هل أنت حر مع «جوجل»؟!
أنت تتشكل كإنسان عبر السوشيال ميديا، أنت مجرد فطيرة فى فرن جوجل، يخبزها كما يشاء، يشكل رغباتك وأمنياتك ويقودك دون أن تدرى لما يريده وسيريده مستقبلاً، هذا هو ملخص ما نعيشه الآن، لن يكون هناك فولتير وروسو وكانط ونيتشه وسبينوزا الذين يغيرون الفكر ويشكلون العقل، لن يكون هناك قرارك أنت، القرار قرار جوجل، حتى ما يدعيه الغرب من أن هناك ديمقراطية وحرية لك كناخب، صار هذا الادعاء وهماً وخرافة، فجوجل يكشفك ويعريك، تصبح أمامه عجينة يشكلها كما يشاء، يقودك إلى المرشح الذى يريده هو، رغباته هو لا رغباتك هى التى تنتصر، يشكل الرأى العام كما يريد، كيف؟، مراسلاتك ومحادثاتك حتى الملغى منها والمحذوف يقرأه جوجل، فيعرفك أكثر من نفسك، يزيل رتوش التوافق الاجتماعى لتظهر ملامحك واضحة دون بوتوكس وفيللر، بكل تجاعيدها وبدون ماكياج، أشعة رنين مغناطيسى تخترقك وتفضح أمعاءك من الداخل بكل نفاياتها، جوجل يعرف بطاقتك البنكية وباسووردها، رصيدك وحساباتك وتعاملاتك، يرسم خريطتك الاقتصادية، اتصالاتك والأرقام والرسائل الإلكترونية المسجلة لديك هو يحفظها عن ظهر قلب، كلمات مرور حسابات التواصل الاجتماعى والمنصات والمتاجر الإلكترونية هى فى حوزته، هو معك فى السيارة من خلال الخريطة، أين ذهبت؟، ما هو المكان الذى زرته فى الصباح، وما هو الكافيه الذى جلست عليه فى المساء؟ وما هى المسافات التى تقطعها؟، جميع الأبليكيشنز والتطبيقات التى تحملها على تليفونك وكمبيوترك الخاص، هى تطبيقات مفضلة عندك، هو يعرف إذاً ماذا تفضل؟ وكيف ستتصرف بتلك التطبيقات؟! ماذا تشاهد على اليوتيوب؟ وما هى مدة مشاهدتك؟ وما هى المقاطع التى تجذبك؟ يعرف منها مزاجك؟ هل هو دموى يعشق الرعب؟ هل مدمن مقاطع إباحية؟ هل تتابع المقاطع الداعشية؟!.. إلخ، عندما تبحث فى جوجل، فموقعك الجغرافى محدد بدقة، وسجلات بحثك الدائب والمزمن تفضح اتجاهاتك حتى ولو أخفيتها عن زوجتك وأبنائك!، إذاً جوجل يعرفك أكثر من عائلتك، وسيفكر بالنيابة عنك، وغالباً سيصل إلى كبد الحقيقة فيما تفكر فيه بالضبط وتخفيه المواءمات الاجتماعية، فهل أنت فعلاً حر مع جوجل والفيس بوك ومنصة إكس.. إلخ؟ أنت لست أنت، ولكنك الصورة التى يريدها جوجل وإخوته، أنت مجرد إطار، سيلوفان يغلف، رأس بموصلات عصبية تنقل المعلومة، لكن هل صرت تتحكم فى المعلومة؟، هل لديك من الأدوات الصارمة ما يجعلك متأكداً ١٠٠٪ أن تلك هى الحقيقة؟، إنها ليست حقيقتك ولكنها الحقيقة التى أرادوها.