اللعب مع الزمن.. من غزل السجاد إلى الإبادة
- الحماية المدنية بالجيزة
- السيطرة على حريق
- النيابة للتحقيق
- تحرير محضر
- شقة سكنية
- قوات الحماية المدنية
- ماس كهربائي
- أخطر
- أمن الجيزة
- الحماية المدنية بالجيزة
- السيطرة على حريق
- النيابة للتحقيق
- تحرير محضر
- شقة سكنية
- قوات الحماية المدنية
- ماس كهربائي
- أخطر
- أمن الجيزة
إذا زرت رجلاً من قبائل «الهوسا» ودخلت خيمته، فإن طقوس الترحاب والسلام قد تستغرق عشرين دقيقة، لا يمكن اختصارها، فيما لو ذهبت لمنزل صديقك فى نيويورك، فإن اللقاء يجب أن تحدد وقته بالدقيقة، ستقدم هدية رمزية، وقد يختصر الصديق الترحاب فى كلمة «هاى»، أو يمد يده مضمومة لتقابل يدك المضمومة فى تلامس سريع.
فى نيويورك، يضبطون أنفسهم على الساعات، فالكتلة الكبرى من السكان منغمسة فى نشاط اقتصادى ضخم، الفرد ترس صغير، فى ماكينة ضخمة، ينتج الحد الأقصى، وينال ساعات الراحة ليستريح، لمعاودة الإنتاج، وخلال الراحة يستهلك الحد الأكبر من الإنتاج، حتى لا تتوقف المصانع، ويتوزع الفائض ويتراكم ثمنه، وتدور العجلة، لا وقت مفتوحاً.
ما حدث فى نيويورك هو تطور من المجتمعات كان لديها فائض فى الوقت تعمل حتى سد احتياجاتها من الأكل والأمن إلى مجتمعات لديها وفرة فى الوقت أنتجتها الثورة الصناعية، بعد اختصارها عمل الإنسان بفعل الآلة، ثم إلى مجتمعات حداثية عادت لندرة الوقت، لأن الإنتاج تراكم وتحتاج لاستهلاكه وصنع جديد. فما بين العمل وكورسات الدراسة والترقى والترفيه، لا يجد البشر وقتاً، حتى الترفيه تقولب فى «الجيم» أو رحلات معدة سلفاً، ومخططة ومضبوطة على عقارب الساعة.
هناك فى نيويورك وجيرانها عقارب الساعة تظلل كل شىء من العلاقات الاجتماعية للاقتصاد، ومن الفلسفة إلى السياسة.
فى أصفهان يجيد تجار البازار بيع السجاجيد، يذهب إليهم السائحون من كل أنحاء العالم، يبحثون عن إنتاج صانع ماهر فنان، شيمته الصبر، قادر على نسج مائة غرزة فى السنتيمتر الواحد، يستغرق عمله فى السجادة الواحدة 30 شهراً، قد تمتد لأربع سنوات إذا مرض الصانع أو توقف.
هناك سيرحب بك ويفاوضك طويلاً، وهو ينتظر تقدير السنوات الأربع، وخبرة الأربعة آلاف عام، لن يقبل أن يخسر أبداً.
هناك نظرتان للوقت تحكمان إيقاعه، على ما قال روبرت لافين فى دراسته جغرافيا الوقت، الأولى هى وقت «ساعة الحائط» والثانية «وقت الحدث».
يأتى موعد الشاى عندنا بعد الغداء، ويأتى الغداء حين نشعر بالجوع ظهراً، فيما يشرب الإنجليز الشاى فى الخامسة مساء. هذا هو الفرق.
فى نيويورك على ساحل المحيط الأطلنطى، تقود ساعة العمل البشر، وفى أصفهان، يتقدم الحدث أولاً، تمشى عقارب الساعة حين تتم عملية البيع، بثمن مُرضٍ.
فى سياق الصورة الكلية، فى إيران، لا قيمة للدقة المفرطة، لن ينعم بائع السجاد، بوفرة ملحوظة لو عمل لساعات زائدة، لا قيمة للثوانى، لا يقلقه أن ينظر إليه غربى مستشرق، ليقول له إن الهرولة فى الشوارع، وتكدس راكبى المترو، و«النيوريوركر لايف» من علامات الحداثة، لا حاجة له بالحداثة، على ما قال الملالى طوال أكثر من أربعة عقود، فى خطابهم السياسى والدينى، لن يحك ظفره إلا ثمن السجادة.
فى السياسة تضغط «ساعة العمل» على بايدن وهو مقبل على انتخابات فى نوفمبر، لا يريد دخول منافساتها وهو فاقد لأصوات قطاع كبير من الشباب، مَن رصدت استطلاعات الرأى احتجاجهم على تفاصيل الحرب فى غزة، إضافة إلى غضب موازٍ لشريحة العرب والمسلمين، يهدد بفقدانه ولايات الجدار الأزرق، تلك التى كانت جمهورية، ودخلت حظيرة الديمقراطيين.
لم تثمر خطوات عديدة دشنتها الإدارة الأمريكية كى تحقق إسرائيل هدفها، ومنها تحريك حاملة الطائرات إلى البحر المتوسط، وتصدير «فرقة دلتا» والتعاون الاستخباراتى، والدعم المالى، لم تحقق الدولة العبرية نصراً مادياً ملموساً، خلال مائة يوم. أنجزت إبادة للمدنيين والأطفال، ووسعت فقط من رقعة الخراب.. «تضغط ساعة العمل» على الأمريكان بلا مكسب للحلفاء.
ينتظر تاجر البازار بيع السجاد بالثمن الذى يرضيه، وتنتظر الصين كما اعتادت فى تاريخها المعاصر وقت «انتهاز الفرصة».