حي عابدين لـ"الصنايعية".. وقهوة "قوله" لـ"السمكرية"
حي عابدين لـ"الصنايعية".. وقهوة "قوله" لـ"السمكرية"
![مقهى قوله](https://watanimg.elwatannews.com/old_news_images/large/338394_Large_20150413070622_15.jpg)
مقهى قوله
في شارع جانبي بحي عابدين، يطرقون أحد أبواب رزقهم، منذ الثامنة صباحًا، ويتركونها قليلًا طارقين بابًا آخر أمام بعض الورش لعلهم يجدون "زبونا" ينتفعون به، وإذا لم يحالفهم النصيب يعودوا إلى قهوة "قوله" مرة أخرى حتى العاشرة مساء.
مَن يسأل "فؤاد" عن اسمه يرد بتلقائية: "فؤاد السمكري".. فالمهنة ما عادت وظيفة تؤتي نتائجها وتُترك، أضحت قرينًا لا يفرقهم شيئًا، اعتاد الجلوس على قهوة "قوله" في انتظار الرزق منذ 30 عامًا، برفقة كل أبناء المهنة من المنطقة ذاتها حتى اشتهرت باسم "قهوة السمكرية"، يقصدونها بعدما صنع أجدادهم شهرتها من "سنين السنين"، على حد تعبيره، ويلعبون "طاولة ودومنة".
بملابسه البالية من آثار العمل، ويده المتشحمة نتيجة لعمله المقترن بالأدوات الحديدية، يعتدل في جلسته وهو يتحدث عن عصر مضى متمثلًا في "الرئيس المؤمن" كما أُطلق عليه، مؤكدًا أن "السادات كان منعنش البلد"، لا يرى الرجل الخمسيني عصرًا أفضل منه حتى الآن، في عصر السادات كانوا الناس يكسبون كثيرًا ويستطيعون السفر إلى الإسكندرية التي ما عادوا قادرون على زيارتها "بسبب الفقر" منذ 35 عامًا، مؤكدًا أن "عصر السادات مش هيتعوض"، مستكملًا: "الله يخرب بيت اللي موتوه".
حى عابدين هو "حي الصنايعية" من جميع المهن.. هكذا اشتهر حتى قررت المحافظة نقل الورش إلى منطقة "الدويقة"، كما يروي "فؤاد"، وما كان من قرارها إلا أنها قتلت المهن وأصحابها، والزبائن تخشى التوجه إلى هذه المنطقة، خوفًا على سياراتهم التي قد لا يجدون عجلاتها هناك إذا غفلوا عنها، بينما كانت عابدين قديما حتى منتصف الليل مضيئة بالعاملين فيها، لا تنطفىء أنوارها، ولا تنقطع الأرجل عن الدب فيها طوال وجود "الصنايعية".
ابن منطقة عابدين غادر إلى السعودية ومكث فيه أكتر من 40 عامًا ثم عاد واستأجر قهوة "قوله"، يفتح الحج "أشرف قاسم" أبوابها أمام "السمكرية" من الثامنة صباحًا، وأحيانا يجاورهم "صنايعية" من مهن أخرى، الذين لم يقل عددهم برغم اختلاف الزمن وتعدد المهن.
ببشرته السمراء وعينه المراقبة مصدر رزقه أينما تواجد، يتعايش مع مشكلات الصنايعية التي يراها لا تختلف عن غيرهم في وظائف أخرى، في قلة العمل، فالقهوة كما هي وزبائنها كما هم لا يتغيرون ولا يبعدون عنها فهي "مصدر رزق لأي حد لأنها مشهورة بالصنايعية"، على حد قوله.