الطاقة في مصر وخطة «التاءات الخمسة»!

أحمد رفعت

أحمد رفعت

كاتب صحفي

خطة «التاءات الخمسة»، التى تحدثنا عنها من قبل تسير بخُطى ثابتة وجيدة، وتحدث عنها الرئيس عبدالفتاح السيسى اليوم فى افتتاح مؤتمر «إيجبس»، والتاءات الخمسة هى الكلمات الخمس، التى تبدأ بكل منها محاور ونقاط خطة الدولة المصرية فى استراتيجيتها للطاقة، والتى كما قلنا ليست متروكة للصدفة ولا تُدار عشوائياً، ولا وفق الظروف والمناسبات، و«التاءات» تعنى أن كل مستهدفاتها تبدأ بحرف التاء، وهى بغير ترتيب كالآتى: توفير احتياجات المصريين من الطاقة بجميع أنواعها وأشكالها.. توسّع فى اكتشافات الغاز والبترول.. توسّع فى صناعات البتروكيماويات.. توصيل الغاز الطبيعى إلى المنازل والقطاع الخاص.. وأخيراً تحويل مصر إلى مركز إقليمى للطاقة!

من أجل ما سبق سارت الدولة فى عدة طرق.. «الاكتشافات الجديدة»، وقد بذلت فيها الدولة جهوداً كبيرة حتى تكاد تكون كبرى شركات العالم تعمل على الأرض المصرية، ليس فقط الشركات المعروفة شعبياً، مثل «إينى» الإيطالية و«بى بى» البريطانية و«روس نفط» الروسية، وإنما أيضاً «أباتشى» الأمريكية و«فالكو إنيرجى»، و«توتال إنيرجى» الفرنسية، و«شل «الهولندية» وغيرها وغيرها!

وكان العام الماضى مثالياً فى عدد الاكتشافات البترولية الجديدة، حيث بلغت 65 كشفاً من خلال 29 اتفاقية بقيمة 1.2 مليار دولار بمنح توقيع بلغت 61 مليون دولار، بينما بلغ حجم إنتاجنا من الطاقة (نفط وغاز) 74 مليون طن سنوياً، منها 45 مليون طن غاز! مشروع «أنوبك» بأسيوط، وهى إحدى الشركات المهمة الكبيرة، التى افتُتحت قبل عامين تقريباً، وهذا المشروع -كما قلنا هنا من قبل وعلى المساحة ذاتها- يستهدف توفير احتياجات الصعيد من مشتقات البترول بعد أن كانت تصل إليه من محافظات الوجه البحرى، ونقلاً -تحديداً- من السويس وأطراف القاهرة! وكان ذلك مخاطرة كبيرة، فضلاً عن إهداره الوقت والجهد.. المشروع أيضاً -طبعاً- سيُسهم فى تقليل فاتورة استيراد المنتجات البترولية، حيث يتخطى إنتاج المجمع الـ1.5 مليار دولار سنوياً!

أما فى عام 2020، فقد افتتح مجمع مسطرد لتكرير البترول لإنتاج المنتجات البترولية عالية القيمة، والمجمع يُعرف فى الأوساط البترولية بـ«مجمع التكسير الهيدروجينى»، الذى بلغت استثماراته رقماً هائلاً تخطى 3.4 مليار دولار!.. وهو ما يجعل العمل بالمشروع ووحداته الإنتاجية تصل طاقتها إلى ٤٫٧ مليون طن سنوياً من مختلف المنتجات البترولية.. بنزين بمعايير أوروبية، وسولار، ووقود طائرات ومازوت وبوتاجاز وغيرها!

بينما فى 2016 افتتح الرئيس مجمع بتروكيماويات الإسكندرية، أو مجمع «أثيدكو» لصناعة البتروكيماويات، التى تنفّذها الشركة المصرية القابضة للبتروكيماويات على مساحة كبيرة تصل إلى 175 فداناً بمنطقة العامرية.. والمشروع شركة مساهمة مصرية 100% وباستثمارات كبيرة تبلغ نحو 1.9 مليار دولار!.. وينتج الإيثيلين بطاقة 460 ألف طن سنوياً، والبولى إيثيلين بطاقة 400 ألف طن.. أى يغطى المجمع احتياجات السوق المحلية مع تصدير الفائض!

لذلك مع الاكتشافات الجديدة والخطى الثابتة فى هذا المجال، أصبحنا، ورغم أى أزمات أخرى نمر بها ونواجهها، نسعد بها ونتفاءل باكتشافها، لأنها ترسم صورة المستقبل، ولكن لنا أن نسعد أيضاً لانعكاس ذلك على حياة الناس حالياً ومستقبلاً، فالرقم الذى قاله الرئيس السيسى عن نسبة عدد المنازل التى تم توصيل الغاز الطبيعى إليها، وهو ثلثا البيوت المصرية، لم يتم صدفة، وإنما لأنه جزء من الرؤية الاستراتيجية إلى حد توفير كل الإمكانيات لتوصيل الغاز الطبيعى إلى البيوت والمصانع، ليحل محل البوتاجاز الذى نستورده ويرفع فاتورة الواردات المصرية من الطاقة ويكلف الخزانة العامة أموالاً كبيرة، وقد بلغ العمل فى هذا الملف حد وصول الغاز إلى 100 ألف وحدة سكنية شهرياً، وبما يزيد على مليون و200 ألف وحدة سنوياً!

وهكذا تزيد الاكتشافات وتزيد قدرات مصر وإنتاجها من البتروكيماويات، وتزيد نسبة توصيل الغاز الطبيعى إلى المنازل والمصانع.. باختصار تستمر الرؤية المصرية لملف الطاقة فى سيرها بخُطى ثابتة وناجحة.. ولله الحمد.. بما أدى إلى وجود مشروعات كبيرة وعملاقة بأموال مصرية خالصة، وباعتماد كامل على أيدٍ وخبرات مصرية خالصة أيضاً، فضلاً عن تراجع فعلى فى فاتورة استيراد الطاقة وكانت كبيرة ومرهقة قبل سنوات، ربما تناولناها بالأرقام لاحقاً، وكذلك نوزّع ملف الاكتشافات بما يُحقّق أعلى عائد لمصر، وبما يمنع احتكار دولة أو جهة بعينها لها، فضلاً عن التنوع فى الملف بين طاقة شمسية وأخرى غازية وأخرى بخارية وأخرى حرارية وغيرها بالرياح، وأخيراً ما تحدثنا عنه قبل أيام من طاقة نووية، وتناولنا فى مقال مستقل المحطة النووية!

وعلى كل حال.. الحديث متصل حول صور الطاقة الأخرى.. وما تحقّق فيها من إنجازات وما بُذل فيها -كما قلنا- من جهد كبير وربما يحق وصفه بالخرافى وفى كل الاتجاهات.. وذلك حتى تصل الصورة كاملة أو حتى شبه كاملة إلى قارئنا العزيز!