ذاكرة الذباب والإعلام الكذاب.. ما قدمته مصر لفلسطين في عهد السيسي (2)

أحمد رفعت

أحمد رفعت

كاتب صحفي

خلاف ما قلناه بمقال الأمس من مواقف مصرية حاسمة وحازمة إلى جانب قضية فلسطين ودعماً لها منذ تولى الرئيس السيسى للمسئولية فى عام 2014، حتى أدى ذلك لمشكلات لمصر مع أطراف أخرى كنا نريد دعمها فى قضايا عديدة من الحرب على الإرهاب إلى مؤسسات التمويل الدولية.

ومع ذلك وطوال السنوات العشر الماضية ولم يذهب الرئيس السيسى إلى أى مناسبة دولية فى أى مكان فى العالم إلا وتناول القضية الفلسطينية، سواء فى محادثاته أو فى خطاباته وكلماته التى يلقيها بها.. خاصة اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التى حرص الرئيس على حضورها سنوياً فى سبتمبر من كل عام دون تفويض أحد، اللهم إلا فى عام كورونا، حيث شارك بفيديو المؤتمرات عن بعد!

وفى كل مرة يتحدث الرئيس أو يتباحث يبدأ بقضية فلسطين وما فيها وما بها وما حولها ثم يتعرض للمشكلات والأزمات العربية المشتعلة فى أكثر من بلد عربى، ثم يطرح القضايا المصرية المباشرة ومنها السد الإثيوبى!

أى كنا نقدمها على قضايانا وعلى أنفسنا ودون كلل أو ملل، وبما لا يقبل أى مزايدة من أى أحد على الإطلاق فى هذا العالم!

ولم يكن خافياً حجم وشكل التقدير الذى يلقاه الرئيس محمود عباس من الرئيس السيسى تثبته الدعوات والاجتماعات والقمم التى كان عباس مدعواً إليها، سواء فى القاهرة أو فى عمان، بل وحتى مع حركة حماس تجاوزت مصر بتسامح كبير جداً أخطاء حماس السابقة.

ولعبت دوراً مهماً فى وضعها على خط حركات التحرر الوطنى، متحلية مصر بالصبر الكبير، وهو ما حدث فعلاً فى قطع الصلة مع التنظيم الدولى للتنظيم الإخوانى الإرهابى، ولم يكن ذلك إلا حرصاً على فلسطين وقضيتها وشعبها!

ولا يحتاج التأكيد أن مصر تكاد تكون الدولة الوحيدة فى كافة الدول المتصلة بالقضية الفلسطينية التى لا تتدخل فيها لمصالح تخصها.. ولا يمكن مساواتها بغيرها على أى نحو ممن يتدخلون فى القرار والشأن الداخلى الفلسطينى بلغ مرات سابقة حد التصفية الجسدية، ولعل اغتيال قائد حماس العسكرى البارز الراحل أحمد الجعبرى فى صراع أجنحة وبناء على رغبة من إحدى الدول فى المنطقة، والتى تلاقت أيضاً مع العدو الإسرائيلى.. وهو ما حدث فعلاً واغتيل بعملية تصفوية تحتاج إلى حديث طويل، ولكن تحتاج مناسبة أخرى!

ما يهمنا وقوف مصر على خط مصالح شعبنا الفلسطينى.. لا من أجل هيمنة ولا تدخل ولا مصالح من أى نوع!

وطوال الفترة الماضية.. ومنذ تحديداً فوز اليمين الإسرائيلى المتطرف فى الأرض المحتلة ولم تتوقف مصر يوماً واحداً عن التحذير من مخاطر التعامل مع الفلسطينيين فى الضفة الغربية، ومن التعامل مع المقدسات العربية بالأرض المحتلة وما يجرى من تدنيس للمسجد الأقصى والكنائس.. فالرئيس السيسى حذر مرات ومرات من القتل اليومى والعدوان على الممتلكات واقتلاع الأشجار وحرق البيوت.

وبلغ الأمر فى العام 2022 فى ثلاث قضايا رئيسية، هى اقتحام المسجد الأقصى وحى الشيخ جراح وطرد سكانه واستشهاد الصحفية الفلسطينية شيرين أبوعاقلة، وما حدث فى جنازتها من عدوان لم يشهد له العالم مثيلاً فى أى جنازة لأى سياسى أو صحفى فى أى مكان فى العالم!

وأى مراجع لتصريحات الرئيس طوال العام السابق أو حتى قبيل «طوفان الأقصى» سيرى مدى إدراك مصر لخطورة ممارسات الاحتلال وأنها لو استمرت هكذا فالانفجار قادم قادم!وهو الأمر نفسه الذى جرى من السيد سامح شكرى، الذى راح يحذر وينبه ويضع العالم كله أمام مسئولياته هو وكل رجال الخارجية المصرية فى أى مناسبة مع أى طرف خارجى يتناول فى مصر أو مع مصر فى أى مكان بالعالم القضية الفلسطينية أو قضايا المنطقة بشكل عام!

ولم يكن ذلك إلا تعبيراً عن الموقف المصرى الذى عبر عنه الرئيس السيسى وتبنته بطبيعة الأشياء المؤسسات الرسمية المصرية ومنها الخارجية!

وهكذا حاولنا وعلى عجل، بغير تفاصيل إجمال الموقف المصرى من القضية الفلسطينية منذ تولى الرئيس السيسى للمسئولية وحتى قبل اندلاع الأحداث الأخيرة والعدوان الهمجى المستمر على غزة.. وأى عاقل يدرك أنه ولمدة تصل إلى عامين ولم ينتبه أحد للتحذيرات المصرية التى حملت أيضاً إلى كل أنحاء العالم «حل الدولتين» الذى لم يكن قط وليد الأحداث الجارية بل طرحته مصر وذكرت به العالم، باعتباره خلاصة القرارات الدولية وما صدر عن المؤسسات الدولية وخاصة الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن.. لم يكن طرحاً عاطفياً!

والآن.. يتناسى البعض هذا الدور.. وهذه الجهود.. وكأن التاريخ غير موجود! وكأن ذاكرتنا كذاكرتهم سمكية ذبابية لا تحتفظ بشىء.. أما العدوان على غزة وما سبقه من جهد مصرى لإعادة إعمار غزة تم بعد عدوان آخر سابق جرى قبل فترة فله حديث مستقل فى المقال القادم لعل الذكرى تنفع المؤمنين.