المسرح الكويتي.. ريادة على المستوى الخليجي وتجسيد لثراء المجتمع
بداية مبكرة عام 1938 ودفعة قوية على يد زكي طليمات
![احتفالات الكويت](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/731442401708890004.jpg)
احتفالات الكويت
تُعرف دولة الكويت باهتمامها الشديد بالثقافة على مختلف مستوياتها ومجالاتها، وتعد الحركة المسرحية في الكويت من النشاطات الثقافية البارزة هناك، ومن أبرز أنواع النشاط الفني فيها وأكثرها امتيازاً، وإن كانت المسرحية المحلية قد اقترنت بالكلمة المحلية، شكلاً ومضموناً، خلال ما عُرض على خشبة المسرح في الكويت عبر ثلاثين عاماً - أي من عصر الارتجال إلى عصر التجريب ثم التميز والانتشار- فإن النص المسرحي الأدبي يعد من أبرز عطاءات البحث عن الذات.
وبدأت معرفة الكويت بالمسرح منذ عام 1938 على يد أساتذة أفاضل من بعثة المدرسين العرب، تلك التي جاءت إلى الكويت في ديسمبر 1936، ويذكر أن أول مسرحية من نشاطات المسرح المدرسي كانت من تقديم طلاب مدرسة المباركية التي أقيمت على ساحتها في عام 1939، حيث عرضت مسرحية «إسلام عمر» أو «عمر بن الخطاب في الجاهلية والإسلام»، وفى العام الدراسي نفسه قدمت «مسرحية مصر»، التي تناولت سيرة الفاتح العربي «عمرو بن العاص».
واستمرت المحاولات المسرحية مرتبطة بالمدارس، إذ تشكلت في عام 1939 فرقة بمدرسة الأحمدية، وفي عام 1940 ظهرت فرقة مدرسة الشرقية، ثم فرقة مدرسة القبلية، فتأسست بذلك أربع فرق مسرحية في المدارس الأربع، ثم توسع المسرح المدرسي بعد بعثة الطلاب إلى مصر، فكانت لهم تجارب أثرت في الحركة المسرحية، ومن نتائجها مسرحية «المروءة المقنعة» في نوفمبر 1947.
وبعد ذلك مثلت فرقة التمثيل رواية هزلية اسمها «مهزلة في مهزلة»، التي تعتبر أول نص مسرحي كتب في الكويت، من تأليف الشاعر أحمد العدواني، ثم أخذت الحركة المسرحية الطابع الرسمي، وذلك بعد استدعاء دائرة الشئون الاجتماعية والعمل رائد المسرح العربى والكويتي، الأستاذ زكي طليمات، للتباحث معه في شئون المسرح، بهدف تنمية إنتاجه وتعميقه، وقد عمل بجهد صادق لإبراز النواحي المسرحية في الكويت، ووضع تقريراً مفصلاً بشأنها، محاولاً ترسيخ المفاهيم الجديدة في البيئة لتقبل الفن المسرحى، مع الإقناع بأنه ليس خرقاً للتقاليد والعادات، وقد رفع بعدها تقريره إلى الدائرة، وهو عبارة عن بحث مستفيض يمكن أن يحدد الكثير من طبائع الحركة المسرحية، ويرسم خط المستقبل المسرحي كما تصوره.
وربط التقرير بين ألوان النشاط الفني (المسرح - الموسيقى - السينما)، ووصف واقع الحركة المسرحية في الكويت، كما تحدث «طليمات» في تقريره عن النشاط التمثيلي، وكانت له اقتراحات محددة لتنشيط هذا المجال الجديد على أبناء الكويت.
دور زكي طليمات
تمركزت مهمة زكي طليمات في إنشاء فرقة للتمثيل العربي، فقام في أكتوبر 1961، بالتعاون مع (دائرة الشئون)، بتكوين (فرقة المسرح العربي) كنواة للمسرح الكويتي الحديث، لتبدأ مرحلة جديدة من تاريخ المسرح في الكويت، تحت إشراف زكي طليمات وتوجيهاته، وتكونت فرقة المسرح العربي نتيجة لاختبار عملي وليست بتلقائية الزمالة في المدرسة أو فريق الكشافة.
إذ أعلنت الوزارة بياناً من الإذاعة وبواسطة الصحافة تطلب مشاركة من يرى في نفسه القدرة والرغبة، فتقدم 250 رجلاً تم اختيار أربعين من بينهم، يعتبرون نواة المسرح، وانضمت لأول مرة فتاتان كويتيتان، وضمت الفرقة إلى جانب هذا العدد من الكويتيين والكويتيات خمسة عشر عضواً من أبناء الأقطار العربية وممثلتين مصريتين، وتم الاختيار بمعرفة «طليمات».
وإلى جانب تكوين هذه الفرقة، كان من أبرز منجزات زكي طليمات المسرحية كذلك بروز الفنان الكويتي المعروف حسين الصالح مخرجاً موهوباً من بين تلاميذ مدرسة زكي طليمات الدرامية.
السينما الكويتية
كانت الكويت من أوائل الدول العربية، التي حاولت الاستفادة من فن السينما، حيث كان الكويتيون على معرفة بالسينما من خلال أسفارهم التجارية إلى الدول التي كانت تتوافر فيها دور العرض، مثل الهند ومصر وغيرهما، وكان ارتياد السينما يعتبر من الوسائل التي يطّلع الناس من خلالها على أساليب الحياة المختلفة التي كانت سائدة في حياة الشعوب الأجنبية الأخرى، حتى تلك التي لم تصلها سفنهم كأمريكا وأوروبا مثلاً، وكان ارتياد السينما يعتبر إحدى وسائل التسلية والاستمتاع للبحارة والتجار، عندما تحط سفنهم في موانئ الهند والموانئ الأفريقية بعد عناء أسفارهم البحرية المضنية، وكانت فرصة لمشاهدة تقنية لم تكن موجودة حينذاك في الكويت.
أما في داخل الكويت، فقد كان الناس، وبخاصة الميسورون، يقومون بعرض أفلام روائية طويلة عربية وأجنبية في منازلهم على آلات عرض خاصة بهم، ويذكر المؤرخ عبدالله الحاتم أن أول آلة عرض سينمائي دخلت الكويت عام 1936، وكانت للأمير الراحل الشيخ أحمد الجابر الصباح «طيَّب الله ثراه»، وقد استمرت عادة اقتناء آلات العرض لدى الكثيرين، حتى بعد أن أقيمت دور العرض في الكويت.
وكانت هذه الأفلام تُعرض كنوع من التسلية ليستمتع بها أهالى الحي، وأحياناً كانت تعرض بعد حفلات الزفاف وفى أثنائها وفي المناسبات السعيدة، واستمر عرض هذه الأفلام في المنازل حتى بعد تأسيس دور العرض. وبالنسبة لإنشاء دور العرض، فلقد أنشئت شركة سينما الكويت «سينما الشرقية» كأول دار للسينما في الكويت في عام 1954، ثم أنشئت بعد ذلك العديد من دور العرض، ويزيد عدد شاشات العرض حالياً على 70 شاشة عرض تضمها نحو 20 دار عرض، ويتم تجهيز المزيد من دور العرض في الوقت الراهن، وتعد الأفلام المصرية هي الأفلام العربية المفضلة لجمهور السينما في الكويت.
التصوير
يذكر المؤرخ الكويتي «سيف مرزوق الشملان»، في كتابه «تاريخ الغوص على اللؤلؤ في الكويت والخليج العربى - الجزء الثاني»، أن أول من اهتم بتصوير سفن الغوص على اللؤلؤ في الكويت هي السيدة «أم سعود»، زوجة الكولونيل «ديسكون» -أحد المعتمدين البريطانيين في الكويت- و«أم سعود» هي الوحيدة التي صورت «البتيل» سفينة المرحوم راشد بن أحمد الرومي، كذلك صور «فليبر»، وهو سائح أسترالي، الفيلم التسجيلي الوثائقي «أبناء السندباد»، وكان فيلماً سينمائياً مدته ساعتان، عن جميع أعمال البحر من عدن حتى الوصول إلى الكويت، عندما سافر مع النوخذة «على بن ناصر النجدي» بسفينة إلى سواحل أفريقيا الشرقية ومر بميناء عدن، ويسجل أيضاً لمحمد حسين قبازرد أنه أول مخرج فيلم وثائقي كويتي طويل مع استعانته ببعض اللقطات الأرشيفية من شركة «نفط الكويت».
ولا نغفل هنا الأفلام التسجيلية التي ساهمت شركة «نفط الكويت» في إنتاجها منذ عام 1946، عندما سجلت تحميل أول شاحنة نفط، ثم مساهمتها بعد ذلك في تسجيل الأحداث المهمة، سواء في حقل عملها، أو في الكويت بشكل عام، مثل بناء الجزيرة الاصطناعية، ومحطات تكرير البترول، وبناء الخزانات، وإنشاء مشروع الغاز وغيرها.
وفى مطلع عام 1950 أنشأت وزارة التربية «دائرة المعارف آنذاك» قسماً للسينما، وخلال السنوات اللاحقة، أنجز هذا القسم ما يقرب من 60 فيلماً تعليمياً بين عامَى 1959 و1961، كما قامت دائرة الشئون الاجتماعية والعمل بإنتاج بعض الأفلام الثقافية عن تقاليد الزواج والغوص، ولحقت وزارة الإعلام بهاتين الهيئتين بعد انتقال مسئولية الإنتاج السينمائي إليها، وكان أبرز إنتاج لها عام 1962، هو فيلم «اليوم المشهود» عن يوم «عيد الاستقلال».