الجمهورية الجديدة وعائلة مرزوق أفندي
فى مرحلة جديدة من حياتنا بدأناها ونحاول أن تكون هى الأجمل والأزهى والأنجح والأمتع للأسرة المصرية بجميع أفرادها، بداية من أصغرهم صاحب الشهور الأولى فى عالمنا إلى الأكبر فالأكبر، وصولاً إلى الأجداد والجدات، نبحث جميعاً عن عامل مشترك يجمع تلك الأجيال ويتحدث إليهم ويقرب فيما بينهم ويعطى كل واحد منهم حقه كاملاً غير منقوص فى الحب والاهتمام والرعاية بجميع فروعها، فى رحلة البحث عن خبير للعلاقات الأسرية ليرمم تلك المنازل التى أوشكت على النهايات والعلاقات التى أصابها العطب والفشل والأمراض النفسية، والتى ازدادت وتفاقمت مع الضغوط اليومية وصعوبة الحياة مع اقتصاد عالمى متغير وأمراض وأوبئة وحروب لا إنسانية وصور تطالعنا يومياً فى وسائل الإعلام فتؤلمنا وتبكينا وتزيد حيرتنا فى البحث عن الحل للخروج من كل تلك الأزمات، وجدنا تلك الأوراق والتسجيلات الصوتية التى تزين مكتبة الإذاعة المصرية وتثريها بكنز فنى بديع هو العلاج الوحيد لنا الآن.
الحل هنا فى ذلك البرنامج العائلى اليومى، الذى يضم بين دقائق إذاعته أقدم مسلسل إذاعى فى التاريخ العربى، برنامج «إلى ربات البيوت» للسيدة صفية المهندس، والذى يتضمن مسلسل عائلة مرزوق أفندى، ذلك المسلسل الذى ولد مع الحلقات الأولى للبرنامج عام ١٩٥٩ واستمر أكثر من خمسين عاماً يحكى قصة عائلتنا المصرية وأيامها ولياليها وأفراحها ودموعها وصراعها مع التغيرات المجتمعية والاقتصادية وحتى العسكرية العالمية.
البرنامج كان يخاطب سيدات مصر من ربات البيوت، وشارك فى تقديمه أكثر من ٢٠٠ فنان مصرى وعربى، من بينهم عمالقة الفن المصرى فؤاد المهندس وأشرف عبدالغفور وإحسان القلعاوى وتوفيق الدقن وفريد شوقى.
وقد ارتبط هذا المسلسل بالمصريين وكان أكبر دليل على نجاحه الاستفتاء الذى تم عام ١٩٦١، الذى أجرته صفية المهندس المشرفة على البرنامج لمعرفة هل يوافق المستمعون على إبقاء المسلسل أو إلغاؤه؟ وجاءت الإجابة من مصر ومعظم الدول العربية مثل ليبيا والسودان والأردن لتؤكد أن المسلسل من أنجح وأجمل ما يناقش مشاكل الأسرة، ويعطى الإرشادات والحلول والنصائح ويعلم الزوجات الأدب، كما يعلم الأزواج حقوق الزوجات والأبناء، وقالوا عنه فى هذا الاستفتاء إنه ملك جميع الأمهات، وقد استمر إجراء هذا الاستفتاء ليحصل كل عام على لقب أفضل برنامج، واستمر النجاح ليعاد إنتاج البرنامج عام ٢٠١٣ فى صورة جديدة، حيث حمل عنوان أحفاد مرزوق. وكان البرنامج يتطور دائماً لرصد المشاكل الاجتماعية المختلفة التى مر بها الشعب المصرى منذ فترة الستينات، حيث تناول الأحوال بعد ١٩٦٧ وفترة حرب الاستنزاف وأحوال البيوت المصرية فى ذلك الحين وحتى مرحلة حرب أكتوبر وبعض الأحداث حتى الآن.
أصبحنا فى حاجة شديدة للعودة إلى عائلة مرزوق أفندى بأجيالها الكاملة، لنناقش مع رجال الدين وخبراء علم النفس والاجتماع والاقتصاد كيف نخرج للمجتمع وللمستقبل عائلة مستقرة نفسياً وأطفالاً سعداء وزوجة تحصل على حقوقها كاملة، وزوج يعرف معنى الالتزام، وكيف يمنح جميع أفراد الأسرة الحب والهدوء النفسى. ولنعلم الأبناء الذين حصلوا على كل الحقوق من الأب والأم لعقود وكيف يردون هذا الجميل، وكيف يحتضنون كبار السن ويتعاملون مع احتياجاتهم التى تتغير وتتبدل وتتحول مع التقدم فى العمر، كيف يتعاملون مع تلك المطالب دون تذمر أو ضجر.
لا بد أن تعود لنا عائلة مرزوق أفندى لنعلم ذلك الجيل أن الأسرة نعمة من الله لا بد أن نحمده كثيراً على وجودها، وأنه بعيداً عن علماء الطب النفسى وخبراء العلاقات الأسرية هناك كتاب الله الذى يدعو للمودة والرحمة وأحاديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، التى تدعو للرفق واللين فى معاملة الزوجة والأم والأب. فربما استطعنا إنقاذ الآلاف من البيوت التى تنهار، والقضاء على ظاهرة الطلاق التى وصلت لرقم قياسى لم تعرفه مصر من قبل، والعنف الأسرى وقضايا المحاكم الشرعية التى تصطحب الأمهات فيها الصغار للشهادة، وكأنهم شهود إثبات على انهيار القيم والأخلاق فى الأسرة المصرية، وإلى أن هناك أجيالاً كاملة نسيت أو تتناسى حقوق الزوجات والأبناء بل ويصل الأمر لحقوق الأجداد فى جرائم لم نعرفها من قبل ولكنها ظهرت وتفاقمت وكأنها وباء يجتاح النفوس والقلوب. أعيدوا لنا عائلة مرزوق أفندى لنتعلم من جديد ما هو الحب.