بلغة الأرقام.. فرس الرهان الرابح في انتخابات الرئاسة

محمد شنح

محمد شنح

كاتب صحفي

ظلت مصر لعقود طويلة، لا تعترف بالشباب ولا قدراتهم إلا في ملاعب كرة القدم، رغم أنها بلد تعداد شعبها يتخطى 110 مليون نسمة، 60% منهم تحت سن الثلاثين، ولكن لائحة الروتين المصري العتيق، أقرت شهادة الخبرة، واعتمدت شهادة ميلاد المسئول المصري بعد الستين وتنتهي في القبر حتى جاء رجل دولة من طراز رفيع يؤمن بالشباب، وأنهم القوة الرئيسية والمحركة الآن في كل مكان، ويعمل بمقولة راهب الفكر توفيق الحكيم بكتابه ثورة الشباب، بأن "الدنيا حلقات!... كل جيل يجب أن يمد يده إلى الجيل الذي يليه!... إذا تم ذلك في أمة فقد صح كيانها واستقام، شأن الجسم السليم بسلسلته الفقرية المتماسكة، وإذا لم يتم ذلك فنحن أمام كائن سقيم، انفصلت حلقات وجوده وانفصم عمود ظهره، ولم يعد يصلح للبقاء!".

ومن قبل أن يأتي القائد عبد الفتاح السيسي إلى حكم مصر، كان يقينه بأن جسد مصر لا يصح دون الشباب، ولعل مشهد ثورة 30 يونيو، كان معبرا عندما جاء بشباب حملة تمرد واستمع إليهم وقرأ ما في عقولهم من أفكار تعبر عن إرادة شعبية مصرية، وحجز لهم مقعدهم وسط القوى الممثلة لكافة أطياف الشعب المصري في واحد من أعظم المشاهد في تاريخ مصر الحديث 3 يوليو 2013.

ثورة الشعب في 30 يونيو، كسرت قواعد الروتين والبيروقراطية العقيمة، ودخل الشباب مربع العمليات ليقدموا فاصلا من المهارات الإبداعية في الجمهورية الجديدة، ولم يكن هذا يتحقق لولا إيمان قيادة سياسية حكيمة، ورئيس بعبقرية عبد الفتاح السيسي، ولولا ثقته في تمكين الشباب، ما كنا رأينا أصغر نائبة في تاريخ البرلمان المصرية، تحلف اليمين الدستورية في عمر 26 سنة، وهي النائبة فاطمة غنيم في برلمان 2021، ولا أصغر محافظ في تاريخ مصر د. محمد هاني غنيم، محافظ بني سويف، الذي تولى المنصب في سن ال34، ولا أصغر نائبة محافظ ابنة الثلاثين وقتها حنان مجدي نور الدين محمد، نائبة محافظ الوادي الجديد.

لولا عبقرية وحكمة الإدارة المصرية، ما كنا رأينا شباب مصر يجتمعون تحت قبة واحدة في مؤتمرات الشباب منذ عام 2016، يهتفون في حب مصر ورئيسها، بدلا من هتاف ملوث ضد الدولة وجيشها في الميادين، هتاف وراءه نفوس خبيثة لا تريد لمصر الخير، هتاف حوله أهل الشر لعدوان الصناديق غنائمه كانت الزيت والسكر، وخسائره دولة كاملة كانت على شفا الانهيار.

واقعية الرئيس عبد الفتاح السيسي كرجل دولة من الطراز الرفيع، يعمل وفق استراتيجيات وخطط احترافية دقيقة، ويعلم أن الأحلام لا تتحقق إلي بجهد وعرق ومن خلال كوادر مؤهلة، جعله يطلق شارة البدء لتمكين الشباب بإنشاء الأكاديمية الوطنية للتدريب والتأهيل في عام 2017، ومبادرة تجمع شباب الأحزاب السياسية لتكون تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، لتملك مصر أكبر مصنعين للشباب، شباب صناعة مصرية وطنية 100%.

وبلغة الأرقام الصادقة دائما، كانت ثمار هذه المشاريع الشبابية، التي تعمل باحترافية شديدة للغاية في الانتخابات البرلمانية عام 2020، حيث بلغ عدد الأعضاء من الشباب تحت سن الأربعين بمجلس النواب في دورته الحالية 124 نائبا بنسبة 21 % من إجمالي عدد نواب البرلمان، وفي حركة المحافظين عام 2019، والتي ضمت 39 قيادة جديدة ما بين محافظ ونائب محافظ، كانت نسبة تمثيل الشباب فيها تتجاوز ال60 %، ورأينا معدل أعمار لوزراء الحكومة هو الأقل منذ سنوات عديدة، وتمكين لقيادات شبابية في مناصب نواب ومساعدي الوزراء.

صدق النوايا والإخلاص في العمل جعل من تجربة الدولة المصرية في التعامل مع الشباب نموذج ملهم في الانتخابات الرئاسية المصرية، والتي شهدت مشاركة تاريخية وغير مسبوقة من جميع فئات الشعب المصري في كافة الاستحقاقات الديموقراطية وفي مقدمتهم الشباب، ودافع لحملات مرشحي الانتخابات الرئاسية لعام 2024، ليكونوا فرس الرهان لمرشحي الانتخابات الرئاسية، وكانت حملة الرئيس الفائز بالانتخابات عبد الفتاح السيسي أول من حصدت ثمارها، فأكبر شريحة عمرية أيدت ترشيح الرئيس عبد الفتاح السيسي للانتخابات الرئاسية من خلال توقيع التوكيلات من هم أقل من 35 سنة بإجمالي عدد 514 ألف تأييد من أصل مليون و130 ألف تأييد حصل عليها المرشح.

في حين كانت أغلبية أعضاء وقيادات حملة المرشح الرئاسي فريد زهران من الشباب، وشمل برنامج المرشح الرئاسي حازم عمر وعودا بتمكين لشباب في كل مفاصل المصالح الحكومية للدولة، ومن ضمن الحلول التي وضعها في برنامجه لحل منظومة المحليات هو الاعتماد على عنصر الشباب في هذا الجهاز بعد تدريبهم لإكسابهم المزيد من الخبرات، وهو مقترح يستحق الإشادة، ونتمنى أن يكون في الانتخابات المحلية القادمة تمكين أكبر للعناصر الشبابية بعد نجاح تجربتهم في مجلس النواب المصري، وأثق بأن الرئيس عبدالفتاح السيسي، وهو المرشح الفائز بالانتخابات الرئاسية سيستغل طاقات الشباب وإبداعاتهم في انتخابات المحليات القادمة، وستقدم الدولة المصرية لهم الدعم بكل ما تؤتى من قوة، وسيتعاون مع منافسيه من أجل مستقبل الدولة المصرية، ولعل أصدق دليل على ذلك لقائه بالمرشحين الثلاثة بعد ساعات من إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات النتيجة، وهي بادرة لا تحدث إلا من رئيس صاحب خلق رفيع بثقل عبد الفتاح السيسي.

تجربة الدولة المصرية في تمكين الشباب أيضا، ألهمت المرشح الرئاسي عبد السند يمامة منذ توليه منصب رئيس حزب الوفد، بتفعيل لجان شباب الحزب وكسب ثقتهم، حيث تولى رئاسة اللجنة النوعية للشباب في الحزب مع بداية توليه بناء على مطالبهم، كما أن الحملة اعتمدت في خطتها الدعائية الرئيسية على وسائل التواصل الاجتماعي لمخاطبة الشباب.

الرهان على الشباب رهان على فرس المستقبل الرابح، وبناء الدولة الديموقراطية الحديثة لن يكون إلا بأفكارهم، ومشاركاتهم في صناعة القرار، لنجدهم عند حسن ظن دولتهم بتصدر المشهد الانتخابي بحضور غير مسبوق، ليصنعوا مع عظيمات مصر وذوي الهمم وكافة فئات الشعب المصري مجدا لمصر في تاريخ المشاركة بالاستحقاقات الديموقراطية، والتي تخطت نسبتها أي استحقاق سابق وبلغت 66.8%، في حين كانت 41% في الانتخابات الرئاسية 2018، و47.4% في الاستحقاق الرئاسي عام 2014.

شباب مصر صار يؤمن بدولته كما أمنت بهم، وأصبح يدرك أن لا تبنى بـ «بوست» و«تويته» بل بالآراء المستنيرة والأفكار البناءة، فالأحلام الآن واقع محقق وملموس تنطلق فيه عقول شباب مصر.