الأميرة رشا يسري: شكرا جامعة القاهرة

ماذا يعنى أن تحقق جامعة القاهرة تقدماً كبيراً فى التصنيفات الدولية؟ يعنى ببساطة أن مصر تستعيد مكانتها كدولة رائدة فى مجالات العلوم والثقافة بالمنطقة، وهى المكانة التى يحفظها لنا الكثير من شعوب وقادة المنطقة وفى القلب منها الدول العربية من حولنا.

ويخطئ من يقيّم الدول والأمم قياساً على لحظة من الزمن بمعزل عن الأثر الممتد لها، سواء فى ذاتها أو فيمن حولها، وقد جاء خبر تتويج جامعة القاهرة بالمركز الأول عربياً فى مؤشر الإبداع والابتكار وتصدّرها الجامعات المصرية فى مؤشرات الأداء الرئيسية، ليعيد التأكيد على القيمة والمكانة التاريخية لجامعة القاهرة تخصيصاً وللجامعات المصرية والتعليم المصرى بوجه العموم.

وتأتى القيمة فى أن تحتل جامعة القاهرة المركز الأول على مستوى الجامعات العربية فى مؤشر الأداء الرئيسى «الإبداع والريادية والابتكار»، لتجسد قيمة العقل المصرى بذاته، فرغم قلّة الإمكانات، لكنه الأعرف والأكثر قدرة على الإبداع، هذا التصنيف تحديداً هو مؤشر على جين الحضارة المصرى الذى يجرى فى عروق المصريين.

عندما نتأمل فى تطور الحضارات عبر التاريخ، نكتشف أن الجين الحضارى يمثل عاملاً حاسماً فى توجيه مسار الشعوب وتحديد مستويات إبداعها وابتكارها، ويُعتبر جين الحضارة الذى يتشكّل من مجموعة من القيم والعادات والتقاليد التى تشكل فى ذاتها جوهر الهوية الثقافية لشعب معين هو العامل الذى يتسارع تأثيره فى توجيه قدرة الشعوب على الإبداع والابتكار.

تأثير جين الحضارة يظهر بوضوح فى ميدان الابتكار والإبداع متأثراً بالوجدان الثقافى الذى يلعب دوراً حاسماً فى تحديد مستوى القدرة على خلق التطور فى العلوم. الدكتور محمد الخشت، رئيس جامعة القاهرة، قال فى تفسيره للتقدم الكبير الحاصل لجامعة القاهرة فى التصنيفات الدولية المختلفة إنه يرجع إلى حزمة من الإجراءات التى تمت للنهوض بالجامعة خلال السنوات الماضية فى كافة المجالات والقطاعات، مثل: الاهتمام بالكم والكيف فى إنتاج البحث العلمى والتركيز على تحقيق معايير المربع الذهبى Q1، مع زيادة معدل الإنفاق العام على البحث العلمى التطبيقى والعلوم الاجتماعية والإنسانية، إلى جانب وضع الخطط البحثية المتقدمة، وتطوير وإنشاء المعامل، والتدريب على النشر الدولى، وتوجيه البحوث نحو احتياجات الدولة والمشروعات القومية وخدمة المجتمع.

وأشار الدكتور الخشت إلى أن خطة الجامعة تضمنت حزمة تحفيز الباحثين بكافة الدرجات العلمية للنشر فى المجلات الدولية المرموقة، ووضع معايير عالمية للجوائز والتدقيق فى اختيار مرشحى الجامعة للجوائز الدولية والقومية، فضلاً عن الانفتاح على المراكز البحثية العالمية، فى إطار منظومة التعليم العالى والبحث العلمى فى مصر.

وقد اتفق معظم علماء الاجتماع وأبرزهم د. جمال حمدان ود. نعمات أحمد فؤاد، على أن الاستمرارية جزء مهم من سمات الشخصية المصرية، وهى موروث جينى لدى المصريين، فلا يمكن أن نتوقف عند الماضى ونتغنى به.

الدكتور الخشت دفع بأسباب التقدم فى البحث العلمى وعمل عليها، لذلك جاءت النتائج لتوقظ جين الإبداع المصرى من سباته، وتعيد التأكيد للجميع على أننا قادرون، وهو الإصرار الذى يحرص الرئيس السيسى على تأكيده فى كل خطاباته للمصريين.