من الاحتلال إلى الإرهاب.. قبائل سيناء والجيش "إيد واحدة"
من الاحتلال إلى الإرهاب.. قبائل سيناء والجيش "إيد واحدة"
"أصبح بيننا ثأر لن يهدأ إلا بالانتقام".. انطلقت تلك الكلمات بغضب في أول بيان لقبيلة الترابين، أكبر القبائل في سيناء، ليعلنوا خلاله الحرب على جماعة "أنصار بيت المقدس" الإرهابي، داعين قبائل شمال سيناء للتوحد ومحاربة التنظيم الإرهابي، بعد استباحته الحرمات وتهجمه على المنازل والنساء، معتبرة أن التنظيم أصبح يهدد مصر كلها وليس سيناء وحدها، مؤكدة عزمها التصدي للإرهابيين الذين يقتلون الرجال بتهم ملفقة، ويستبيحون الحرمات، ويقتحمون البيوت، ويحولون الأرض المقدسة إلى ساحة حرب، لخدمة أجندات خارجية وداخلية، وهي الدعوة التي قوبلت بالاستجابة من عدد من القبائل الكبرى في سيناء.
تلك ليست آخر البطولات التي يسجلها القبائل، فرمال الصحراء في سيناء لا تزال شاهدة على بطولات قام بها رجال من قبائل سيناء أو نساء أو حتى أطفال، على مر العصور، منذ الاحتلال الإسرائيلي على شبه الجزيرة، ومرورًا بحرب الاستنزاف ثم نصر أكتوبر، بالإضافة إلى حوادث الإرهاب التي ضربت سيناء خلال الفترات المتعاقبة في السنوات الأخيرة.
في وسط الصحراء، يتجمع عدد من القبائل عام 1967 بدعوة من موشيه ديان، فيما سيعرف لاحقًا باسم مؤتمر الحسنة، ووسط حضور قوي لوسائل الإعلام العالمية، قدم موشيه ديان، عرضه على قبائل سيناء بتدويل قضيتهم، وتحويل سيناء إلى دولة مستقلة لا تتبع مصر، وبحسب "جبر"، فإن شيوخ القبائل اختاروا رجلًا منهم ليتحدث وكان طليق اللسان، فقال وسط الجمع: "سيناء هي جزء لا ينفصل عن جمهورية مصر العربية، وبناءً على ذلك من يريد أن يتحدث عن سيناء فليذهب إلى حيث يقيم الرئيس جمال عبدالناصر.. انتهى المؤتمر"، كلمات مثلت هزيمة معنوية للجيش الإسرائيلي الذي كان يراهن على وقوف القبائل ضد وطنهم، لكن هذا ما لم يحدث.
ويروي الشيخ نعيم جبر، منسق عام قبائل شمال سيناء، في حديثه لـ"الوطن"، كيف شكلت القبائل وقت حرب الاستنزاف ما عرف بمنظمة سيناء، والتي ضمت عددًا من أبناء القبائل، وكانت مهمتها رصد مواقع العدو وتحركاته وإبلاغ رجال المخابرات والجيش المصري، ورصد تجهيزات العدو في عمق سيناء.
تجاهلت الدولة لعشرات السنوات القبائل في سيناء، ثم تذكرتهم بعد الثورة، عندما انفجرت الأوضاع الأمنية هناك، فكان أول اجتماع بين القبائل في أغسطس عام 2011، حيث اجتمع عدد من القيادات العسكرية، مع شيوخ وعواقل القبائل في سيناء، برئاسة اللواء أركان حرب إبراهيم نصوحي، رئيس هيئة التدريب بالقوات المسلحة، وعضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة آنذاك، أعلن وقتها الشيخ عواد أبوشيخة، أحد شيوخ القبائل في سيناء، أن أبناء سيناء ملتزمين بتحقيق الأمن والاستقرار، كتفًا إلى كتف القوات المسلحة، مشيرًا إلى خطر الأنفاق والذي اعتبره بأنه يجب بتره نهائيًا.
وفي عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، زار شمال سيناء واجتمع مع القبائل مرتين في أقل من أسبوع، وتناول الإفطار مع عدد من شيوخ القبائل في سيناء، فيما شدد على أهمية وجود تعاون بين الجيش والشرطة وأهالي المنطقة في ضبط المجرمين الذين تسببوا في هذا الحادث، كما سبق أن زار، عبدالفتاح السيسي وقت أن كان وزيرًا للدفاع، سيناء وعقد لقاءًا مع شيوخ القبائل، لبحث إمكانية التعاون مع القوات المتواجدة في سيناء.
وبعد ثورة 30 يونيو، أكد شيوخ القبائل والعشائر وممثلو أكثر من 60 قبيلة من القبائل العربية بشمال وجنوب سيناء ومطروح وجنوب مصر تأييدهم الكامل للدعوة التي وجهها الفريق أول، عبدالفتاح السيسي النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقـوات المسلحة وزير الدفـاع والإنتـاج الحربي، وقتها، للوقوف يدًا واحدة وقلبا واحدا في مواجهة قوى التطرف والإرهاب في ظل هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ مصر، في وثيقة وقعوا عليها بدمائهم لتأييد القوات المسلحة ومساندتها في كل ما يتخذ من إجراءات للحفاظ على أمن مصر واستقرارها والتصدي لكافة صور التطرف والعنف.