النظام الانتخابى والحد الأدنى للاتفاق

هل يتم انتخاب البرلمان المصرى قبل نهاية هذا العام، أم أن الاختلاف حول النظام الانتخابى يمكن أن يؤدى إلى تعطيل العملية الانتخابية؟ أيضاً هل هناك طعون أخرى أمام المحكمة الدستورية يمكن أن تؤدى إلى تأجيل آخر أو حل البرلمان إذا انتُخب؟ هل هناك فعلاً إمكانية للاتفاق على نظام انتخابى جديد بين الأحزاب؟ كل هذه الأسئلة تدور الآن فى الساحة المصرية، لا سيما أن المهلة التى منحها الرئيس للجنة المعنية بصياغة القانون لتفادى مطاعن عدم الدستورية قد انتهت فعلاً أمس. فقد جاء حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون تقسيم الدوائر الانتخابية ليعطى فرصة للأحزاب والقوى السياسية أن تطرح تغييراً كاملاً للنظام الانتخابى، واقتراح حزمة من المقترحات التى تعكس رؤى مختلفة حول النظام الانتخابى. فهناك اقتراح بتبنى نظام القائمة بنسبة تصل إلى ٦٠٪، منها ٢٠٪ للفئات المميزة بالدستور، و٤٠٪ للفردى بدوائر كبيرة تصل إلى نصف مليون صوت للمقعد، وهناك اقتراح أيضاً بنصف المقاعد بالنظام الفردى والنصف الآخر قائمة نسبية، واقتراح بالثلث قوائم والثلثين فردى، وأخيراً اقتراح ببقاء النظام الانتخابى كما هو ٢٠٪ قائمة للفئات المميزة والشخصيات العامة و٨٠٪ من المقاعد الفردى، فقط تغيير محدد وهو أن تكون القوائم ٨ قوائم كل قائمة بها ١٥ مقعداً، بما فى ذلك الفئات المميزة. وفى الحقيقة فإن هذه المقترحات التى تسعى إلى تغيير النظام الانتخابى بالكامل سوف تؤدى إلى تعطيل الانتخابات بلا شك، فليس هناك أى اتفاق بين الأحزاب على هذه المقترحات، وهذا الخلاف سيحتاج إلى وقت طويل للوصول إلى توافق، لا سيما أن عدد الأحزاب قد بلغ ٩٦ حزباً سياسياً والمصالح متضاربة، وهناك أحزاب قد رتبت أمورها ومرشحيها على النظام الانتخابى الحالى وتشعر بالضرر من أى مساس أو تغيير فى هذا النظام، فقد أعدت قوائمها ومرشحيها لمقاعد الفردى، بل بعضها أطلق حملاته الإعلانية. المخاوف التى يطلقها من يطالبون بتغيير النظام الانتخابى هى الخشية من سيطرة المال السياسى أو القبلية، لا سيما فى النظام الفردى، وفى الحقيقة أن هذه المخاوف موجودة فى كل النظم الانتخابية سواء فردى دوائر صغيرة أو فردى دوائر كبيرة، والمثال الصارخ على هذا انتخابات ٢٠١٢؛ توزيع الزيت والسكر والبطاطين والمال، وكافة أشكال المنافع التى قدِّمت للناخبين، وانتهت إلى حصول مَن استخدم هذه الأساليب؛ حزبا النور والحرية والعدالة، على أكثر من ٧٥٪. فيجب ألا نحتج بهذا، وعلى الأحزاب والقوى السياسية أن تتوافق على إصلاح النظام الانتخابى الحالى فى ضوء حكم المحكمة الدستورية العليا، لا سيما أنه بحكمها تعد، فى رأى البعض، قد أقرت النظام الانتخابى الحالى بعد إتمام التعديلات المقترحة، مع إمكانية تحسينه فقط بإدخال تعديلات لا تغير من جوهر النظام الانتخابى، لا سيما إذا تمكنت الأحزاب السياسية من تكوين تحالفات انتخابية تستطيع بموجبها خوض الانتخابات مع التوافق على عدد من الدوائر التى تضمن تمثيل شخصيات عامة لها إسهاماتها المهمة التى تثرى العمل البرلمانى. الحل من وجهة نظرى هو تبنى المقترح الرابع للقوى السياسية، وهو خاص بتعديل القوائم لتكون ثمانى قوائم كل قائمة ١٥ مقعداً لتمثل تقريباً ٦ ملايين ناخب، وهو ما يحقق عدالة فى التمثيل وإمكانية حقيقية لتمثيل المحافظات، لا سيما أن قائمة الجنوب مثلاً كانت تضم محافظات من الجيزة إلى السودان، إذا أردنا أن نحقق الاستحقاق الثالث، وهو تشكيل مجلس النواب، فلا بد من اتفاق الحد الأدنى بين الجميع.