الانتخابات الخامسة.. رهان وجواب وأشياء أخرى

إمام أحمد

إمام أحمد

كاتب صحفي

أمام مشهد عالمى مضطرب، وموجات صراع دولى عاتية، وحروب مندلعة وأخرى على الأبواب، تشهد مصر استحقاقها الدستورى الخاص بالانتخابات الرئاسية 2024، وهى خامس انتخابات تعددية مصرية تُجرى على منصب رئيس الجمهورية. الأولى كانت فى 2005 شاهدة على سنوات مبارك الأخيرة، والثانية فى 2012 قادت مصر من فوران الشارع إلى حكم الجماعة، والثالثة فى 2014 جاءت كنقطة انطلاق لمسار دولة 30 يونيو ودستورها الجديد، ثم الرابعة فى 2018 التى بدت كإعادة تجديد ثقة فى «رجل 3 يوليو» الذى استجاب لإرادة المصريين، فأزاح الإخوان وحارب الإرهاب وأعاد بناء مؤسسات الدولة.

الآن تشهد مصر انتخاباتها الرئاسية الخامسة، وهى تأتى فى سياق دولى وإقليمى شديد التعقيد، بعضه معلوم وبعضه مكتوم. أما المعلوم فهو كل هذه الحروب والصراعات والأزمات المندلعة حول العالم، وحول مصر على وجه الخصوص على كل الجبهات. أما المكتوم فهو التالى:

1- الرهان!

على عكس ما يتصور البعض، فإن رهانات 2013 الشريرة لم تتلاش بعد. بعض لاعبى النرد -فى الداخل والخارج- ما زالوا يقامرون على إفساد أو عرقلة أو تعطيل أو تغيير وجهة المسار المصرى الوطنى الذى أسسته ثورة 30 يونيو ورسمه دستور 2014. البعض البغيض يراهن على أن تكون انتخابات 2024 بداية ما يصفونه بـ«حالة عدم اليقين»، وأن تبدأ الدولة المصرية عداً تنازلياً نحو سنوات السيولة والفوضى من جديد. ما لا يعرفه هؤلاء أن حركة التاريخ لا تعود للوراء، وأن مصر -قيادةً وشعباً- لا تقبل ذلك، ولن تسمح به.

2- الجواب!

الجواب مصطلح موسيقى، يقصد به الجملة الموسيقية الثانية التى تأتى رداً على جملة القرار، أو فى حالتنا هنا «جملة الرهان». فى يقينى أن الانتخابات الرئاسية الحالية سوف تكون جملة جواب شديدة القوة وبالغة الوضوح على كل الرهانات الخائبة. ما حدث من المصريين فى الخارج من رغبة حقيقية فى المشاركة قبل أيام، ثم ما سوف يحدث من المصريين فى الداخل، سيسدل الستار على أى مقامرة لا تريد الخير لمصر. قولاً واحداً: هى إذاً ليست انتخابات رئاسية فحسب، بل إعلان لإرادة شعبية لا يمكن تجاهلها بالداخل والخارج فى المقام الأول، وتعبير عن مسار وطنى مستقيم لا يمكن التنازل عنه أو لى ذراعه فى المقام الثانى.

3- الأشياء الأخرى!

تتداعى إلى ذهنى بعض المعانى ربما تكون ذات ارتباط وثيق بما نتكلم حوله أو ما نسكت عنه. إن الأمم لا تدار بالنوايا، وأحلام البلاد لا تتحقق بالأمنيات، ولا سبيل للإصلاح إلا الإصلاح الآمن عبر مؤسسات هذا البلد المستقرة وإرادة شعبه الجارفة بعيداً عن أى سيناريوهات طائشة أو مغامرات غير محسوبة.

ثم إن الديمقراطيات تُبنى بالتراكم، وهى ثقافة تنمو من القاعدة وليست قراراً فوقياً، وخبرة مكتسبة بالتجربة وليست جيناً طبيعياً تولد به الشعوب أو تولد بدونه.

أخيراً أقول: لا تثقوا فى الطائشين، ولا تصدقوا من كذبوا عليكم من قبل، ولا تفقدوا الثقة فى أنفسكم وفى بلدكم أبداً.

غداً أفضل بنا.. غداً أفضل لنا.