المرأة والأمن القومى العربى

دُعيت إلى ملتقى تشرف عليه منظمة المرأة العربية بعنوان «الإعلام وتعزيز دور المرأة فى حماية الأمن القومى العربى»، صباح يوم الاثنين 4 مايو 2015 بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية. أدارت الندوة «المائدة المستديرة» باقتدار الدكتورة هيفاء أبوغزالة، والسفيرة القديرة ميرفت التلاوى مدير عام منظمة المرأة العربية. حضر الاجتماع خبراء ومختصون وعدد من الملحقين العسكريين للدول العربية، وعدد من لواءات القوات المسلحة والأمن فى مصر، وبعض من «النساء الأوائل فى خدمة الشرطة -لواءات- ولهن دور مهم جداً فى الشرطة». كانت جميع الكلمات مفيدة وهادفة ومؤيدة لتعزيز دور المرأة حماية للأمن القومى. أشاد الحضور بأن تكون الوزيرة فايزة أبوالنجا هى مستشارة الرئيس لشئون الأمن القومى، مما يعزز مكانة المرأة وهذا ينم عن سبق الرئاسة لدعم المرأة والاهتمام بها والاستفادة من قدراتها. عندما جاءت مداخلتى ركزت على مجموعة من النقاط -أشير إليها فى آخر المقال- وتذكرت أيام المنفى، وسوء معاملة بعض الإسلاميين للمرأة فى العالم العربى والإسلامى على عكس ما ينادى به الإسلام، فى حين أن المرأة فى بعض الدول الغربية أصبحت رئيسة أو رئيسة وزراء، وكذلك فى الهند وباكستان وبنغلاديش، وكانت نائبة رئيس وزراء (تانسو تشيلر) مع أربكان فى تركيا، وتذكرت وقوف الجماعة الإسلامية الباكستانية مع فاطمة جناح، حباً ودعماً للديمقراطية ضد الديكتاتورية والاستبداد. ساءنى -ولا يزال- معاملة المرأة معاملة غير كريمة من بعض الإسلاميين خصوصاً، رغم أن النساء شقائق الرجال كما قال صلى الله عليه وسلم، ويوضح ذلك القرآن تماماً عندما يقول فى حق المرأة «ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف». وقد تحدث فى هذا الاجتماع الدكتور الفقيه سعد الدين هلالى، فذكرنا بأن النبى (صلى الله عليه وسلم) أخذ بمشورة السيدة أم سلمة (رضى الله تعالى عنها وأرضاها) فى صلح الحديبية، وقد خالفت جميع الصحابة لكن رأيها كان الأصوب والأولى. من أهم غايات المنظمة أنها تسعى لتمكين المرأة العربية وتعزيز قدرتها، كركيزة أساسية لتقدم المجتمع العربى، والتركيز على أهمية مشاركة المرأة فى عملية التنمية. للمنظمة أهدافها ووسائلها وسياساتها، التى تنبع من استراتيجية النهوض بالمرأة العربية، ومن أولوياتها فى هذا التوسع فى التعليم وسد الفجوة النوعية فيه، والقضاء على أمية الإناث، وتحسين الصحة والرعاية الصحية، وزيادة إسهام المرأة فى الحياة الاقتصادية، ومحاربة الصورة السلبية للمرأة فى الإعلام ودعم مشاركتها السياسية، وإلغاء كل أوجه التمييز ضد المرأة، وتنمية أوضاعها فى شتى المجالات. ومن حسن الحظ أن الدستور الجديد ينص على كل ذلك وأكثر فى مادته رقم (11) التى تؤكد مساواة المرأة للرجل فى الميادين السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية. من أهم التحديات التى أكدت عليها السفيرة التلاوى، أن الثقافة المجتمعية تحول دون تنفيذ القوانين، ويجب أن يلعب الإعلام دوراً بارزاً لحل هذه المشكلة. لاحظت أننا جميعاً نؤكد -وبحق- خطورة التشدد الدينى وضرورة تجديد الخطاب الدينى، وهذا أصبح ضرورة، لكن لماذا يظل الباب مفتوحاً أمام الخطاب الإلحادى أحياناً، وأمام الخطاب العلمانى أو الليبرالى المتطرف أحياناً أخرى، والتطرف مذموم فى الاتجاهين. حاولت فى مداخلتى السريعة أن أوضح بعض الأدوار المهمة التى تقوم بها المرأة، ولخصت ذلك فى أهمية تربية الزعامات وقيادات الوطن المستقبلية، وتربية الأجيال المقبلة على القيم الدينية الصحيحة، سواء الإسلامية أو المسيحية أو اليهودية، وعلى حب الوطن والعرب والمسلمين والإنسانية نفسها، والسعى لمشاركتها فى النهضة، ومن واجبات المرأة كذلك السعى لتغيير الأعراف والعادات السيئة الموروثة أو السائدة فى المجتمع كما يقول الإمام الغزالى «والصبى أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة، خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما نقش»، والأم هى التى تنقش على الطفل لعدة سنوات، وعليها أن تزرع فى طفلها حب التقدم وكراهية التخلف وضرورة الخروج منه، ونحن يجب أن نتقدم حسب ديننا وهويتنا بالضوابط الصحيحة، وليس تقدماً متفلتاً كما هو فى الغرب، ولا أن ننقل عن الغرب كل شىء خيره وشره. الأم أيضاً عليها أن تربى فى طفلها إرادة الاستقلال وأهمية استقلال الوطن وأن تهتم كذلك باللغة العربية واللغات الأخرى الحية، حتى لا نرتكب الأخطاء الفاحشة التى لا ينجو منها حتى بعض مقدمى البرامج التلفازية المشهورة أو حتى بعض خطباء المساجد الكبيرة. تساءلت قبل ختام كلمتى: ماذا يفيدنا الرقص الفاضح من بعض النساء والأفلام الفاضحة؟ وكذلك لماذا تجرؤ بعض النساء من غير المتخصصين أن تفتى فى مسائل فقهية حساسة وعندنا فقيهات محترمات يقمن بهذا الدور؟ كل الملاحظات التى قيلت لا تنقص أبداً من أهمية منظمة المرأة العربية التى يجب أن نسعى جميعاً لدعمها، وفقاً للأقوال المأثورة العديدة التى جمعتها المنظمة، التى أكدت أن الأمة الناهضة لا تنهض بجناح واحد لكن بجناح الذكر والأنثى سواء بسواء. والله الموفق