كيف انتصر الإعلام لمصر؟

كيف انتصر الإعلام لمصر؟
المشهد فى انتخابات الرئاسة المصرية مشرّف.. ويدعو كل مواطن يحمل فى قلبه ذرة واحدة من حب هذا الوطن للسعادة والفخر بالانتصار الكبير الذى تحقق وتابعه العالم خلال عملية التصويت على انتخاب رئيس جمهورية مصر العربية القادم.. الملايين احتشدوا أمام اللجان فى مشهد لا يتكرر كثيراً بدول العالم عموماً أو حتى دول الشرق الأوسط.. الجميع توحّد على قلب رجل واحد من أجل الـتأكيد على وعى المصريين.. وعلى معرفتهم بالمرحلة الدقيقة التى يمر بها العالم وتمر بها المنطقة عموماً.. لينحازوا إلى دولتهم.. ويقرروا أن يصنعوا ملحمة تاريخية جديدة تضاف لملاحم هذا الشعب العظيم.
المصريون وحدهم هم القادرون على صناعة التاريخ وبناء دولتهم ومساندتها فى أصعب الأوقات.. ورد الجميل للدولة ومؤسساتها، ولكن دعونا نحلل عن قرب المشاهد التى شاهدناها خلال عملية التصويت.. ونحاول معاً الإجابة عن السؤال الذى يشغل المحللين السياسيين والنخب، وحتى المواطنين البسطاء: لماذا أقبل الناخبون المصريون على التصويت بهذه الأعداد التاريخية فى اختيار مرشحهم الرئاسى؟، التى تؤكد كل الحسابات التى تم إعلانها من الهيئة الوطنية للانتخابات عقب غلق باب التصويت وبدء الفرز باللجان العامة عن تقدم المرشح الرئاسى عبدالفتاح السيسى بنسب كبيرة جداً عن المرشحيْن الآخريْن اللذين يتنافسان على المركز الثانى (المرشح الرئاسى فريد زهران والمرشح الرئاسى حازم عمر).
لا يستطيع أحد أن ينكر حالة الوعى الجماعى التى صنعها الإعلام المصرى على مدار الشهور الماضية.. وأعنى هنا بالشهور الماضية ليس مع بداية العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة.. ولكن أعتقد أن تكثيف الرسالة الإعلامية بدأ مع جولات الرئيس عبدالفتاح السيسى على المشروعات القومية التى تمت خلال الثمانى سنوات الماضية، وبعدها نقل مؤتمرات «حكاية وطن» إلى الجمهور بشكل تفصيلى ليرى المواطن عن قرب ما تحقق خلال السنوات الأخيرة.. كل ذلك جعل المواطن يدرك حجم الإنجاز الكبير والعظيم الذى طال كل متر من أرض مصر.. فلا يستطيع ألد أعداء النظام المصرى أن ينكروا أن ما حققته الدولة المصرية خلال الـ8 سنوات الماضية كان يحتاج لعشرات السنوات وأكثر.. ربما حاول أهل الشر والمرتزقة التقليل من حجم الإنجاز التاريخى بالتقليل منه بأنه فقط «طرق وكبارى».. فإذا بالشعب يرى أمام عينيه ما تحقق على أرض الواقع من خلال الإعلام (اختفاء للعشوائيات.. مدن جديدة.. تعمير صحراء.. ربط المدن الحدودية بمشروعات ومحاور حتى لا تبقى خارج نطاق خدمات الدولة يعبث بها أهل الشر.. موانى جديدة.. مصانع حقيقية...)، وهو عكس ما يتم ترويجه من إشاعات وأكاذيب من الإعلام المعادى؛ أن مشروعات الدولة توقفت فقط عند حدود الطرق والكبارى والعاصمة الإدارية.. التى كنت شاهداً على انبهار الزملاء الذين زاروها لأول مرة خلال انعقاد مؤتمرات «حكاية وطن» بها.
كل هذا لم يكن يعرفه المواطن المصرى إلا من خلال إعلام دولته الذى يحارب فى جميع الجبهات؛ يحارب الإعلام المعادى، ويحارب مخططات إسقاط الدولة، ويدافع عن حدود الأمن القومى المصرى.. وربما جاء العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة ومحاولة تنفيذ مخطط تهجير سكان القطاع إلى سيناء الغالية.. ليكشر الإعلام المصرى عن أنيابه ويفضح المخطط ويقف بقوة من أجل أن يصل صوت الفلسطينيين للعالم وصوت مصر.. وشاهدنا كيف تغير تناول الإعلام العالمى المنحاز للجانب الإسرائيلى فى تغطية الحرب داخل قطاع غزة ومحاولة إظهار قطاع غزة بالإرهابيين والسماح للجيش الإسرائيلى بارتكاب جرائم حرب داخل القطاع دون محاسبة أو مراقبة.. لينقلب الوضع بعد أن يظهر الإعلام المصرى من خلال قناته الإقليمية «القاهرة الإخبارية».. ويبدأ العالم فى التعاطف مع الشعب الفلسطينى، ويرى المصريون قوة دولتهم فى رفض مخططات التهجير وإيصال صوت الدولة ورأيها وموقفها الحاسم فى هذه القضية ومدى خطورتها على حدود الأمن القومى المصرى.. لتسقط قنوات الإعلام المعادى ولجانه الإلكترونية جثة هامدة تحت أقدام الإعلام المصرى.. الذى حقق انتصاراً عظيماً فى تناوله الإعلامى ودفاعه عن مقدرات الوطن وقراراته.. لترتفع حالة الوعى الجمعى بالدور العظيم الذى تلعبه مصر فى المنطقة من أجل الوصول لحل عادل وسلمى ونهائى للحرب الفلسطينية الإسرائيلية.
والأهم هو متابعة كيف وقفت مصر بجانب أشقائها فى مد قطاع غزة بجسور من المساعدات لم تتوقف منذ بداية العدوان وحتى كتابة هذه السطور.. رغم الظرف الاقتصادى الصعب الذى تمر به الدولة واختفاء بعض السلع الأساسية، إلا أن مصر لم تتراجع أو تقلل ذرة واحدة مما تقدمه لقطاع غزة من طعام ووقود ومستلزمات طبية.. فى وقت لم تقدم فيه دول أغنى من مصر 10% مما قدمته مصر.. كل هذا كان يتم تشويهه وإخفاؤه من قبل الإعلام المعادى؛ لأن الإعلام المصرى كان أضعف من أن يحارب فى كل هذه الجبهات سواء الداخلية أو الخارجية.. ولكن بفضل حالة التنظيم الكبيرة التى صنعها كيان الشركة المتحدة، استطاع الإعلام المصرى الوقوف والدفاع عن مصر داخلياً وخارجياً.. ليصبح الإعلام المصرى لأول مرة خلال الـ30 عاماً الأخيرة له دور مهم ومؤثر ومحورى فى الدفاع عن الدولة المصرية ومستقبلها، بعد سنوات من الغرق فى حالة «النعاس الإعلامى» ومنح الفرصة لدول أخرى فى قيادة المنطقة إعلامياً، أو حتى الغرق فى مشاهد من الفوضى الإعلامية عقب ثورة 25 يناير دفعت الدولة المصرية ثمنها غالياً.
أعتقد أن ما سبق كان أحد أهم الأسباب الرئيسية التى شكلت وعى المواطنين خلال الفترة الأخيرة.. وجعلتهم يشعرون بالخطر على وطنهم ومستقبله وأمنه القومى وينحازون للرجل الذى وهب حياته للدفاع عنهم وعن وطنهم منذ أن عرفوه فى 2013.. فخرجوا بهذه الأعداد الكبيرة فى مشهد تاريخى ليردوا له الجميل بأن يمنحوه الثقة ويصوّتوا ليس للمرشح الرئاسى عبدالفتاح السيسى ولكن لقائد يعرفون جيداً أنه لن يفرط فيهم أو فى ذرة تراب واحدة من تراب هذا الوطن..