إيرادات "عبدة موتة" : اغنية ورقصة وبطل جدع

كتب: محمد عبدالجليل

إيرادات "عبدة موتة" : اغنية ورقصة وبطل جدع

إيرادات "عبدة موتة" : اغنية ورقصة وبطل جدع

شكل نجاح فيلم «عبده موته» فى تحقيق أعلى الإيرادات فى موسم عيد الأضحى مفاجأة من العيار الثقيل، حيث تجاوزت إيراداته العشرة ملايين، متخطياً أفلاماً أخرى توقع الكثيرون لها صدارة الإيرادات مثل «الآنسة مامى» لياسمين عبدالعزيز على سبيل المثال، وهو ما فتح المجال لطرح تساؤلات على النقاد وصناع السينما حول أسباب هذا النجاح. الناقدة ماجدة موريس فسرت نجاح فيلم «عبده موته» فى العيد قائلة: «هذا النجاح له علاقة وثيقة بنوعية الجمهور الذى يرتاد دور العرض فى العيد، حيث يكون معظمه من الشباب صغير السن، الذى يرى فى ممارسة أعمال البلطجة مطلباً وحاجة، وأيضاً يكون جزء غير قليل من الإقبال للأسر التى تعتبر السينما عنصراً أساسياً فى برنامج النزهة فى العيد، وبالتالى من الطبيعى أن يحقق الفيلم إيرادات عالية، على الرغم من أنه على المستوى الفنى ضعيف، ولم ينجح فى تقديم شخصية البلطجى بالشكل الذى نجحت فيه أفلام أخرى سابقة، مثل «الإمبراطور» و«إبراهيم الأبيض»، حيث يقدم شخصية شاب يمارس كل أنواع العنف بشكل مجانى دون تحليل القضية والبحث فى أسبابها، لذا أتوقع تراجع نسبة الإقبال عليه فى الأسابيع التالية للعيد، حيث يعود لحجمه الطبيعى». أما الناقد نادر عدلى، فقال: «من الطبيعى نجاح مثل هذه النوعية من الأفلام فى موسم العيد على وجه التحديد فهى تعتمد على توليفة مستهلكة تتضمن أغنية ورقصة بجانب تقديم شخصية البطل «الجدع» أو البلطجى والفتوة، ويتم طرح كل هذا فى إطار من الفوضى الفنية أشبه بالموالد الشعبية، ولكن للأسف تلقى إقبالاً من الجمهور الذى يعتاد على الذهاب للسينما فى العيد، ضمن طقوس الاحتفالات التى تشمل زيارة الحدائق والمتنزهات العامة والقناطر الخيرية، ويكون الإقبال بصرف النظر عن جودة المنتج الذى يقدم فى دور العرض ومهما كان مستواه، ومثلما يعانى المجتمع المصرى من انتشار ظاهرة التحرش فى موسم العيد حيث التجمعات الشبابية، فأنا أعتبر أيضاً تقديم أفلام مثل «عبده موته» فى هذا الموسم نوعاً آخر من التحرش بالجمهور، وأتصور أنه خلال الأسابيع القادمة سنكتشف الحجم الطبيعى لهذا الفيلم بعيداً عن إقبال جمهور العيد حيث أتوقع تراجع الإيرادات بشكل كبير». ومن جانبه، قال المنتج والموزع السينمائى محمد حسن رمزى: «بالتأكيد سيحدث تراجع فى إيرادات فيلم «عبده موته» ولكن فى الإطار الطبيعى الذى يحدث لكل الأفلام عقب انقضاء أيام العيد التى تشهد كثافة كبيرة فى الإقبال، وأتصور أن استمرارية نجاح الفيلم فى تحقيق الإيرادات مرهونة بمدى جودته وقدرته على جذب نوعيات جديدة من الجمهور، وأعتقد أن الفيلم يحتوى على تلك العناصر بدءاً من التمثيل وحتى تميز الصورة التى يقدمها مروراً بالقضية التى يطرحها ويناقشها وهى البلطجة، وطرح نموذج «عبده موته» كشخصية موجودة فى المجتمع المصرى وانتشرت بقوة فى ظل حالة الانفلات الأخلاقى التى نعانى منها بشكل كبير بعد قيام ثورة يناير». وتحلل الدكتورة هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع ظاهرة الإقبال الجماهيرى على الفيلم قائلة: «النسبة الأكبر من جمهور السينما فى العيد ينقسم ما بين فئة المراهقين بجانب شريحة كبيرة من الحرفيين الذين لا يحصلون على إجازات سوى فى العيد فقط، وهم فئة اجتماعية فى الغالب غير متعلمة، وتتبنى قيم «عبده موته» وترى فيه النموذج الذى يجب اتباعه، وذلك نتيجة لنمط الحياة ونمط المهنة التى يعملون بها، والتى تمثل السينما لهم حالة من حالات البهجة المفتقدة؛ لذا ينفقون فى سبيلها أموالهم، وهناك أكثر من 160 منطقة عشوائية حول القاهرة نمت فيها علاقات القوة المعزولة عن الدولة، وأصبحت العشوائيات تحكم بقوة أهلها، وبالتالى لم يعد البطل هنا الضابط أو رجل الدولة وذلك فى ظل دولة مترهلة وضعيفة، وكان من الطبيعى أن يتم إعلاء نموذج «عبده موته» بصفته البطل، وأصبح صناع السينما يسعون إليه بصرف النظر عما يتحقق من أثر سلبى على الجمهور وهذه هى الأزمة الكبرى التى نواجهها، وأتصور أن نموذج «عبده موته» سينتهى رغم رواجه المؤقت مثلما انتهت قبله نماذج كثيرة مثل «اللمبى» و«بوحة» والتى حققت نجاحاً زائفاً ثم اختفت سريعاً، وبعدها نتمنى أن تعود السينما لدورها فى إرساء قيم الحق والخير والجمال».