الأميرة رشا يسري تكتب .. إسرائيل بين رفعها سقف المطالب وسعيها لنسف المفاوضات
ما من شك أن المشهد السياسى فى إسرائيل يسير عكس الجهود الساعية إلى إنجاح المفاوضات التى تجرى الآن فى العاصمة الفرنسية باريس، وتهدف إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، إذ لم يعد واضحاً ما إذا كانت تل أبيب تسعى إلى رفع سقف مطالبها أم تسعى إلى نسف تلك المفاوضات.
فقبل ساعات من بدء المفاوضات، اتخذت حكومة «نتنياهو» قراراً بانعقاد مجلس التخطيط الأعلى، للموافقة على بناء آلاف الوحدات السكنية فى المستوطنات الفلسطينية، ومثل هذه المواقف تؤكد أن إسرائيل غير جادة فى إنجاح المفاوضات.
وبينما يتعرض «نتنياهو» لضغوط من إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن وضغوط داخلية للمضىّ قدماً فى المفاوضات الساعية إلى وقف إطلاق النار وإعادة المحتجزين، أذاعت وسائل إعلام إسرائيلية عشية انعقاد قمة باريس تقارير عن الحديث الأول للحكومة فى اليوم التالى للحرب، بمخطط لحكومة نتنياهو تريد منه نزع سلاح القطاع وأن يكون لها دور فى إدارته.
خطورة هذا المخطط تتمثل فى إعلانه قبل ساعات من مفاوضات باريس، ويتناول: «إدارة قطاع غزة بعد سقوط حماس، ويشمل الحفاظ على الحرية العملياتية للجيش الإسرائيلى، والسيطرة الأمنية الكاملة على غلاف القطاع والنزع الكامل للمنظمات الإرهابية من أى قدرة عسكرية» بحسب ما جاء فى المذكرة وأعلنته وسائل الإعلام الإسرائيلية قبل ساعات.
وعلى المستوى المدنى، اقترح «نتنياهو» أن تتم إدارة غزة من قبل «مسئولين محليين-فلسطينيين- ذوى خبرة إدارية، طالما أنهم لا يرتبطون بكيانات تدعم الإرهاب - إلى جانب إغلاق الأونروا» وفق ما أذاعته القناة 13 العبرية صبيحة انعقاد مفاوضات باريس.
وتنقسم الخطة التى قدمها «نتنياهو» إلى ثلاثة أطر زمنية: فورية ومتوسطة وطويلة المدى قال فيها: «سيتم خلالها نزع سلاح القطاع ونقل السيطرة عليه إلى كيانات محلية، وبعد ذلك سيتم تنفيذ برامج إعادة الإعمار التى تمولها وتقودها دول مقبولة لدى إسرائيل».
وفقاً لاقتراح «نتنياهو»، سيواصل جيش الاحتلال الإسرائيلى الحرب حتى تحقيق أهدافه: «تدمير القدرات العسكرية والبنية التحتية لحماس والجهاد الإسلامى، وعودة المحتجزين ومنع التهديد من قطاع غزة لفترة طويلة.
وستعمل إسرائيل على أن تكون لها السيطرة الأمنية على غلاف القطاع لإنشاء قطاع أمنى، والذى سيقام «طالما أن هناك حاجة أمنية إليه».
وبحسب الخطة أيضاً، التى تبدو كشرط لموافقتها على وقف إطلاق النار: «سيكون هناك نزع كامل لجميع القدرات العسكرية فى غزة كما هو مذكور - وتقع مسئولية مراقبة تحقيق هذا الهدف على عاتق إسرائيل، بالإضافة إلى ذلك، تريد إسرائيل أن تقيم سياجاً على الحدود بين غزة ومصر».
وعلى المستوى المدنى -بحسب الخطة- ستُعهد إدارة القطاع إلى «مسئولين محليين من ذوى الخبرة الإدارية، غير مرتبطين بدول أو جهات تدعم الإرهاب، ولن يتقاضوا راتباً منهم، كما سيتم تقديم برنامج مكافحة التطرف فى جميع المؤسسات الدينية والتعليمية والرعاية الاجتماعية فى غزة، لمنع الرغبة فى الإرهاب بين جيل الشباب، بمساعدة الدول العربية التى لديها خبرة فى تعزيز مكافحة التطرف فى أراضيها».
بالإضافة إلى ذلك، وفقاً لاقتراح رئيس الحكومة: «ستعمل إسرائيل على إغلاق الأونروا وكالة الأمم المتحدة للإغاثة»، وبحسبه فإن «ما لا يقل عن 10% من موظفى الوكالة مرتبطون بمنظمات إرهابية فى غزة، وسنحاول استبدالهم بمساعدات دولية مسئولة».
ويزعم بيان «نتنياهو» أن «إعادة إعمار القطاع لن تكون ممكنة إلا بعد الانتهاء من عملية نزع السلاح وبدء عملية نزع التطرف».
وستكشف الساعات المقبلة عما إذا كان ما سبق شكلاً من أشكال مساعى إسرائيل لرفع سقف مطالبها فى المفاوضات، أم سعياً لنسفها من الأساس.