"عاصفة الحزم" منعت تحكم إيران فى 50% من مسارات التجارة العالمية

كتب: اللواء علاء عزالدين

"عاصفة الحزم" منعت تحكم إيران فى 50% من مسارات التجارة العالمية

"عاصفة الحزم" منعت تحكم إيران فى 50% من مسارات التجارة العالمية

أثارت المشكلة اليمنية بين الشرعية من جهة، والحوثيين من جهة أخرى، جدلاً كبيراً فى الوطن العربى وفى مصر على وجه الخصوص، حيث تشكل اليمن أزمة لدى بعض النخب فى مصر ارتباطاً بدعم الثورة اليمنية فى الستينات، إلا أن تناول البعض لهذا الأمر غير مكتمل الجوانب والأركان فيما يخص الأمن القومى المصرى، والأمن القومى لا يخص الدفاع عن حدود الدولة فقط كما يتصور البعض، بل هو مفهوم يتناول الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والثقافية والتكنولوجية والبيئية. وبناءً على ذلك، فإن مراجعة أحداث الستينات لمقارنتها بأحداث المشكلة اليمنية لهذه الأيام واجب حتى نستطيع الحكم بجدوى اهتمام مصر بهذا الأمر من عدمه؛ ففى الستينات كان لدى مصر مفهوم أن الملاحة فى باب المندب والبحر الأحمر هى جزء أصيل من الأمن القومى المصرى، وعلى هذا الأساس ناصرت مصر ثورة اليمن، حيث كان النظام فى اليمن وهو نظام الإمام متوافقاً مع الاستعمار البريطانى فى عمان ويعمل فى اتجاه مضاد للمصالح المصرية فى هذه المنطقة، ورغم أن البعض يربط نكسة 1967 بالتدخل العسكرى المصرى فى اليمن، إلا أنه يغفل أن سبب النكسة هو الهجوم الجوى الإسرائيلى على القواعد والمطارات المصرية مما أفقد القوات المسلحة الغطاء الجوى اللازم لمعركة الأسلحة المشتركة الحديثة. وإذا رجعنا لأسباب حرب 67 نجد أن مصر بإغلاقها مضايق تيران فى وجه الملاحة الإسرائيلية كان الدافع الرئيسى للهجوم العسكرى الإسرائيلى على مصر، وفى إطار الاستعداد لحرب أكتوبر 1973 كان تعطيل الملاحة الإسرائيلية هدفاً للقوات المسلحة المصرية، وكان يستحيل على مصر إغلاق مضايق تيران مرة أخرى لسيطرة إسرائيل على كافة أراضى سيناء، ولكن تمكنت البحرية المصرية بالتعاون مع دولة اليمن الشقيق من إغلاق باب المندب فى وجه الملاحة الإسرائيلية، ولنا أن نتخيل ماذا كان يحدث لو لم تتدخل مصر فى اليمن فى الستينات وبالتالى لن تنتصر الثورة اليمنية كما حدث، وكان نظام الإمام سيستمر وأيضاً تستمر آلياته المناهضة تماماً للمصالح المصرية، وهنا نؤكد أن نجاح الثورة اليمنية كان عاملاً حاسماً فى مساعدة مصر على إغلاق باب المندب وقت الحرب. وبالعودة لهذه الأيام نجد أن المشكلة اليمنية بين المتمردين الحوثيين والشرعية فى اليمن، خاصةً بعد الثورة على عبدالله صالح وخلعه من الحكم، لا تتوقف عند حدود تمرد قطاع من الشعب اليمنى لمطالبته بحقوقه، ولكنها تخضع لحسابات تدخل قوى إقليمية تحاول السيطرة على ممر ملاحى مهم بالنسبة للعالم كله؛ فصادرات النفط من منطقة الخليج العربى والملاحة العالمية التى تأتى إلى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية تمر عبر 4 نقاط استراتيجية مهمة هى مضيق هرمز ومضيق باب المندب وقناة السويس ومضيق جبل طارق، ونعلم أن إيران التى تدعم الحوثيين الآن يمكنها التأثير سلباً على الملاحة فى مضيق هرمز بشكل سريع ومباشر، فإذا تركناها تسيطر مع الحوثيين على اليمن نجد أنها تمكنت من السيطرة على 50% من الممرات الاستراتيجية التى سبق ذكرها. ومن هنا تأتى أهمية عدم ترك اليمن تسقط فريسة فى أيدى الحوثيين، ومن يمولونهم،. ولعقد مقارنة بسيطة بشأن الرؤى الاستراتيجية أوضح أن الولايات المتحدة الأمريكية حتى تضمن استمرار تدفق النفط من دول الخليج إليها فى الوقت وبالسعر المناسبين سعت لإنشاء 5 خطوط أنابيب لنقل البترول وتجميعه من العراق ومنطقة الخليج ليصل خطان منها إلى ميناء المكلا جنوب اليمن على بحر العرب حتى تؤمّن استمرار وصول النفط فى حالة تعطل الملاحة فى أى من الممرات الاستراتيجية التى سبق أن ذكرتها، رغم أن من هذه الممرات مضيق جبل طارق التى تسيطر عليها دولة أوروبية إلا أنها لا تضع فى الحسبان من يسيطر على هذه الممرات فتعمل على ضمان وصوله إليها بعيداً عن أى توترات مع أصدقاء أو صراعات مع أعداء.