العاشر من رمضان
تصادف أن كان تاريخ العاشر من رمضان نفس تاريخ السادس من أكتوبر 1973 الذي تم بناء عليه تحديد قرار بدء حرب تحرير الأرض وتحريك الوضع القائم بين العرب وإسرائيل. لكن هذه الصدفة كانت موفقة حيث ارتبط هذا التاريخ بيوم النصر وارتبط بمشاعر هي خليط بين الدينية والثقة في الدعم الإلهي لجيشنا في الحرب.
صرنا نحتفل بيوم العاشر من رمضان لنتذكر يوم النصر مرتين، في العاشر من رمضان والسادس من أكتوبر، واللافت أننا نستخدم تعبير العاشر من رمضان وليس 10 رمضان، فالأول أقرب إلى اللغة العربية ويوفر مشاعر دينية.
يأتي يوم النصر فيزيد من بهجة شهر رمضان حيث نستعيد الذكريات، فمن حضر هذا اليوم يدرك معناه الكبير بعدما انتقلنا من حالة النكسة إلى حالة النصر. كم كانت فرحة المصريين والشعوب العربية من مشرقها إلى مغربها بما تحقق من أداء عسكري راقي ومن وحدة عربية تجسدت في أرض المعركة ومحيطها. لقد سارعت الدول العربية بتقديم كل ما تستطيع من مساعدة سواء كانت عسكرية ولو رمزية أو اقتصادية وتجسد كل هذا التعاون في حظر تصدير البترول الذي كان بمثابة قرار مؤثر في مستقبل المنطقة خاصة ما بعد الحرب.
كانت حرب – رمضان – علامة فارقة في تاريخ الحروب الحديثة حيث جرت على أرض سيناء أكبر معركة بالدبابات بعد الحرب العالمية الثانية، كما كان اجتياح الساتر الترابي الذي أقامته إسرائيل على الشاطئ الشرقي للقناة عملية عسكرية عبقرية وهو ما استكمل بتحطيم خط بارليف المنيع الذي استكانت إسرائيل وراءه باعتبار أن تجاوز ذلك الخط مسألة في مستوى المستحيلات، ولا يمكن للجيش المصري النجاح فيها .
لقد حطم الجندي المصري كل القواعد الكلاسيكية للفكر العسكري من حيث مقارنة الجيوش بالإمكانات العسكرية والمعدات والتدريب وضخ الأسلحة خلال زمن الحرب وقدرة الجندي على حمل 60 كيلوجراما من المعدات وما يلزم للحرب في شهر يصوم فيه الجيش بأكمله.
إنها لحظة إعجازية التي حدثت في رمضان – أكتوبر، سجلها التاريخ ومازالت الأكاديميات العسكرية تدرس وتحلل نتائجها. وفي رأيي أن أهم ما كان في تلك الحرب، التخطيط الدقيق والسناريوهات المتوقعة لكل خطوة قد يخطوها العدو، وعملية الخداع المركبة التي مارسها القادة المصريون، والتعاون العربي المشترك المخلص. كل ذلك أدى إلى النصر.