"عمران": تراجع المؤشرات طبيعى والبورصة ليست صالة للقمار

"عمران": تراجع المؤشرات طبيعى والبورصة ليست صالة للقمار
قال الدكتور محمد عمران، رئيس البورصة، إنه أبدى اعتراضه على توقيت فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية، وقال إنه خاض العديد من المناقشات والاجتماعات حولها، وأوضح ضررها على السوق، وأن وزارة المالية هى المسئول الأول والأخير عنها، وأشار إلى أن سوق المال تنتظر طروحات جديدة كبرى ما بين عام وخاص تصل إلى 20 طرحاً قبل نهاية العام الحالى.
وأضاف «عمران» فى حواره لـ«الوطن» أن البورصة فى مصر ليست صالة للمقامرة كما يدّعى البعض، وأنها تخضع لقوانين وضوابط أهّلتها لتكون من أهم الأسواق الواعدة فى المنطقة العربية والعالم، مشيراً إلى تجميد مشروع ربط سوق مصر ببورصة إسطنبول بسبب الأوضاع السياسية الأخيرة، وأن هناك دراسات للربط مع أسواق عربية قريباً للتيسير على المتعاملين. وشدد رئيس البورصة المصرية على أنه لم يتهم المستثمرين بالجهل، وإنما كان يصف فكرة اتهامه بالتواطؤ ضد الرئيس عبدالفتاح السيسى بدفع البورصة للهبوط بالجهل، خاصة أن هناك من خرج ليقول بعد نجاح المؤتمر الاقتصادى إن البورصة وإدارتها وراء تلك التراجعات، وكان أحد مستثمرى سوق المال تقدم ببلاغ للنائب العام اتهم فيه رئيس البورصة، محمد عمران، بالتقاعس والتواطؤ، بالتعاون مع بعض مديرى صناديق استثمار المال العام ضد رئيس الجمهورية، بالعمل على الهبوط بأسعار الأسهم من خلال عمليات بيع عشوائية وممنهجة، عقب نجاح المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ، وأشار «عمران» إلى أن اتهامه بالتواطؤ لا يدل إلا على الجهل بمعايير تقييم أداء سوق المال.. وإلى نص الحوار..
■ بداية، كيف ترى ما يحدث فى سوق المال؟
- جميع ما يحدث فى سوق المال المصرية طبيعى وتتعرض له كافة أسواق المال العالمية والإقليمية، إلا أننا فى مصر فقط تسيطر علينا هواجس ومعتقدات غير صحيحة بأن هناك من يريد إسقاط السوق المصرية لصالح مجموعة أو فصيل معين، والمتابع الجيد لأسواق المال سيرى بعين اليقين أن هناك أسواقاً مجاورة لنا فى المنطقة العربية لا تعانى بلدانها من أزمات سياسية ومع ذلك تتراجع فى جلسات يومية بنسب كبيرة ثم تعاود الارتفاع مجدداً، وهذا أمر طبيعى لأسواق المال بشكل عام، إلا أن معدل نمو نظرية المؤامرة عال جداً فى مصر، وهذه أزمتنا الحقيقية.
■ إذاً بماذا تفسر كل هذا الهجوم على البورصة وإدارتها فى الفترة الأخيرة؟
- قبل الإجابة عن هذا السؤال دعنى أقل لك إن أسواق المال لا تعترف إلا بالأرقام على سبيل الحصر، فالعام المضىا شهد زيادة رؤوس أموال لنحو 72 شركة، كما أنه تم قيد 13 شركة فى البورصة برؤوس أموال ١٫٩ مليار جنيه، بما يعادل ١٠ أضعاف ما تم فى ٢٠١٣، وضعفَى ما تم فى ٢٠١١ و٢٠١٢ و٢٠١٣ مجتمعة، وعملياً البورصة المصرية حصلت على لقب أفضل بورصة أفريقية من حيث الابتكار والتطوير فى ٢٠١٤، وفازت برئاسة اتحاد البورصات اليوروآسيوى الذى يضم ٣٥ بورصة من آسيا وأوروبا، واحتفظنا بعضويتنا فى اللجنة التنفيذية لاتحاد البورصات الأوروبية كأول دولة تحتفظ بعضويتها ٤ مرات متتالية، لأننا من أفضل الأسواق فى المنطقة، وذلك لأنها ليس لديها قيود على تملك الأجانب، وسهولة الدخول والخروج من السوق، وكذلك لتوافر الشفافية وتطبيق آليات الحوكمة، وإجراءات حماية المستثمرين.
■ وماذا يعنى ذلك وسط تراجعات السوق المتتالية؟
- أولاً تراجعات السوق طبيعية جداً.. والمتابع الجيد لأسواق المال العالمية والعربية سيجد أن هناك أسواقاً مجاورة فى بلدان لا تعانى من أزمات سياسية يهبط مؤشرها الرئيسى بنسب كبيرة وفقاً لآليات السوق القائمة على العرض والطلب، ولا أحد يتهم رئيس البورصة هناك بالتقاعس أو التضليل، إلا أن زيادة معدل الطروحات ببورصة مصر، وإقبال الشركات بهذا الحجم على القيد بالبورصة يعطى انطباعاً إيجابياً بشأن الوضع الاقتصادى والرؤية الإيجابية، لأن الهدف الأساسى للبورصات هو مساعدة الشركات على توفير التمويل لزيادات رؤوس أموال الشركات والتوسعات بما ينعكس على مساهمتها فى النشاط الاقتصادى.[FirstQuote]
■ ما قصة البلاغ الذى قُدم ضدكم إلى النائب العام بشأن تراجع السوق عقب نجاح المؤتمر الاقتصادى الأخير.. وهل اتهمت المستثمرين بالجهل؟
- أنا لا أتخذ أى قرارات منفردة، وجميع القرارات والإجراءات يتم عرضها على مجلس إدارة البورصة، فضلاً عن وجود شركاء فى القرار أيضاً وهم شركة مصر للمقاصة والهيئة العامة للرقابة المالية، ولم أتهم المستثمرين بالجهل، وإنما وصفت فكرة اتهامى بالتواطؤ ضد الرئيس عبدالفتاح السيسى بدفع البورصة للهبوط بالجهل، خاصة أن هناك من خرج ليقول بعد نجاح المؤتمر الاقتصادى إن البورصة وإدارتها وراء تلك التراجعات، وكان أحد مستثمرى سوق المال تقدم ببلاغ للنائب العام اتهمنى فيه، أنا رئيس البورصة محمد عمران، بالتقاعس والتواطؤ، بالتعاون مع بعض مديرى صناديق استثمار المال العام ضد رئيس الجمهورية، بالعمل على الهبوط بأسعار الأسهم من خلال عمليات بيع عشوائية وممنهجة، عقب نجاح المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ، وقلت نصاً إن اتهامى بالتواطؤ لا يدل إلا على الجهل بمعايير تقييم أداء سوق المال، والحديث عن فساد إدارة البورصة عار تماماً من الصحة، والمتابع الجيد لسوق المال المصرية سيجد أنه تم قيد نحو 4 شركات خلال الربع الأول من العام الحالى، برؤوس أموال تقترب من 2 مليار جنيه.
■ وماذا حدث بشأن البلاغ الذى قُدم ضدك؟
- النائب العام لن ينظر إلى مثل تلك البلاغات غير المنطقية، لأن القانون يمنح المستثمرين حق البيع والشراء دون أى تدخل من المسئولين.
■ لكن هناك من يشير إلى أن صمتك بشأن ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة تهمة وتقاعس عن حماية السوق!
- دعنا نعترف ونُقر أولاً بأن المسئول الأول والأخير فى مصر عن فرض الضرائب هو وزارة المالية وليس أى جهة أخرى، لكن أنا قد أبديت اعتراضى على توقيت فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية، وخضنا فى إدارة البورصة مع الحكومة العديد من المناقشات والاجتماعات حولها لتوضيح ضررها على السوق، إلا أننا لسنا جهة تشريع ولا جهة اتخاذ قرار بشأن فرضها من عدمه، ولا يُفتى ووزير المالية فى الحكومة.
■ حدّثنا عن موقفك من تلك الضرائب.
- موقفى الشخصى رافض لتطبيق أى ضريبة على أرباح البورصة، ولكن ما دام ذلك هو توجه الدولة فأناشد ضرورة مراعاة أوضاع السوق وتأجيل الضريبة فى الفترة الحالية لأن الوضع التنافسى للبورصة المصرية بات صعباً فى ظل الانفتاح الكبير الذى تشهده أسواق المنطقة أمام المستثمرين الأجانب، خاصة بعد قيام السعودية وقطر والإمارات بفتح أسواقها أمام الأجانب، ما يجعل علينا اتخاذ خطوات تنافسية لجذب المستثمرين، وأطالب الحكومة بسرعة حل أزمة آلية تحصيل ضريبة تعاملات الأجانب الناتجة عن أرباحهم المحققة من التعامل فى البورصة المصرية، وأؤكد أن إدارة البورصة كانت حريصة على تسهيل قيد وطرح الشركات الكبرى ذات الملاءة المالية بهدف زيادة جاذبية البورصة أمام المستثمرين.
■ قلت إن هناك «لوبى» من المتلاعبين يحركون التظاهرات التى استهدفت البورصة مؤخراً، ما الإجراءات التى سوف تتخذها ضدهم؟
- الأربع سنوات الماضية كشفت بالفعل عن وجود عدد من المتلاعبين فى السوق، وقد حققوا أرباحاً طائلة على حساب المستثمر الشريف، إلا أن إدارة البورصة تعاملت مع الموقف بالشكل القانونى، وتم إيقاف كل التلاعبات وفقاً للقانون بعكس ما كان يحدث فى فترات سابقة، أنا لا أُسأل عنها.
■ إذاً، هل تحولت بورصة مصر إلى أداة لتمويل المشروعات بدلاً من صالة للمقامرة؟
- بالفعل البورصة فى مصر ليست صالة للمقامرة، وإنما أصبحت إحدى أهم أدوات توفير التمويل للشركات، والبورصة نجحت فى توفير أكثر من 100 مليار جنيه للشركات المصرية خلال السنوات الأخيرة، وهذا الحجم الضخم من رؤوس الأموال ساهم بشكل مباشر فى معدلات النمو الاقتصادى، بالإضافة إلى ما أسهم به من تحسين تنافسية الشركات وزيادة قدرتها على خلق فرص عمل، وكما قلت فإن هناك ٧٢ شركة قامت بزيادة رؤوس الأموال فى ٢٠١٤، وزيادة التوجه إلى ذلك يرجع لعدة أسباب، منها اختلاف الإجراءات الخاصة بدعوة الجمعيات العمومية لبحث زيادة رؤوس الأموال، وهناك إجراءات انتقلت من الهيئة العامة للرقابة المالية إلى البورصة، مثل زيادة رؤوس الأموال والتجزئة والطروحات إذا كانت لا تتضمن إصدار أسهم جديدة، وتوزيعات الأسهم، وبذلك ساهم تعديل القواعد وتبسيط الإجراءات وتقليل البيروقراطية فى سرعة التنفيذ التى لم تعد تتجاوز ٤٨ ساعة، وهو ما انعكس على زيادة الإقبال.[SecondQuote]
■ هل تكلفة التمويل عبر البورصة أقل من اللجوء للقطاع المصرفى؟
- دعنا لا نقارن بين أدوات التمويل من حيث التكلفة حتى لا نظلم أحداً، لكن البورصة تمثل إحدى منصات التمويل المهمة التى تساعد على رفع قدرة الشركات على جذب رؤوس أموال جديدة وضخ استثمارات جديدة والتوسع فى الاستثمارات القائمة بما يساهم فى زيادة الناتج المحلى الإجمالى.
■ كيف ترى تجربة الحكومة فى طرح شركاتها فى البورصة؟
- التجارب تثبت نجاحها و«موبكو» دليل، وهناك تعاون الفترة الحالية مع وزارة التموين، ومن قبل كان هناك تعاون مع وزارة النقل، وطرح أسهم موبكو ممثلاً لنموذج من قطاع البترول لن يكون الأخير، والأشهر المقبلة سوف تشهد طروحات جديدة من القطاع الحكومى سيتم الإعلان عنها فى وقتها، وهناك شركات قابضة مطروحة فى البورصة بالفعل تابعة للقطاع الخاص، ولا يوجد فرق بين الشركات القابضة والتابعة فى الطرح، فالشركة القابضة هى شركة لديها استثمارات ومحفظة كاملة، الشركات القابضة لديها شركات خاسرة ورابحة، وشركات لديها سيطرة الأغلبية وأخرى أقلية، ليس هناك جديد من حيث فكرة الطرح وآلياته، فهى واحدة فى كل الأحوال، وهناك تجارب ناجحة مطروحة.
■ هناك موروث تعبر عنه الأرقام يؤكد أن معظم شركات الحكومة خاسرة، فهل يُقبل المستثمرون على شراء أسهمها إذا طُرحت؟
- لدينا تجربة مهمة سابقة، ففى فترة التسعينات كانت أسهم الشركات الحكومية هى التى تقود الأسهم فى البورصة، وكانت تحقق رواجاً كبيراً، وفى حالة طرحها سيكون لدينا سهم اسمه «القابضة» يمثل جميع الشركات، وهناك شركات قابضة خاصة لديها شركات خاسرة ضمن المجوعة ولا يؤثر ذلك على التداول فى أسهمها، والقوائم المالية المجمعة هى الفيصل فى النهاية.
■ وهل الطرح فى البورصة طريق مواز لخصخصة شركات الحكومة؟
- بالطبع لا.. وإذا ضربنا مثلاً بشركة حكومية تم طرحها فى البورصة، فإن ذلك لا ينتقص أى نسبة من ملكية الحكومة، فهى تظل كما هى، ولكن يزيد عليها نسبة أخرى يتم طرحها فى البورصة، بمعنى أنه لو لدينا شركة قيمتها ١٠٠ مليون جنيه مثلاً، وتم طرحها فى البورصة فلن تقل ملكية الحكومة منها عن ٨٠ مليون جنيه، ولكن ما يحدث أنها تحتفظ بأصولها كاملة.
■ ماذا عن الطروحات العربية المستقبلية فى بورصة مصر؟
- مع استمرار التحسن الاقتصادى بوتيرة متزايدة كما نلاحظ هذه الفترة فإن ذلك يعنى المزيد من خطط التوسع للشركات المصرية والعربية، وبالتالى ستشهد الفترة المقبلة مزيداً من الطروحات، أما عن قابلية السوق لاستيعاب تلك الطروحات فإن البضاعة الجيدة تجذب مستثمريها، وبالتالى فإن وجود شركات واعدة وقوية فى السوق سيجعل المستثمرين مقبلين على تغطية عملية الطرح، والشواهد الأخيرة تؤكد أن هناك تعطشاً فى السوق لتغطية الاكتتابات، وهو ما يظهر من معدلات تغطية الاكتتابات والطروحات العامة الضخمة التى عادت للمرة الأولى منذ عدة سنوات، والسوق سوف تشهد 20 طرحاً ما بين خاص وعام قبل نهاية هذا العام.
■ ما زال الحديث عن آليات الخروج من السوق ينحصر فى استخدام البورصة فى تهريب الأموال وتحويلها للخارج.
- كما قلت فى السابق فإن نظرية المؤامرة تسيطر علينا فى مصر بقوة، وإذا اتبعنا تلك النظرية وسلمنا لها أنفسنا لن نتقدم خطوة واحدة، أى قرار أو إجراء يحمل إمكانية لسوء استخدامه، لكن هناك جهات رقابية، فالبنك المركزى يقوم بدوره الرقابى من خلال وحدة غسل الأموال التابعة له، وكذلك وحدة غسل الأموال فى هيئة الرقابة المالية، ولا توجد سوق لا تحتوى على مخاطر، ولكننا نقوم بوضع الإجراءات التى تسهل العمل بالنشاط الاقتصادى ولا تعوقه.
■ ماذا عن مشروعات الربط مع البورصات العالمية والعربية؟
- الربط مع بورصات الدول الأخرى يهدف فى الأساس لخلق وسيلة سهلة ليتواصل بها المستثمر مع سوق المال المصرية والربط يمثل إعداد مراكز اتصال لتمرير الأوامر للعملاء وتوفيراً للتكلفة، وكان هناك ربط مع بورصة لندن وقطعناه، وجار التواصل مع بورصة البحرين بنهاية أبريل الحالى، وسننظر مدى إمكانية الربط مع بورصة البحرين.[ThirdQuote]
■ وماذا عن الربط مع بورصة إسطنبول؟
- المشروع تم تجميدة نهائياً، ولن نعيد النظر فيه، فالأوضاع السياسية قضت على الفكرة، ولن تفيدنا كثيراً حتى نعود إليها الفترة المقبلة.
■ فى النهاية، ما الرسالة التى تلخص بها أداء ودور بورصة مصر فى الفترة الأخيرة؟
- القيد فى البورصة بصفة عامة يساعد على تحسين مستويات الحوكمة، وهو أمر مهم لرفع كفاءة تلك الشركات وتحقيق حماية أفضل للمال العام، بالإضافة إلى تعظيم القيم السوقية لمحفظة الحكومة فى تلك الشركات، وبورصة مصر أصبحت أداة فعالة لتوفير التمويل اللازم للشركات، ونتواصل مع أكثر من وزارة كالكهرباء والأوقاف، ووزير الكهرباء أبدى رغبته فى قيد شركات تعمل فى قطاع الكهرباء بالبورصة.