داخل مخيمات النازحين في فلسطين.. ضحايا الحرب في انتظار «حلم الحياة»

كتب: سمر عبد الرحمن

داخل مخيمات النازحين في فلسطين.. ضحايا الحرب في انتظار «حلم الحياة»

داخل مخيمات النازحين في فلسطين.. ضحايا الحرب في انتظار «حلم الحياة»

عائلات فقدت ذويها، سيدات حُرمن من أبنائهن، أطفال تخلوا عن ذكرياتهم قسرا، رجال قهروا أمام أسرهم، دُمرت منازلهم وحياتهم، فاضطروا إلى النزوح من قطاع غزة إلى مخيمات خان يونس، عاشوا ويلات الحرب منذ السابع من أكتوبر الماضي، وتفاقمت معاناتهم بسبب نقص الغذاء والدواء وانتشار الأوبئة.

نازحو غزة يروون معاناتهم

هنا في مخيمات النازحين يقطن ملايين الفلسطينيين الهاربين من قطاع غزة، دمرتهم الحرب، وقتلهم الجوع والفقر والأمراض، لا يبحثون عن شيء سوى كسرة خبز تسد رمق أطفالهم، وشربة مياه نظيفة تبقيهم على قيد الحياة، هنا يعيشون حياة بلا حياة.. هربوا خوفا من الموت إلى الموت البطيء، ينتظرون قوافل الإغاثة التي تلبي جزءا بسيطا من متطلباتهم اليومية.

قبل نحو 65 يوما اضطرت عائلة «الصالحي» إلى النزوح قسرا من غزة إلى خان يونس، بعدما هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، عدة منازل متجاورة لهم، فقدت العائلة 11 فردا منها، لكنهم هربوا من جحيم الحرب إلى المعاناة، وفق إبراهيم الصالحي: «شو بدي أحكي؟.. ما ضل إيشي كله راح، فقدت الأسرة، الأمان، البيوت، الذكريات، حتى رحم زوجتي، تركنا غزة وجينا إلى خان يونس لنضل في خيام بتتمزق من شوية مطر، لنخوض رحلة كفاح من أجل البقاء، لنبحث عن كسرة خبز لأطفالنا اللي الأمراض أكلت أجسادهم، لنشيل معاناة فوق ألم الفراق».

نقص الغذاء والدواء يفاقم معاناة نازحي غزة

نقص الغذاء اضطر «الصالحي»، للسير لمسافات طويلة والانتظار لساعات من أجل الحصول على شّربة مياه ورغيف خبز في ظل نقص الدقيق أو «الطحين»، في مخيمات النازحين: «هاي الأزمات بتحاصرنا من كل مكان، لا ماء ولا غذاء ولا حتى أدوية، لكن بنقول الحمدلله، نحن نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلا، هاد قدرنا نصمد ونصمت، نثابر ونصبر حتى ننتصر».

قبل مغادرة أسرة «الصالحي» قطاع غزة، كانت زوجة «إبراهيم»، حاملا في شهرها التاسع، واضطرت لوضع مولودتها في مستشفى الشفاء دون تخدير، ما اضطر الأطباء لإزالة رحمها تجنبا للآثار الصحية: «فقدت رحمها تحت وطأة القصف، وما راح نقول غير سننتصر».

يتمنى «إبراهيم»، أن تنتهي الحرب، وتعود الحياة لطبيعتها، وأن يتجاوز الفلسطينيون آثار 75 عاما من الحرب: «اتولدنا لقينا نفسنا أجبرنا على المقاومة والنضال، بنعاني من ويلات الحرب من عقود طويلة وبنتمنى مع هاي السنة أن تنتهي وتعود حياتنا مرة تانية».

الأطفال فقدوا ذكرياتهم

في مخيمات النازحين، يظل الأطفال هم مَن يتحملون وطأة الحرب في غزة، تأذى المئات منهم نفسيا وجسديا، بعضهم فقد ذويه والبعض الآخر يتشبث بالحياة رغم محاصرة الأمراض، لا يبحثون عن رفاهيات كالألعاب وعيش طفولتهم، بقدر ما يبحثون عن علاج يداوي جراحهم وخبز يسد رمقهم، وفق الطفل إبراهيم محمد: «نفسنا نتعالج، نستحمى، ناكل أكلة حلوة، بدنا نرجع لمدرستنا ونلتقي بأصحابنا».

لم يكن «إبراهيم»، وحده هو الذي يتمنى العودة لحياته، بل تتمنى الطفلة هيا سليمان، العودة إلى منزلها الذي حطمته قوات الاحتلال: «نفسي الحرب تنتهي، وأرجع على داري، أروح مدرستي، أشوف أصحابي، بدي توقف الحرب في 2024».

الأمراض تهدد حياة النازحين

الحياة داخل مخيمات خان يونس، لم تسعف حياة النازحة هناء زيد التي قاربت على الـ60 من عمرها، إذ تعاني من عدة أمراض صدرية مزمنة، ولم تجد علاجا بل تفاقمت معاناتها، وفق حديثها لـ«الوطن»: «في هاي الخيمات تفاقمت أزماتنا الصحية، لا نظافة ولا خصوصية، ولا دوار، أعاني من مرض صدري مزمن يستلزم بقائي في المستشفى، لاستخدام ما يسمى جهاز التبخيرة، لكن مع اضطرارنا للبقاء هنا وانقطاع الكهرباء أصبحت حياتي مهددة».

أمنيات نازحي غزة في 2024

نازحو غزة لا يتمنون سوى العودة إلى حياتهم الطبيعية، وانتهاء الحرب: «بدنا نرجع على حياتنا، بدنا نعالج أطفالنا، بدنا هاي الحرب تنتهي، نفسنا في شربة ميه، وغطا يقينا من البرد».

وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فغن أكثر من مليون و900 ألف نازح تركوا منازلهم في قطاع غزة، أي ما يعادل نحو 85% من سكان القطاع، الذي يبلغ عددهم 2.4 مليون مواطن.

المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، حذر في بيان رسمي، من أن النازحين قد يموتون بسبب انتشار الأمراض ونقص الرعاية الطبية وتدهور الظروف المعيشية، متسائلا: «إلى متى سيظل الوضع؟».


مواضيع متعلقة