رحمة فتحي تكتب: المقاومة الثقافية الفلسطينية.. سلاح الإنسانية

رحمة فتحي تكتب: المقاومة الثقافية الفلسطينية.. سلاح الإنسانية
- فلسطين
- المقاومة الثقافية
- سلاح الإنسانية
- غسان كنفانى
- فلسطين
- المقاومة الثقافية
- سلاح الإنسانية
- غسان كنفانى
فى يوم قال كيان الاحتلال الصهيونى من المستحيل أن تصبح فلسطين أمة ثقافية أو أدبية، ولكن لا يعلمون أن الفلسطينيين صنعوا المقاومة الثقافية لتصبح مثالاً للحريات الإنسانية ومقاومة العدوان، وما زال إلى اليوم يُمنع دخول كُتاب فلسطينيين إلى أرضهم، حتى لو كانوا يحملون جنسيات أخرى.
لأن الثقافة والكتابة من أقوى الأسلحة قتلوا الصحفى غسان كنفانى بتفجير سيارته فى بيروت، لأنه ارتقى بالكلمة الفلسطينية، وبالأدب الفلسطينى وكشف قصص تهجير الفلسطينيين بعد النكبة.
حين سُئل يوماً الشاعر الفلسطينى محمود درويش سؤالاً شعرياً، ما الذى جعل غزة أسطورة؟ كتب فيها قصيدة لا مثيل لها، من دون أن يمجّدها كما يظن البعض، واصفاً إياها بالمدينة التى لا تجىء إلى أحد، فلا خيول لها ولا طائرات، ولا عصا سحرية، لكنها أسطورة منذ أن حرّرت نفسها منّا، من لغتنا وصفاتنا، وأنها لم تتحوّل إلى وظيفة، ولم تتأهّب لعدسات التصوير، ولم تضع معجون أسنان، فغزة من مواليد النار، بينما نحن من مواليد الانتظار والبكاء على الديار.
وهناك جبرا إبراهيم جبرا الذى غادر القدس ومنزله فى حى القطمون منذ 1948 هارباً مع عائلته إلى بغداد، وأصبح يكتب هناك ويهتم بالحداثة وفن التراث، ومنتجاً غزيراً للرواية والشعر واللوحات، كانت ثقافته الموسوعية تمتد من العالم العربى إلى عالم الأدب الأوروبى والغربى، فكانت رسالته استثماراً غنياً وذكياً لوطنه فلسطين.
تأتى الكاتبة الفلسطينية سعاد العامرى، وهى التى اشتهرت بكتابها «شارون وحماتى» وكتاب «جولدا نامت هنا». كتبت قصصاً مؤلمة قلة اهتمت بها، بعد أن قامت بجمع القصص الحقيقية لأشخاص طُردوا من أرضهم وديارهم وخسروا منازلهم، وعن آلاف الضحايا وهم يخرجون من بيوتهم قبل وطنهم منذ 1948.
ولهذا، ازدادت أهمية تعزيز المقاومة الثقافية، التى كانت موجودة فى مختلف المراحل، ولكنها بقيت على الهامش، إلى أن باتت هى الملاذ. ففى مراحل التراجع، حين تتعاظم الأخطار، يصبح الحفاظ على الهوية هو السبيل إلى الصمود فى مواجهة سعى المُستعمر إلى إضعافها، بعد أن أحكم سيطرته على الأرض.
تتجلى مقاومة الفلسطينيين الثقافية فى أشكال شتى، كانت بدايتها الأولى مع حكايات الأمهات والجدات لأبنائهن وبناتهن عن الوطن الذى اغتُصب، والبيوت التى سُلبت. تعودت أمهات فلسطين توريث مفاتيح بيوت عائلاتهن القديمة التى سلبها الاحتلال إلى الأبناء والبنات جيلاً بعد جيل، ومعها ثقافة هذا الوطن وتاريخه. إنها المقاومة الثقافية التى تملأ فراغاً ترتب على تعثر أشكال المقاومة الأخرى لتبقى القضية حيةً، وإنها لباقية.