لماذا كل الحماس للرئيس عبدالفتاح السيسي؟
بين شوارع مصر وأحيائها الشعبية التى تتنفس الدفء والحميمية، يتبادر أحياناً السؤال داخل عيون البعض قبل شفاههم «ولماذا الحماس والاصطفاف كتلة واحدة مع الرئيس عبدالفتاح السيسى؟» تحديداً وأن جنون الأسعار وعدم انضباطها يتصدر اهتمام المواطن البسيط.وتوفير متطلباته الأساسية غيب عن الذاكرة القريبة الكثير مما كان يجب أن يبقى راسخاً إذا كنا نريد العيش فى دولة بعد أن تسلمها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى وصف دقيق ذكره «إنها كانت أى شىء إلا دولة».
عام 2011 وقفت مصر حائرة تراقب موجات متتالية من الفوضى والعنف، تقوض استقرار عدة دول عربية. كان الاندفاع والحماس غالبين وبُعد النظر كان غائباً. لم يملك أحد رداً دقيقاً حاسماً على السؤال المصيرى «إلى أين مصر ذاهبة؟» حتى من كانوا يستشعرون سيناريوهات الخراب، إراقة الدماء، الحروب الأهلية، التى كانت تُخطط لها الجماعة المحظورة، لم يملكوا سبيلاً محدّداً للخروج من دوامة عدم الاستقرار وتدبير المكائد. فى الوقت ذاته الذى يتغنّى فيه الجميع بحب مصر، وكان وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسى ورجال مصر الشرفاء من المجلس العسكرى عاكفين على العمل بكل ما حفلت به هذه المرحلة من مبادرات ومناشدات ولقاءات بهدف إعادة مصر إلى بر الأمان. كان العنوان العريض الذى اتفقوا عليه هو انحياز جيش مصر لإرادة الشعب ومطالبه، حتى إن كان الثمن هو التضحية بأرواحهم. وهنا يتجلى أغلى معانى الانتماء للوطن والتضحية بالنفس.
بدأت مصر أولى خطوات الاستقرار مع انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسى وتوليه الرئاسة فى يونيو 2014.
الوضع باختصار.. تردٍّ اقتصادى غير مسبوق، عزلة دولية - أفريقية، تربّص من قوى لم تفق من صدمة فشل مخططات وضعتها لمصر، مناطق حدودية استدعت تدخلاً أمنياً مكثّفاً بعدما استباحت التنظيمات التكفيرية أرض مصر الطاهرة بدعوة من جماعة الإخوان المنحلة خلال العام الذى استولت فيه على مقاليد الحكم، شوارع مصر التى كانت عبر تاريخها تتزين بالأمان والطمأنينة عرفت لأول مرة الخوف وعدم الاستقرار، أزمات خانقة فى مختلف الخدمات كالبنزين والكهرباء والخبز.
بعد 10 سنوات.. تقتضى الموضوعية أولاً عدم إغفال الأزمة الاقتصادية التى ألقت ظلالها على المواطن البسيط. الأهم أن الرئيس عبدالفتاح السيسى لم يكتفِ بالسماع إلى شكوى الشارع، لكنه وعد وأوفى.. «أزمة السوق الموازية للدولار ستنتهى»، وفعلاً وجّه بقراراته ضربة لظاهرة كان لها دور كبير فى اضطراب السوق المصرية. سبقتها مجموعة إجراءات هى أكبر حزمة اجتماعية تدعم الفئات الأكثر احتياجاً وتضرّراً من الأزمة الاقتصادية، ثم قرارات حكومية بدت أكثر حسماً -وهو المطلوب- لضبط الأسعار والسلع الأساسية. يبقى الآن دور الحكومة بأخذ ضمانات صارمة من جميع أصحاب المصانع والتجار وملاك السلاسل التجارية الكبيرة تخص الالتزام بمبادرة تخفيض الأسعار مع استمرار تفعيل دور الأجهزة الرقابية كى تطبّق كل الاتفاقات كحقيقة يلمسها المستهلك على أرض الواقع، رداً على أى ساخط من الأوضاع الاقتصادية محمّلاً الدولة كل غضبه، صحيح أن مهام أى دولة عند مواجهة الأزمات تأتى فى الأولوية، لكن بعيداً عن تعقيدات الأرقام يبقى السؤال البسيط هل هى مسئولية فردية.
التاجر الجشع وعصابات المتاجرة بالدولار وتخزين السلع الأساسية بغرض التحكم فى أسعارها، قطعاً هم من الشعب، وليسوا الحكومة أو الدولة. حين تحقق الحكومة إنجازاً يسعى لتحقيق انفراجة فى الأزمة الاقتصادية، بالتأكيد هى لن تعود إلى تقويض هذه الخطوة! يبقى الطرف المستفيد من عدم الانضباط وفوضى الأسعار الذين نطالب الحكومة بضربهم بيد من حديد.
خلال 10 سنوات على صعيد السياسة الخارجية تحولت مصر من الخيانة إلى المكانة. كل «المهاترات الساذجة» من أصوات نشاز ظهرت بعد انتفاضة الأقصى حول تهجير الشعب الفلسطينى إلى سيناء كانت جزءاً من مفاوضات قادة الجماعة لإتمام مخطط الخيانة -وهى لم تدفع قطرة دماء ثمناً لتحرير هذه الأرض المقدّسة ولا تعترف بها أصلاً- بعد 2014 وحتى اللحظة الحالية أعطت مصر درساً للعالم عن قيمة وكرامة أرض الوطن. هى قدمت لسكان قطاع غزه أكبر قدر من المساعدات الإنسانية والطبية، لكنها فى الوقت ذاته التزمت بموقف تاريخى ثابت يرفض تصفية القضية الفلسطينية ويلتزم بإقامة دوله فلسطينية. هذا الموقف ظهر أمام العالم على الصعيدين الرسمى والشعبى حين خرج الشعب يوم 18 أكتوبر الماضى مؤيداً موقف الرئيس عبدالفتاح السيسى.
ضمان أمن واستقرار مصر ما زال يفرض التأهب واليقظة، تحديداً على حدود مصر. نشطت القيادة السياسية خلال الأعوام الماضية فى تنويع مصادر تسليح الجيش وإقامة التدريبات العسكرية المشتركة، كما نجح الجيش المصرى -حتى بشهادة الأطراف المتحفّزة- فى تطهير وإنقاذ أرض سيناء مما كان مقدّراً لها من جماعة الإخوان المنحلة أن تصبح موطناً للتنظيمات التكفيرية، حيث أصبحت الآن واحة أمان تستقبل كل مشروعات التنمية والخدمات والاستثمارات.
أخيراً هذه مجرد بضع لقطات من التاريخ القريب قد تغلب عليها أزمات عابرة، لكن رسوخها كجزء من الوعى العام يبقى الضامن الوحيد لصلابة واستقرار مصر وسط مظاهر عنف وفوضى تضرب عدداً من الدول المحيطة وتهديدات إقليمية ودولية تصاعدت إثر عملية انتفاضة الأقصى.