دار الإفتاء: لا حرج شرعي مِن استخدام قول «ربنا افتكره» على المتوفى

دار الإفتاء: لا حرج شرعي مِن استخدام قول «ربنا افتكره» على المتوفى
انتشرت في الآونة الأخيرة قول قطاع كبير من المواطنين، جملة «ربنا افتكره»، كنايةً عن من توفاه الله، ليتساءل كثيرون عن الحكم الشرعي عن هذا القول، وهو ما أوضحته دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي.
استخدام لفظ «ربنا افتكره»
وقالت دار الإفتاء، إنّ الناس في مصر تعارفوا على استخدام ألفاظٍ قد يُغَايِرُ مدلولُها العرفيُّ حقيقتَها اللغوية، حتى صارَ لا يتبادر إلى الذهن عند سماعها إلا ذلك المدلول العرفي، ومن ذلك استخدامهم لفظ «ربنا افتكره» للتعبير عن موت إنسان.
ولفتت الدار إلى أنّه لا يتبادر إلى ذهن أيٍّ من المصريين أبدًا أن المرادَ من هذه العبارة نسبةُ سَبْقِ النسيان إلى الله تعالى - حاشاه سبحانه وتقدَّس شانُهُ - على ما يدل عليه ظاهرها اللغوي.
وذكرت الدار، أن القرآن الكريم كثرت فيه الآيات التي إن حُمِلَت على حقيقتها اللغوية، فُهِمَ منها نسبة النقص إلى الله تعالى؛ حيث جاء لفظ النسيان في كثير من الآيات مضافًا إلى الذات الإلهية، ومع حفظ المسلمين للقرآن الكريم جيلًا عن جيل، لم يتبادر إلى ذهن، أيٍّ منهم أن المقصود منه حقيقةُ النسيان في اللغة والتي هي ضعفٌ في الْـمَلَكَةِ العقلية عند استحضار المعاني والأشياء بعد حفظها، بل المتبادر إلى الذهن فورًا هو تَرْكُ الله تعالى بإرادته رحمةَ العاصينَ بسبب سَبْقِ نسيانهم ما أمرهم به سبحانه من قبل؛ وذلك في مثل قول الله تعالى: ﴿فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾ [الأعراف: 51]، وهذا يُصحِّح المراد من قول المصريين: «ربنا افتكره»؛ ليكون بمعنى: «رَحِمَهُ»؛ بدلالة قولهم: «افتكار ربنا رحمة»؛ وذلك بمفهوم المخالفة؛ فإذا كان نسيان الله تعالى هو الترك من رحمته، فإن افتكاره سبحانه بِتَوَفِّيهِ عبدَهُ هو عين رحمته، فكانت هذه المقولة من المصريين متضمنةً أيضًا -علاوة على الإخبار بوفاة شخصٍ ما- التعبيرَ عن رجائهم بلوغَ مُتَوَفَّاهُمْ واسِعَ رحمة الله تعالى بعد الموت.
لا يجوز إساءة الظن بحمل معناه
وتابعت: وعليه فما انتشر على ألسنة المصريين من قولهم: «ربنا افتكره»؛ كنايةً عمن توفاه الله وانتقل إلى رحمته تعالى لا حرج فيه شرعًا، ولا يجوز إساءة الظن بحمل معناه على ما يدل عليه ظاهرُهُ اللغوي مِن نِسبة سَبْقِ النسيان إلى الله تعالى -حاشاه سبحانه وتقدَّس شانُهُ-، بل الواجب حملُهُ على المعنى العُرفي الحسن وهو انتقال مَن توفّاه الله تعالى إلى رحمته.