كلام الله العظيم وليس علي جمعة!
قال أحدهم تعليقاً على مقالنا أمس عن الهجوم الذى يتعرض له الشيخ على جمعة حول رأيه فى الصداقة بين الأولاد والبنات وعن دخول غير المسلمين الجنة، الذى نُشر أمس فى ذات المساحة على صفحات «الوطن» الغراء بعنوان: «درس الشيخ على جمعة والإخوان» فقال: «ما قاله لم يأت عند أى فقيه من فقهاء المذاهب الأربعة» يقصد الشيوخ الأجلاء وهم أبوحنيفة النعمان وأحمد بن حنبل ومالك والشافعى.
قلت: يا فندم.. هذا هو أصل المشكلة بيننا وبينكم.. بيننا وبين الفكر السلفى.. الجامد.. الذى وقف عند زمن محدد.. وحضرتك تقف معه وعنده ولا يريد -ولا تريد- أن تتحرك خطوة واحدة.. طيب هات من أى مذهب.. مذهب واحد منهم فقط تحدث عن قوانين المرور؟ أو قوانين السلم الوظيفى؟ أو قوانين الملاحة البحرية؟! أو قوانين التقاضى وعن درجاتها؟! أو أى حديث أو تناول لأحدهم عن قوانين الانتخابات؟! أو قوانين الاستثمار؟! وغيرها وغيرها من عشرات القوانين التى استُحدثت ولم تكن موجودة.الدنيا تطورت وظهرت أسئلة عديدة مرتبطة بالتطور وتحتاج إلى إجابات من الفقه...
ومن هنا كانت دعوة تجديد الخطاب الدينى!!!! أن يواكب أسئلة الناس ومعيشتهم وحياتهم.. وليس أن نقف عند فقه أقرب فقيه منهم لنا على بعد ألف ومائتى عاااام!!!!!ثم أردفت: كل هؤلاء فقهاء عظماء مبجَّلون نجلُّهم ونحترمهم.. لكن مصدر عظمتهم هو اجتهادهم وإعمالهم لعقلهم فى وقتهم ولعصرهم ولزمانهم.. ولمسائل جدت فى الحياة رغم قربهم من زمن الوحى.. فما بالكم بمرور مئات السنين.. ولذلك هم مجتهدون عظماء لكنهم غير مقدسين.. يؤخذ منهم ويرد.. هم أنفسهم لم يتفقوا على أفكار وفتاوى وآراء واحدة وإلا لكنا أمام مذهب واحد وليس أربعة.. وتبقى القيمة الأساسية هو تقليدهم وأن نفعل مثلهم ونجتهد لزماننا.. بمتغيراته.. وبما جرى فيه من توسع فى كل شىء.. وليس أن نتحجج بعدم وجود تناول لهم لمسائل معينة.
وبخلاف ما قاله عن العلاقة البريئة بين الأولاد والبنات التى يحكمها العفاف وهو الشرط الحاكم الذى وضعه الشيخ الجليل فى برنامجه «نور الدين» الذى يذاع على القناة الأولى المصرية وتناولناه بمقال الأمس، ثار الجدل أيضاً الذى بلغ للأسف حدود التطاول على الشيخ الجليل هو قوله إن الجنة ليست حكراً على المسلمين، إنما سيدخلها غيرنا.. ومنذ سنوات طويلة ولا نعرف سبباً لاندهاش البعض من هذه الحقيقة التى لم يكتشفها أو يخترعها أو يختلقها أو يفرضها الشيخ على جمعة.. إنما هذه حقيقة أكدها القرآن وبصيغة لا تحتمل التأويل أو اللبس.. يقول الله عز وجل فى الآية ٦١ من سورة البقرة:(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).
هذا كلام الله وليس كلام الشيخ على جمعة أو كلامى.. والجدل حولها ممتد قبل الشيخ على جمعة وبرنامجه وحديثه.. من المناقشات الدائمة مع هذا التيار المتطرف الذى لا يخجل من أن تقول له هذا كلام الله، فيرد بفتاوى لفقهاء!!!! لا يخجل من وضع كلام بشر أمام كلام الله!!! ويحاول التحايل على الآية بحجج غير صحيحة عن نسخ الآية أو أن المقصود بها زمان آخر غير الموجود اليوم!!! ولا نعرف من أين أتوا بهذا الكلام وهو لا يوجد فى الآية ولا فى حديث شريف صحيح وثابت!
سيقولون إن الدين عند الله الإسلام.. وهذا صحيح، لكن المقصود هو الدين السماوى الإلهى كله منذ نوح عليه السلام إلى الرسالة المحمدية وهذا دين الله الإسلام.. الذى نسلم فيه قلوبنا لله.. لذلك يقول عز وجل: (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يهودياً وَلاَ نصرانياً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين) ويقول المسيح عليه السلام نفسه: (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آَمِنُوا بِى وَبِرَسُولِى قَالُوا آَمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ) ويقول موسى: (وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ)، وهكذا مع باقى الأنبياء والرسل وبما يحتاج إلى شرح مفصل.. لكن تشويه سماحة الدين جعلت الكثيرين لا يرون آيات عديدة فى كتاب الله العزيز الحكيم وعندما يقرأونها يشعرون بأنهم يرونها لأول مرة.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.