استفزازات «سموتريتش».. تبرير للفشل!

جمال حسين

جمال حسين

كاتب صحفي

يوماً بعد يوم يخرج علينا وزير المالية الإسرائيلى المتطرف سموتريتش بتصريحات استفزازية ضد مصر، فى محاولات لتبرير فشل حكومته فى تحقيق أهداف الحرب الثلاثة التى وضعها نتنياهو مما جعلهم فى مأزق حقيقى أمام شعبهم الذى خرج فى مظاهرات عارمة حاصرت مقر الحكومة ومنزل نتنياهو.. اتهم «سموتريتش» مصر بالمسئولية عما حدث فى 7 أكتوبر الماضى فى قطاع غزة إشارة إلى هجوم حماس المباغت على إسرائيل زاعماً أن الأسلحة تصل إلى المقاومة الفلسطينية عبر الأنفاق!

الغريب أن هذا الوزير المتطرف طلب أمس من نتنياهو عدم إرسال الوفد الأمنى الإسرائيلى إلى مصر، لكن نتنياهو رفض مطلبه وأصر على إرسال الوفد الأمنى إلى مصر لمحاولة تقريب وجهات النظر لتنفيذ اتفاق باريس لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار للحصول على أى انتصار حتى لو كان وهمياً.. وبالفعل وصل الوفد الأمنى الذى يضم كلاً من رئيسى الموساد ديفيد بارنياع، والشاباك رونين بار، والإدارة الأمريكية أرسلت مدير المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز للمشاركة فى مفاوضات تنفيذ اتفاق باريس بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل والتى تستضيفها مصر ويشارك فيها مسئولون قطريون وإسرائيليون وأمريكيون.

حسناً فعلت وزارة الخارجية المصرية عندما ردت على استفزازات وزير المالية الإسرائيلى رداً قوياً أكدت فيه أنه من المؤسف والمشين أن يستمر هذا الوزير فى إطلاق مثل تلك التصريحات والمزاعم غير المسئولة والتحريضية، التى لا تكشف إلا عن نهم للقتل والتدمير، وتخريب أى محاولة لاحتواء الأزمة فى قطاع غزة.

قال أحمد أبوزيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية، إن مثل تلك التصريحات غير مقبولة جملة وتفصيلاً، حيث تسيطر مصر بشكل كامل على أراضيها، وأضاف أن مصر لن تسمح لأى طرف بأن يقحم اسمها فى أية محاولة فاشلة لتبرير قصور أدائه، وقال إن تصريحات إسرائيل تدعو للسخرية، حيث إنه كلما كانت هناك جهود لتهدئة الأوضاع فى غزة، يسعى لسكب الزيت على النار لإشعال الموقف، فالقاصى والدانى يعلم أن تصريحات هذا الوزير المتطرف لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، فهو يحاول استفزاز مصر بكل الطرق.. سبق أن زعم أن إمدادات حماس من الذخيرة تمر عبر مصر من خلال الأنفاق، رغم أنه يعلم أن هناك إسرائيليين سرقوا الأسلحة والذخائر من مخازن الجيش الإسرائيلى وباعوها لحماس، وخلال حرب غزة الحالية قامت إسرائيل باعتقال جندى سرق أسلحة من مقرات الجيش وباعها، وتتم محاكمته حالياً، كما أن إسرائيل تعلم أن تهريب الأسلحة لحماس كان يتم عبر البحر المتوسط.

المتابع لسيل تصريحات هذا الوزير المتطرف يجد أنها تأتى عقب اتخاذ مصر أى إجراء يعرقل خطط إسرائيل فى محو الفلسطينيين من قطاع غزة.. هاجم مصر عندما أفشل الرئيس عبدالفتاح السيسى مؤامرة صفقة القرن التى كانت تقوم على تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة وتوطينهم من سيناء.. وهاجم مصر عندما عارضت تنفيذ عملية عسكرية فى مدينة رفح بقطاع غزة وحذرت من عواقبها الوخيمة وطالبت بضرورة تكاتف جميع الجهود الدولية والإقليمية للحيلولة دون استهداف مدينة رفح الفلسطينية التى تؤوى ما يقرب من 1.4 مليون فلسطينى، وهاجم مصر لأنها تعارض بشدة انتهاج إسرائيل لسياسة عرقلة نفاذ المساعدات الإنسانية، والذى يعد خطوة مهمة لتنفيذ سياسة تهجير الشعب الفلسطينى وتصفية قضيته.

‏هاجم مصر لأنها تواصل اتصالاتها وتحركاتها ومساعيها مع مختلف الأطراف من أجل التوصل إلى وقف فورى لإطلاق النار وإنفاذ التهدئة وتبادل الأسرى والمحتجزين، ولأنها تدعو القوى الدولية المؤثرة إلى الضغط على إسرائيل لوقف المجازر والإضرار بمصالح الجميع.

هاجم مصر لأن وزير الخارجية سامح شكرى أعلن أمام المسئولين فى أوروبا والعالم أن مستوى الدمار والقتل بين المدنيين فى قطاع غزة وصل لمستوى غير مسبوق، فى انتهاك صارخ لكل أحكام القانون الدولى وأن أعداد الضحايا الفلسطينيين تخطت كافة حدود المفاهيم الإنسانية، وحذر من العواقب الوخيمة لتوسيع دائرة العنف والعمليات، وقال إن السياسات التى تنتهجها إسرائيل تدفع نحو تحقيق سيناريو التهجير، ومصر تؤكد على الرفض الكامل بكل السبل لتهجير الفلسطينيين قسرياً من أراضيهم.

وشدد على أن الجانب المصرى منخرط فى العديد من المناقشات لاحتواء الأزمة، وتحقيق وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى، وإيجاد الأفق السياسى لحل الأزمة من جذورها على أساس حل الدولتين، وإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة.

نقول لهذا الوزير المتطرف: كفاك هذياناً وأكاذيب ومزاعم، فمصر على أهبة الاستعداد للتعامل مع أى سيناريوهات بشأن الأزمة وأن هذا الجنون والهذيان الذى وصل لأعلى مداه وأرسل سهامه الفاسدة لمصر ليس إلا هروباً من حالة الفشل والخيبة والعجز للجيش رقم 17 على مستوى العالم المدعوم بالمليارات الأمريكية، ورغم ذلك لم ينجح إلا فى تحرير رهينتين ولم يحصل على أى رهينة إلا بالانصياع لشروط المقاومة وشروط مصر وقطر والإفراج عن أعداد كثيرة من الأسرى الفلسطينيين، ولتعلم أن حكومتك لم تحقق سوى الدمار وقتل قرابة 30 ألفاً من المدنيين العزل أكثر من نصفهم من النساء والأطفال وتشريد أكثر من مليون ونصف فلسطينى تُركوا فى العراء ومُنع عنهم الطعام والشراب والدواء لتأكلهم الأمراض قبل القصف.

ونحذركم من استمرار التحرش بمصر حتى لا ينفد صبرنا، فمصر خط أحمر وخليك فى حالك أحسن، لكن نتنياهو رفض مطلبه وأصر على إرسال الوفد الأمنى إلى مصر لمحاولة تقريب وجهات النظر لتنفيذ اتفاق باريس لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار!