.

وخلال الأعوام الماضية، تشن دولة الاحتلال الإسرائيلى مئات الضربات الجوّية على سوريا، التى تستهدف بشكل رئيسى أهدافاً إيرانيّة وأخرى لحزب الله، بينها مستودعات وشحنات أسلحة وذخائر، ونادراً ما تؤكد دولة الاحتلال تنفيذ هذه الضربات، ومنذ اندلاع الحرب فى غزة فى 7 أكتوبر، كثّفت إسرائيل استهدافها لمواقع فى جارتها الشمالية؛ ليُهاجم حلفاء إيران فى المنطقة أهدافاً إسرائيلية أو أمريكية دعماً للفصائل الفلسطينية.


مواضيع متعلقة