«الحشاشين».. حين تمسك بالقلم وأنت تشاهد الدراما

لا أعتقد أننى كنت أنتظر ظهور هذا العمل الدرامى بفارغ الصبر وحيداً.. فالكثيرون كانوا ينتظرونه مثلى وربما أكثر.. وبعد حلقات قليلة أستطيع أن أقول وبمنتهى الوضوح إننا لسنا أمام عمل تاريخى تقليدى بأى حال.. بل أمام وجبة تاريخية دسمة فى إطار مختلف.

العمل يحمل أسماءً ثقيلة الوزن فى عالم الدراما.. فاسم كعبدالرحيم كمال لا يُمكن أن يمر مرور الكرام حين تراه على عمل درامى.. فقد نجح الصعيدى المتصوف الجميل فى أن يحفر اسمه بين عمالقة صناع الدراما فى مصر بجوار أسامة أنور عكاشة ومحمد جلال عبدالقوى وغيرهما.. ومخرج بحجم الدكتور بيتر ميمى، الذى تحول اسمه إلى ختم جودة على أى عمل يقوم بإخراجه من حيث التنفيذ والتفاصيل الصغيرة التى تجعل العمل مُتقناً إلى درجة كبيرة.

كل ما سبق هى نقاط قوة للعمل من قبل أن يبدأ.. ولكن حين تضيف إليه فكرة أنه يتحدث عن أحد أخطر الشخصيات فى التاريخ العربى والإسلامى كحسن الصباح.. ويطوف فى أحداثه بين الدول التى كانت قائمة فى هذا الوقت بسلاسة شديدة، كالدولة الفاطمية والسلجوقية والعباسية.. تجد أنك أمام عمل فريد من نوعه. ربما أكثر ما لفت نظرى فى العمل من خلال حلقاته الأولى أن أبطاله يتحدّثون العامية وليس الفصحى.. وهو أمر أثق أن صناع العمل قضوا الكثير من الوقت ليُقرّروه.. وأن قرارهم جعل العمل أقرب إلى الناس كثيراً وأكثر حميمية.. العامية جعلت العمل يقترب من أعمال الفانتازيا التاريخية كـ«على الزيبق» وغيره.. وربما جعل البعض يشعر بأنه خفيف بعض الشىء، وهو أمر بعيد عن الحقيقة كثيراً.. ولكن فى النهاية أعتقد أنه من نقاط قوة العمل وليس ضعفه.

ولأن العمل كأى منتج بشرى لا يمكن أن يحظى بالكمال.. فهناك بعض السلبيات التى ينبغى أن نسردها إن أردنا الإنصاف.. فالعمل يفترض أن المشاهد يعرف الكثير عن هذه الحقبة من التاريخ.. وهو ما يجعل الكثير من الأحداث والتفاصيل مفقودة لدى الكثيرين، اللهم إلا قارئى التاريخ والمهتمين به.. ربما أدرك صناع العمل هذه الحقيقة فبدأوا فى تقديم الملخص فى بداية كل حلقة، والذى يربط الكثير من الأحداث ببعضها.. أيضاً هناك بعض الملاحظات حول السردية التاريخية نفسها.. فحسن الصباح لا توجد مصادر تاريخية كثيرة تحدّثت عنه.. ومعظم ما كُتب عنه فُقد أو تم حرقه مع دخول التتار بغداد.. لذا فالأحداث بها الكثير من الخيال لأغراض درامية وأخرى لعدم وجود مصادر تحكى ما حدث بالفعل.. هذا إذا افترضنا تبنى رواية صداقته لنظام الملك، التى تعانى من الضعف.. فالبعض يذكر أن نظام الملك يكبُر الصباح عمراً بأكثر من عشرين عاماً كاملة.. ما يجعل فكرة صداقتهما أو عهدهما غير منطقية على الإطلاق.باختصار نحن أمام عمل تاريخى شديد الأهمية.. عمل يحتاج إلى مشاهدته بتركيز ودقة متناهية.. دقة ربما تحتاج إلى مراجعة الكثير من الكتب عقب كل حلقة.. وربما للإمساك بورقة وقلم لتدوين الملاحظات أثناء المشاهدة.. أو هكذا أعتقد.