"أبوعيطة": صدور هذا الحكم من محكمة مصرية غير لائق
.jpg)
"أبوعيطة": صدور هذا الحكم من محكمة مصرية غير لائق
قال كمال أبوعيطة، القيادى العمالى وزير القوى العاملة السابق، إن حكم «الإدارية العليا» بشأن إحالة الموظفين العموميين إلى المعاش حال اعتصامهم وإضرابهم عن العمل لا يليق بأن يصدر عن محكمة مصرية، مؤكداً أن الإضراب حق من حقوق العمال الذى أقره الدستور وقانون العمل.
وأضاف «أبوعيطة»، فى حواره لـ«الوطن»، أن الحكومات المتتالية، منذ «مبارك» وحتى الآن، تتعامل مع الأزمات العمالية بشكل سطحى.
■ ما رأيك فى حكم «الإدارية العليا» بإحالة الموظفين العموميين إلى المعاش حال اعتصامهم وإضرابهم عن العمل؟
- أشك أن يكون هذا الحكم صادراً عن محكمة مصرية، لأنه يليق بمحكمة أفغانية مثلاً، وأستنكر صدوره من قضاء المشروعية وهو قضاء مجلس الدولة العظيم الذى حمى الحقوق فى هذا الوطن، ووقف بجانبى عدة مرات عندما لجأت إليه أشكو من تعسّف وظلم دولة الفساد التى انتهت، ولا يوجد حكم فى العالم يجرّم الإضراب، كما أنه يصطدم بالتشريعات المصرية ذاتها والتشريعات الدولية، وأن هذا الحكم إذا صحت نسبته إلى مجلس الدولة وقضاء المشروعية العادل الذى حمى المصريين طوال سنوات الفساد، فإنه يخالف مبادئه الأصلية وأحكام القضاء التى انتصرت للعمال المحرومين من حقوقهم. وأؤكد أن الإضراب مشروع مدفوع الأجر، خاصة إذا ما بحث أى مسئول عن أسباب الإضراب وسعى إلى حلها، والدستور الحالى أقر حق الإضراب، وقانون العمل، سيئ السمعة والذى يجب أن يتغير، أقر حق الإضراب، كما أننى أيام وجودى فى البرلمان وقفت أمام مشروع دمج القضاء مجلس الدولة، واجتمعت مع السادة المستشارين ضد هذا التوجه بنادى قضاة الدولة أثناء وجود المستشار حمدى ياسين، فالحكم يصطدم بالواقع.
■ هل ترى أن هذا الحكم مع موقف العمال فى تعاملهم أثناء الأزمات؟
- أعتقد أن العمال لن يلتفتوا إلى هذا الحكم، وطالما البلد يوجد فيه فساد وظلم اجتماعى لدرجة أن هناك أسراً بالكامل محرومة من أجورها لفترات طويلة، لن يستطيع كائن من كان، ولا أى سلطة أن يحرم المصريين حقهم الطبيعى فى رفض الفساد ورفض الجوع والمذلة، فالإضراب مشروع، بأجر مدفوع، ضد الفقر وضد الجوع، وأى نقابى يؤيد هذا الحكم أوجه إليه كلمة «روح حل مشاكل العمال حتى لا يحدث إضراب»، إنما مواجهة العمال بالتعسُّف والفصل والأحكام وبالإرهاب فأمر مرفوض.
■ كيف ترى تعامل حكومة «محلب» مع الأزمات العمالية؟
- تعامل الحكومة مع الأزمات العمالية منذ «مبارك» وحتى الآن، تعامل سطحى لا يحل أى مشكلة من أساسها، وقد يكون هذا بسبب الحكومات الانتقالية ذات القدرات الضعيفة، على الرغم من دعمنا بعد ثورة 30 يونيو بإرادة شعبية قوية، فكان هناك من يقول لنا وقت وجودى فى حكومة «الببلاوى» إنكم حكومة مؤقتة وغير دائمة، فلا داعى لاتخاذ قرارات جذرية، ويترك للحكومة التى ستأتى عبر البرلمان أن تتخذ القرارات الجريئة، وكان ردى لو لم نحل أزمات العمال والشعب بصفة عامة، سيثور علينا مرة أخرى، فنحن أهون على الشعب من الحكومات السابقة، لأن نظام «مبارك» كان يحتمى بأجهزة أمنية قوية جداً، ومن بعده كان يحتمى بميليشيات عديدة، أما حكومة «الببلاوى» والحكومة الحالية فأقرب إلى الشعب من حكومات «مبارك» و«مرسى»، فما لم تتخذ إجراءات لصالح أهداف الثورة، وسيظل حق العمال والشعب المصرى فى التغيير قائماً.
■ هل تقصد أنه لا يوجد فرق بين تعامل حكومة «محلب» والحكومات السابقة فى التعامل مع العمال؟
- لا يوجد أى اختلاف فى التعامل مع الأزمات العمالية، فالحل الصحيح الذى يراه أى شخص شريف قلبه على مصلحة الوطن، أن يسعى إلى عمل المصانع حتى تحقق أرباحاً، وتغطى أجور العمال، لكن هناك إرادة عليا تمنع تشغيل المصانع، وأنا شاهد عيان على ذلك.
■ ماذا تقصد بلفظ «الإرادة العليا»؟
- تتمثل فى أصحاب المصانع ورجال الأعمال، الذين احتكروا العديد من الصناعات، مثل الحديد والصلب والأسمنت، فهم لا يزال لهم نفوذ يمنع تشغيل هذه المصانع لصالح البلد.[FirstQuote]
■ وكيف ترى بيئة العمل فى مصر؟
- العامل المصرى أمامه أمران فى هذه الأيام، الأول هو الموت بأيدى الإرهاب وفساد «مبارك»، الذى سمح لانتشار الحوادث والكوارث فى الطرق والكبارى، والآخر بسبب الإهمال الذى أصاب الدولة المصرية ومرافقها العامة، ويتساقط كل يوم شهداء من نظام «مبارك» ومن إرهاب «الإخوان»، وإذا قرر الشعب مواجهة الفساد سيصطدم ببقايا الأنظمة التى سقطت وهم ما زالوا موجودين، يتحركون بحرية دون قيود، فالفساد الآن عشوائى وينتشر فى كل مكان ولا توجد قاعدة لتنظيمه، بعد رحيل الأنظمة التى كانت ترعاه وتوجهه وتنظمه، والشعب المصرى الآن محاصر أكثر من أى وقت مضى.
■ بماذا تفسر كثرة الإضرابات فى الفترة الأخيرة؟
- كثرة الإضرابات بشكل عام فى مصر بسبب غياب التنظيم النقابى القوى المنتخب القادر على حل نزاعات العمل عبر أساليب المفاوضة المختلفة، والذى بسبب غيابه لا يستطيع أحد التصدى لأى ظلم أو المطالبة بأى حقوق مثل حق الأجر، فوجود التنظيم النقابى يؤدى إلى حل نزاعات العمل، وغيابه يؤدى إلى الإضراب.
■ ما رأيك فى طريقة المستثمرين الأجانب مع العمال؟
- المستثمر الأجنبى يأتى إلينا بقوانين بلاده، التى تعطى العامل حقه كاملاً، سواء فى العمل اللائق أو الأجر، لكن معاونيه من أبناء مصر الذين «يبصقون فى فمه» -على حد تعبيره- يعلمونه فنون التحايل والنصب على العامل المصرى، وفى المقابل يحصلون على زيادات فى رواتبهم من المستثمرين.
■ وكيف ترى استمرار أزمة العاملين بـ«أسمنت طرة» حتى الآن لفترة تتجاوز الشهر؟
- كما قلت، لأن الإدارة العليا التى تتمثل فى أصحاب العمل الذين يفرضون نفوذهم على العمال، على الرغم من أنه بعد ثورة 25 يناير، شعروا بالذنب فى حق المجتمع والعمال، لكنهم عادوا أكثر طغياناً من ذى قبل.
■ كيف تستطيع الحكومة محاربة هذه الإرادة من وجهة نظرك؟
- أتمنى أن يكون هناك برلمان قوى يواجه هذه الإرادة، لكننى لست متفائلاً بالمجلس القادم، لأنه سيكون مكوناً من الأحزاب السياسية الضعيفة، وأتوقع أن يسيطر أصحاب الأموال على البرلمان المقبل.
■ ما تعليقك على الهجوم على التعددية النقابية؟
- مصر بلد خالٍ من النقابات، وهذا لا يعنى عدم وجود طبقة عاملة فى مصر، لكن ما أعنيه هو عدم وجود قيادة عليا تستطيع أن تدير حواراً وتحل أزمة.[SecondQuote]
■ معنى كلامك أنك لا تعترف بوجود الاتحاد العام لنقابات عمال مصر؟
- لا توجد قيادة عليا منتخبة فى الاتحاد العام، ولا توجد قيادة عليا منتخبة فى النقابات المستقلة، فيد الفساد فى كل الاتحادات العامة والمستقلة، ولا يوجد من يتحدث باسم شعب مصر، فلا بد من إصدار قانون منظم للعمل النقابى.
■ هل ستخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة؟
- لا.
■ لماذا؟
- اعتراضاً على التشريع الظالم الذى لا يليق بمصر بعد ثورتين، واعتراضاً على الحركة السياسية المفككة، التى لا تضع مصلحة الوطن العليا فى حساباتها.