«الشركة المتحدة» كيف ولماذا؟ (10 والأخيرة) رمضان.. 24 الحصاد المشرف!
من أعلى سقف للدراما الرمضانية هذا العام عند «الحشاشين» وأحد ملامح الانحراف بتفسير الدين والسيطرة على عقول مجموعات من الناس لا نتيجة لأفعالهم إلا القتل والتخريب والفرقة إلى -على سبيل المثال وليس الحصر- غياب الأبناء عن آبائهم وانشغالهم بحياتهم عنهم مما يتركهم لوحدة قاتلة وفراغ صعب للغاية وتقدم «السوشيال ميديا» حلاً لذلك كما هو الحال فى «عتبات البهجة» إلى العكس فى غياب الآباء عن متابعة أبنائهم فى «أعلى نسبة مشاهدة» وخطورة ذلك على انسياق الأبناء وراء مغريات العصر الذى تزينه التكنولوجيا الجديدة التى تتسبب فى مشكلات وأزمات عديدة يكون ثمنها غالياً جداً إلى القضية الفلسطينية التى كانت مصر -وبكل فخر- ومن خلال الشركة المتحدة البلد الوحيد الذى ينتج عملاً فنياً عن القضية الفلسطينية من خلال مزج بين مأساة أسرة فلسطينية تتعرض للإرهاب فى ليبيا وتلجأ إلى مصر وبين مواجهة مصر مع الإرهاب ذاته وتتطور الأحداث لتؤكد وحدة المصير وتمسك الأشقاء فى فلسطين بأرضهم وهويتهم مهما كانت التضحيات إلى الحفاظ على الهوية وتأكيدها على تقدير قيمة الحضارة المصرية القديمة وآثارها كما هو الحال فى الجزء الثالث من مسلسل الكرتون الناجح جداً «يحيى وكنوز»، إلى التشويق والإثارة وكيف يكون لأخطاء الكبار أثر يدفع ثمنه الصغار وأن الأخطاء الكبيرة ثمنها كبير أيضاً كما هو الحال فى «مسار إجبارى» الذى يناقش فى طريقه أو طريق أحداثه قضايا أخرى خطيرة جداً كالغش فى الأدوية.. ومن ذلك كله إلى الكوميديا الاجتماعية التى تناقش بأسلوب ساخر يحول المأساة الشخصية إلى كوميديا أو حتى كوميديا سوداء أقرب إلى المأساة كيف عانت أسرة من تجارب الاستعانة بمساعدات فى المنزل أو «شغالات» يساعدن ربة المنزل التى تعمل فى إحدى الفضائيات ولديها طفلان وتدور الأحداث لنخرج كل حلقة بدرس محدد، ومنها إلى كوميديا أقرب إلى الخيال العلمى فى «خالد نور وولده نور خالد» إلى الجزء السابع من «الكبير أوى» الذى استطاع خلال سنوات ليس فقط تفجير طاقات كوميدية عند عديد من الفنانين المصريين لكن أيضاً استطاع استبقاء المشاهد المصرى أمام الشاشات المصرية عند الإفطار!
ماذا يعنى ذلك كله؟! يعنى أن كل ما يقال عن أن الأعمال الدرامية تستهدف الترفيه وإلهاء الناس عن مشاكلهم ليس إلا إفكاً وافتراء وجهلاً بمعنى الدراما نفسه.. الدراما يمكن تشكيلها كما يشاء منتجها ومؤلفها ومخرجها لكن عندما توظف لمناقشة قضايا المجتمع وتوضع فى إطارها الصحيح لخدمة المجتمع وتسعى للسيطرة أو لترشيد مشكلات مزمنة مثل التطرف الدينى والإرهاب السياسى والطلاق لأتفه الأسباب وأثره على الزيادة السكانية وتشرد الأطفال، وكذلك الدخول على خط المواجهة مع الأزمات المعاصرة التى تسبب فيها التطور التكنولوجى والتقدم الحاصل فى تقنيات الاتصال.. نقول عندما تناقش دراما «الشركة المتحدة» كل ذلك نكون أمام عمل وطنى بكل ما تعنيه الكلمة من معانٍ تسقط معه كل المزاعم والأكاذيب التى تحاول تصوير الأمر أنه يجرى فى إطار إشغال الناس بأعمال فنية لا هدف لها!
«المتحدة» فى حصاد لموسم رمضانى مهم قدمت وجبة متكاملة غنية بكل شىء وطنياً وتاريخياً.. اجتماعياً وكوميدياً، استوعبت فيها قضايا الوطن وأهله واستوعبت فيها الآلاف من الكتاب والمخرجين والممثلين والفنيين والمصورين ومهندسى الصوت والإضاءة والديكور ومصممى الإكسسوارات والملابس وكذلك من السائقين والنجارين وغيرهم وغيرهم بما فتح باب الرزق لعشرات الألوف من المصريين الكثير منهم يعمل فى 10 شركات إنتاج فنى كبرى تعاونت معها «المتحدة» هذا العام!
كل عام ومصر بخير.. وشعبها بخير.. ومؤسساتها الوطنية بخير.. وقواها الناعمة بخير.