قرارات البنك المركزي.. نهاية سوق الدولار الموازية

لينا مظلوم

لينا مظلوم

كاتب صحفي

صدقت كل وعود الرئيس عبدالفتاح السيسى باتخاذ إجراءات حاسمة سريعة ضد جميع مسببات الأزمة الاقتصادية التى عانت منها مصر خلال الأشهر الماضية باختلاف أوجهها، بداية من المضاربات والمتاجرة بالسوق الموازية للدولار، إلى انفلات المتاجرين بالسلع الأساسية التى يعتمد عليها المواطن البسيط وعدم انضباط السوق. خلال الأشهر الماضية توالت الإجراءات، على رأسها حملات مكثفة ومتتالية لضبط الأسعار وفق ما حددته الحكومة وتوفيرها.

قرار البنك المركزى السماح بتحديد صرف الجنيه وفقاً لآليات السوق، بالإضافة إلى تطبيق زيادة كبيرة على أسعار الفائدة بلغت 6%، هذه الإجراءات الجريئة وغير المسبوقة جاءت لتوجيه ضربة حاسمة أخرى من شأنها القضاء على كل الممارسات التى خلقت اضطراب أسعار الدولار بين السعرين الرسمى والموازى، أيضاً رفع سعر الفائدة بالتأكيد سيحقق أكثر من عائد إيجابى، سيهدف إلى حماية المدخرات بالعملة المحلية، سيعزز من مواجهة التضخم، كما سيشجع المزيد من المدخرين على الاستفادة من ارتفاع سعر الفائدة ليس فقط على الشهادات الاستثمارية، بل على الحسابات الجارية. قرار زيادة الفائدة، الداعم لقرارات البنك المركزى، سيجذب سيولة نقدية دولارية ومحلية مع إعلان البنوك البدء فى إصدار شهادات ذات عائد يصل إلى 30%.

قرار ترك الجنيه للعرض والطلب أمام باقى العملات لن يوجه فقط ضربة قاضية للسوق الموازية، هو أيضاً سيعمل إيجابياً على تشجيع الاستثمار نتيجة توحيد سعر سوق الصرف، كما سيزيد تدفق تحويلات المصريين فى الخارج.

مع تدفق المشاريع الاستثمارية العربية والأجنبية على مصر كان لا بد من إزالة جميع العوائق التى يعتبر أبرزها الفجوة السابقة بين سعرى صرف الدولار. بعد القرارات الأخيرة للبنك المركزى ستستمر هذه الفجوة فى التراجع وصولاً إلى القضاء تماماً على السوق الموازية. تحرير سعر صرف الجنيه كان إجراءً ضرورياً يكفل مساراً اقتصادياً حراً ومرونة لسوق الصرف بعد القضاء على الفجوة بين السوقين الرسمية والموازية.

بعد هذه القرارات سيرتبط مستقبل الجنيه بالنمو الاقتصادى المدعوم بالصفقات الاستثمارية المتدفقة على مصر مع المسارات العاجلة والحاسمة التى تعمل عليها الدولة وفق توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى. توحيد سعر الصرف الآن سيكون معبراً عن القيمة الحقيقية للجنيه، بدأ مع سلسلة الإجراءات التى اتخذتها الحكومة وبعد صفقة رأس الحكمة، الأمر الذى سيحسم قريباً برنامج التمويل المتوقع مع صندوق النقد الدولى، ما يدعم عوامل الثقة فى الاقتصاد المصرى عالمياً.

هذه القرارات جاءت مكملة لمرحلة تعافى واستقرار الاقتصاد المصرى مع وفود استثمارات عربية دولية لم تكن لتتحقق لولا ثقة المستثمرين، ما خلق حافزاً مشجعاً على اختيارهم مصر بعد حرص مؤسسات الدولة على توفير جميع التسهيلات والضمانات لفتح السوق أمام الشركات الكبيرة والمؤسسات الاستثمارية.

صدور قرار البنك المركزى أيضاً حدث فى أنسب توقيت وظروف زيادة المدخرات الدولارية بشكل كبير وبعد حزمة من إجراءات الحماية الاجتماعية، خصوصاً أنه لن يكون لتحرير سعر الصرف أى آثار سلبية على الأحوال المعيشية للمواطن البسيط.

السعر العادل للجنيه سينعكس إيجابياً على حجم الصادرات المصرية على اختلاف نوعياتها، كما يضمن وصولها إلى الخارج بسعر أرخص من مثيلاتها، ما سيحقق زيادة طلب على المنتجات المصرية.

كما سيؤدى إلى وصول الصادرات المصرية لترتفع إلى 145 مليار دولار خلال الست سنوات القادمة وفق وثيقة التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصرى، ما سيخفف الطلب على الدولار.

الاقتصاد منظومة متكاملة وشاملة تحوى مسارات ومجالات لا حصر لها، إذ لا يمكن إغفال الإقبال الحاصل على الاستثمار فى مصر والمؤكد زيادة وتيرته بعد قرارات البنك المركزى الأخيرة دون التطرق إلى الأثر الإيجابى على زيادة الاستثمارات سواء كانت مشاريع إنتاجية أو خدمية، ما سيسهم فى تراجع معدلات البطالة.

قطاع السياحة، أحد أهم موارد دخل مصر من العملات الأجنبية، أيضاً سيحقق نقلة إيجابية، إذ سيدفع انخفاض قيمة الجنيه إلى زيادة تدفق عدد السائحين إلى مصر بتكلفة أقل مما توفره لهم الخدمات السياحية فى الدول الأخرى. خطوة مهمة أخرى من المتوقع أن يواكب قرار تحرير سعر الصرف ارتفاع التصنيف الائتمانى للاقتصاد المصرى فى إجراء يعكس ازدياد الثقة فى قوة الاقتصاد المصرى.

هذه الانفراجة الاقتصادية بالتأكيد سيكون لها مردود مع كل المحاولات الجادة التى تبذلها الدولة لضبط السوق بشكل كامل والخروج من أزمة التضخم، كما تسهم فى توفير سيولة لدعم القطاعين الصناعى والزراعى، بالإضافة إلى القطاعات القائمة على التصدير.