أ. د. أحمد عمر هاشم يكتب: مصر بين عهدين

كتب: أحمد عمر هاشم

أ. د. أحمد عمر هاشم يكتب: مصر بين عهدين

أ. د. أحمد عمر هاشم يكتب: مصر بين عهدين

إن الملك بيد الله وحده، وهو وحده يؤتى الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء، ويولّى من يشاء ويمنع من يشاء، كما قال الله تعالى فى القرآن الكريم: «قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِى الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ» (آل عمران: 26).

وقد حث الإسلام على العدل فى الحكم، حيث قال الله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ» (النساء: 58).

وجعل لمن يعدل فى حكمه أرفع المنازل، حيث يكون ممن يُظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله، فأول السبعة الذين يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله «إمام عادل..» (رواه البخارى).

و«مصر» بحمد الله عبر العصور ظلت مصونة من التغيير والتأثر بمن حاولوا اقتحامها واستعمارها، فلم تستطع الحملة الفرنسية ولا الإنجليزية ولا الحروب الصليبية ولا غير ذلك أن يكون له تأثير على هويتها أو لغتها أو عقيدتها، بل ظلّت محروسة بتوفيق الله تعالى وعونه، وبفضل الأزهر الشريف، حامى الدين واللغة والهوية، وبفضل من فيها من آل بيت النبى، صلى الله عليه وسلم، ومن فيها من الأولياء والصالحين، حتى قال أحد كبار المؤرخين: «من لم يذهب إلى مصر ما رأى مجد الإسلام ولا عزه، لأن فيها الأزهر الشريف».

وواضح أن من يتولى قيادة مصر يضطلع بمسئولية من أصعب المسئوليات، وأمانة من أهم الأمانات، لأنها الشقيقة الكبرى لدول العروبة والإسلام، وما قدّمته بقيادتها المعاصرة من جهود تذكر فتشكر، ومن إنجازات حضارية فى مضمار الإنشاءات، وفى مجالات عديدة لا ينكره أحد ومعه عقله..

بيد أنه لا أحد معصوم إلا من عصمه الله، وكل إنسان يؤخذ من رأيه ويرد إلا صاحب الروضة، وهو سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن هنا وصّانا رسولنا، صلى الله عليه وسلم، بأن نتواصى، وأن نتناصح، حيث قال، صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى يرضى لكم ثلاثاً ويكره لكم ثلاثاً، فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا، وأن تناصحوا من ولّاه الله أمركم، ويكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال» (رواه أحمد ومسلم عن أبى هريرة). قال أئمة الحديث النبوى فى شرح هذا الحديث: «والمراد بمناصحتهم ترك مخالفتهم والدعاء لهم ومعاونتهم على الحق والتلطف فى إعلامهم بما غَفلوا عنه من حق الحق والخلق» (فيض القدير).

ومن أجل ذلك قال قائلهم: «لو كانت لى دعوة مستجابة لدعوت بها للحاكم، لأن بصلاحه تصلح الرعية».

وإذا كانت الإنجازات التى تمت مشاهدة بمصر نقيّة الإخلاص فى العمل والوفاء بالعهد، فإن هناك أموراً يجب أن نُنبه إليها لتداركها، مثل ارتفاع الأسعار، وما يظهر من غلاء فى كل شىء، ولئن كانت هذه ظاهرة عالمية، إلا أن الواجب أن يكون القانون والتعليمات صارمة لدى الذين يغالون فى الأسعار، أو يحتكرون، فالمحتكر خاطئ، كما أننا نتطلع إلى المزيد من توسعة الرقعة الإعلامية الدينية لنشر الثقافة الإسلامية الأصيلة بوسطيتها وسماحتها فى سائر المجتمعات، كما نتطلع فى العهد الحالى والقادم أيضاً إلى حصانة أهل العلم والدعوة الذين يدعون إلى الله على بصيرة ووسطية واعتدال.

كما نتطلع إلى المزيد من النهوض برسالة الأزهر الشريف، لنمكّن له فى دول العالم، لأن الأزهر وإن كان مصرى الموقع فهو عالمى الرسالة، فوجب أن تنتشر معاهده وكلياته وعلى الأقل مناهجه ودعاته فى سائر بلاد المعمورة، وأدعو الله تعالى بقلب مخلص أن يوفّق قائد المسيرة ورئيس الجمهورية إلى ما فيه صالح البلاد والعباد، وأن يقيض له بطانة الخير، التى تُعينُه على إحقاق الحق وإبطال الباطل، وأختم بهذه الأبيات التى كتبتها للقائد الرئيس عبدالفتاح السيسى:

تحية للسيد الرئيس

عبدالفتاح السيسى

رئيس الجمهورية

لمصْرَ فى عهدكم عزْمٌ وإصْرارُ/

ألا يبيت بها عنف ولا عارُ

نَحَيْتَ عنها ظلاماً طالما عُثرتْ/

فيه خُطاها وحَار الأهلُ والجار

بالأمس قُدتَ بها جيشاً له هِمَمُ/

للحقِ والنصرِ والعلياءِ جرارُ

واليومَ جاءت بكم حين اصطفتْكَ لها/

وللقيادة عند الله أقْدَارُ

والآن جاءت بكم تمشى على قَدَرٍ/

وأَنتَ فى ركبها شهْمٌ ومِغْوار

تُقصى الخيانة تقصى الغدر عن وطنى/

فليس يصْلحُ خَوّانٌ وغدّارُ

وليس من أهْلِنَا منْ رَامَ شوقتنا/

فأهل مِصرَ كِرامُ الأصلِ أحرارُ

أقمْتَ مشروع خير طَالما رَغبَتْ/

فى مِثْله قادة فينا وثُوّارُ

هذه قناة السويس اليوم قد فَرِحَت/

بأختها وعطاءُ اللهِ مِدْرَارُ

يا رب وفّق خطى السيسى قَائدنا/

فأنتَ يا رب للأبرار تختارُ


مواضيع متعلقة