دعاء حلمي تكتب: الإسماعيلية.. بوابة مصر.. المدينة التي تجمع قارتين

دعاء حلمي تكتب: الإسماعيلية.. بوابة مصر.. المدينة التي تجمع قارتين
- الإسماعيلية
- قناة السويس الجديدة
- مدينة التمساح
- البوابة الشرقية لمصر
- الإسماعيلية
- قناة السويس الجديدة
- مدينة التمساح
- البوابة الشرقية لمصر
الإسماعيلية كما لم أعرفها من قبل.. فقد عهدتها تلك المدينة الزاهية بحدائقها الممتدة وزراعاتها الغنية وهدوئها الجاذب للنفوس، وتاريخها النضالى فى واقعة 25 يناير، اليوم الذى تحول إلى عيد للشرطة المصرية الباسلة فى مقاومتها للاحتلال الإنجليزى عام 1952 قبل ثورة يوليو بـ6 أشهر فقط، لتكون شرارة التحرير.. وتحركت عجلة التاريخ لتكون حداً فاصلاً بين عهد الملكية وما بعده وحتى الآن.
لم أقف طويلاً أمام تاريخها أو وقيمتها الضاربة فى عمق التاريخ المصرى منذ آلاف السنين، ولكننى فعلتها اليوم عندما ذهبت فى رحلة بحرية على عبارة عسكرية تصطحب المواطنين فى رحلة بحرية ساحرة فى قناة السويس القديمة والجديدة مروراً بخط بارليف وتحديداً قطاع 6، وهو ما دفعنى للبحث حول تلك المحافظة البهية الآمنة.
فهى مدينة التمساح كما سمّاها المصرى القديم، حيث تعود نشأة المدينة إلى عصر ما قبل الأسرات، التى كانت المقاطعة الثامنة فى إقليم مصر الدنيا، وعاصمتها (بيتوم)، أى بيت الإله بالهيروغليفى.
كما سمّوها «هيربوليس» فى العصر البطلمى أى مدينة المخازن لأنها مركز التبادل التجارى بين الهند وأوروبا، فهى البوابة الشرقية لمصر.. غربها يقع فى قارة أفريقيا، أما شرقها فيدخل فى نطاق قارة آسيا.. أى أنها المدينة التى جمعت بين أقدم القارات أفريقيا وآسيا.
رغم أن مساحتها الكلية الآن لا تزيد على 5066 كيلومتراً مربعاً فقط، فهى على شكل مربع «أشبه بالشكل الهندسى للبيت»، وتقع فى القلب بين سيناء شرقاً ومحافظة الشرقية غرباً والسويس جنوباً وبورسعيد شمالاً.
أما قيمتها الروحية فقد سار على أرضها أنبياء الله إبراهيم ويوسف ويعقوب وموسى، ومرّت على أرضها العائلة المقدسة، وكانت بوابة الفتح الإسلامى على يد عمرو بن العاص.
ظل اسمها مدينة التمساح حتى أطلق اسم الإسماعيلية على المدينة نسبة إلى الخديو إسماعيل 1863.
أما ترعة الإسماعيلية التى تبدأ من النيل بشبرا، فكانت تسمى ترعة السويس الحلوة وتتفرّع إلى فرعين أحدهما إلى السويس، والآخر إلى بورسعيد، والتى أكمل الخديو إسماعيل حفرها تحت رعاية شركة قناة السويس، لتروى محافظتى الشرقية والقليوبية، وما إن وصلت مياه النيل العذبة إلى منطقة برزخ السويس «وهى منطقة الترابية التى تفصل بين البحر الأبيض والبحر الأحمر»، فكلمة البرزخ فى الجغرافيا تعنى الحاجز الأرضى بين بحرين، بعكس المضيق، الذى هو ممر مائى بين أرضين.
أما لغوياً فكلمة البرزخ هو الحد الفاصل بين عالمين، ولذلك يُطلق على المرحلة الفاصلة بين الموت والبعث «عالم البرزخ».
وهناك فى برزخ السويس الفاصل بين البحرين، تم أيضاً شق قناة السويس بعد أن قام الخديو إسماعيل باستكمال شق ترعة الإسماعيلية لتروى محافظتى القليوبية والشرقية وتصل مياه النيل إلى السويس، ومنها إلى سيناء.
ومنذ ذلك اليوم بعد أن وصلت مياه النيل العذبة إلى منطقة برزخ السويس حتى انقلبت حياة البشرية جمعاء، رأساً على عقب حتى يومنا هذا بوجود قناة السويس ذات المكانة التاريخية والحضارية العالمية، والتى استغرق حفرها 10 سنوات، وتم الانتهاء من حفرها عام 1859، وطولها 193 كيلومتراً، لتشهد بعدها تلك المنطقة المفصلية أحداثاً جساماً نعرفها جميعاً، منذ اتفاقية سايكس بيكو عام 1916.
لتدخل المنطقة العربية بأسرها تحت الاحتلال، سواء الاحتلال الإنجليزى أو الفرنسى أو الصهيونى، ويدفع فيها أرواح شهدائنا الأبرار على مر الحروب، انتهاءً بحرب 6 أكتوبر الباسلة لتُنهى ظاهرياً الصراع الدائر بين مصر وإسرائيل.
وفى يوم 6 أغسطس 2015 تم افتتاح قناة السويس الجديدة بطول 35 كيلومتراً، والتى استغرقت 11 شهراً فقط للانتهاء من حفرها، وهو الحدث الذى لا يمكن فصله عما يجرى الآن، فكما كانت قناة السويس القديمة حداً فاصلاً بين زمنين كانت أيضاً قناة السويس الجديدة.
ليأتى اليوم وتشهد أيضاً تلك المنطقة تأثراً بالغاً بعد أحداث السابع من أكتوبر كما تأثر بها الجميع من مشارق الأرض إلى مغاربها بمشاهد الحرب غير العادلة بعد حدث لا يقل قوة وأثراً عن سابقيه، ونعيش أجواء حرب عالمية ثالثة مصغرة بين أقطاب العالم.
وكما كان الانتصار هو وعد الله الحق وعودة الأرض لنا سيكون الانتصار، ففى التاريخ دائماً الحكمة والعبرة.
فلم تكن هذه الحياة من صنع قناة السويس بقدر ما هى من صنع مياه النيل التى وصلت إلى البرزخ، لتصبح دائما فاصلاً بين عالمين أحدهما نحياه اليوم.. والآخر نحياه غدا فى الأرض الجديدة.