المعلم و«صلاح».. الزمن لا يتوقف!
لا أعرف سبباً لحبنا للنوستالجيا والاكتفاء بالنموذج الجيد، دون البحث عن تكراره وتطويره واستنساخه بأشكال أفضل وأكثر تأثيراً، أحياناً نستقر عند نقطة الاكتفاء، نعتقد أننا «قفّلنا اللعبة» ووصلنا للمرحلة الأخيرة منها، فلا داعى للبدء مجدداً فى البحث عن الأفضل، نجلس ونسرح بخيالنا نفكر فيما تحقق، دون التطرق لما يجب أن يكون، لما يمكن أن نبنيه على ما تم إنجازه.
منذ قديم الأزل، الحضارة المصرية أبهرت كوكب الأرض، الأهرامات والمسلّات والتماثيل ووادى الملوك وتوت عنخ آمون وذهبه الفريد، فعلها الفراعنة وتركوا لنا إرثاً عاش آلاف السنين، لكن توقفت الأمور عند هذا الحد، حتى الأغانى فى المناسبات المختلفة، وقفت عند حد صفاء أبوالسعود وأغنية «أهلاً بالعيد»، ومحمد عبدالمطلب وأغنيته الخالدة «رمضان جانا»، الأفلام التاريخية والدينية والأغانى والمسلسلات، عاشت عشرات السنين، لأنها صُنعت بجودة مختلفة، ومذاق مميز، ورغم كل محاولات الحداثة والاستبدال وخلق البدائل الجيدة، لا يكون أمامنا سوى العودة للماضى، وسماع أغنيات «أم كلثوم» و«عبدالحليم».
محمد صلاح، اللاعب الأسطورى الذى حطم صخرة العجز الكروى، وفتح آفاقاً لم يستطع أحد أن يحلم حتى بها للاعب أفريقى عربى مصرى، رحلة متفردة من الاعتماد على النفس والتعلم الذاتى وتطوير العقلية والمهارات والإتقان فى العمل، إلى أن أصبح واحداً من كبار اللعبة، لكن هل توقف الأمر عند هذا الحد؟ هل اعتبرنا أن صلاح كنز قومى غير قابل للتكرار؟ هل نتعامل مع صلاح على أنه الأخير من نوعه؟ هل فكرنا فى صناعة نماذج أخرى، حتى لو كان بالاستفادة من التجربة الحية الموجودة فى الحاضر؟
أسئلة كلها مشروعة وفى محلها، خاصة مع الاهتمام الواضح من الدولة ومؤسساتها بصناعة الرياضة فى مصر، بدءاً من زيارة الرئيس السيسى لمعسكر المنتخب الوطنى فى العاصمة الإدارية قبل السفر للمشاركة فى كأس الأمم الأفريقية التى ودعناها بشكل لا يليق، ومروراً ببرنامج «كابيتانو مصر» الذى قدمته الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية على قنواتها ومنصاتها لاكتشاف المواهب الكروية فى جميع محافظات مصر، وانتهاء بالدعم والتشجيع اللامحدود من جماهير الكرة المصرية التى تؤازر وتشجع كل من يحمل علم مصر فى أى رياضة، خاصة كرة القدم، معشوقة الجماهير. على نفس المسار، توقف بنا الزمن عند عصر المعلم حسن شحاتة، ومنتخب الساجدين، الذى كان يحصد البطولات المتتالية ووضع الكرة المصرية فى موضعها الصحيح، سواء أفريقياً أو عالمياً، وأصبحنا مع كل إخفاق للمنتخب الوطنى -والإخفاقات كثيرة- نتذكر تلك الأيام ونترحم عليها، وكأن مصر أفرغت من الكفاءات الكروية والتدريبية والإدارية، وكأننا لن نستفيق أبداً للبحث مجدداً عن الأمجاد، دون الاعتماد على أسماء بعينها، لأن حسن شحاتة ولى زمنه، ومحمد صلاح لن يلعب للمنتخب كثيراً فى المستقبل، ولأننا أكثر من مائة مليون، دولة كبيرة، بأحلام كبيرة، بقيادة داعمة لكل ما هو مفيد لمستقبل هذا البلد وشعبه، لذلك علينا ألا نبكى على الأطلال، ونعيد بناء البيت من جديد، وليكن البدء من «أساس» المنظومة الكروية فى مصر.