يا أوروبيون لا تخلطوا الأوراق (1).. فلسطين وسوريا لا تستويان
- السجن المؤبد
- السجن المشدد
- المرشد العام
- جماعة الإخوان الإرهابية
- أحداث قسم العرب
- محمد بديع
- الإخوان
- السجن المؤبد
- السجن المشدد
- المرشد العام
- جماعة الإخوان الإرهابية
- أحداث قسم العرب
- محمد بديع
- الإخوان
من الأمور الملاحظة على مدار الأيام الماضية لمن يتتبع ما يكتب ويبث فى الإعلام الأوروبى والأمريكى أن هناك ما يشبه الدعاية التى تستهدف بالأساس تمهيد الأرض إلى أن هناك إمكانية لإبرام اتفاق مع مصر بموجبه تستقبل المهجرين من غزة أو فى روايتهم «اللاجئين الفلسطينيين» مقابل مساعدات مالية يقال إنها ستحقق غرضين للقاهرة، أولهما مساعدتها فى الإنفاق على هؤلاء اللاجئين وتقديم ما يلزم لهم من دعم، والغرض الثانى مساعدة مصر فى التغلب على أزمتها الاقتصادية.
والبعض -وعلى لسان مسئولين أوروبيين- تحدثوا عما يمكن تسميته باستنساخ نموذج التعامل مع السوريين الفارين من جحيم الحرب الأهلية، حيث يدعو بعض هؤلاء مصر إلى استقبال اللاجئين الفلسطينيين من غزة مقابل مساعدات مالية، وقالوا نصاً كما حدث من قبل عندما استقبلت تركيا أكثر من 3 ملايين ونصف المليون لاجئ سورى.
وبالطبع فإن الأوروبيين لديهم مخاوف دائمة من موجات اللجوء السورية واستطاعوا التفاهم مع الأتراك، والآن أصبحت لديهم مخاوف أكبر من موجات لجوء فلسطينية وقد عبروا عن ذلك بمنتهى الوضوح، وحقهم أن يخشوا هكذا سيناريو، لكن ما ليس من حقهم أن يساووا بين وضع السوريين والفلسطينيين فهما لا يستويان على الإطلاق، فأن يقتصر الأمر بالنسبة للفلسطينيين على وصفهم بلاجئين فى حاجة إلى دولة تستقبلهم أمر لا يمكن تسميته إلا بمغالطة جديدة وتزييف فج لتاريخ سيسرد يوماً ما، ويبدو أنهم قد اعتادوا مثل تلك المغالطات.
لماذا لا يستويان؟ أولاً لأن خروج الفلسطينيين من قطاع غزة يعنى دق مسمار كبير فى نعش تصفية القضية الفلسطينية، إذا ترك هؤلاء أرضهم فإن الدور سيأتى لاحقاً على الفلسطينيين فى الضفة الغربية الذين قد يحاك لهم سيناريو ما ويقذف بهم إلى الأردن، وبعدها سيأتى الدور على الفلسطينيين من عرب 48.
وإذا كان لا يوجد شعب إسرائيلى فحينها لن تكون هناك قضية فلسطينية ولا أرض فلسطينية يراد أن يقام عليها دولة فى إطار فكرة حل الدولتين، هذه بديهيات يدركها الصغير قبل الكبير، أى إننا أمام سيناريو اختفاء فلسطين والفلسطينيين، وحتى لو تشدق الاحتلال بأنه سيعيدهم إلى القطاع بعد تطهيره من الإرهاب كما يدعى، فإن هذا لا يعقل ولا يصدق وتاريخهم يشهد على ذلك.
الوضع يختلف كلية فى الحالة السورية، لأن السوريين كانوا مجرد فارين من جحيم الحرب، وفرارهم لم يكن يحمل أى معنى متعلق بإمكانية اختفاء الدولة السورية أو تصفية الدولة السورية، كما أن سوريا ليست دولة خاضعة لاحتلال وبالتالى ليست هناك ممانعة يوماً ما فى عودة هؤلاء اللاجئين، وحتى إن رأى البعض أن فرارهم كان تصفية للثورة لكن الفارق كبير بين تصفية حدث سياسى وتصفية دولة، فالحالة الأخيرة أخطر، كما أن اللاجئين إذا استقرت الأمور داخل الدولة السورية وأرادوا العودة سيعودون ويجدون دولتهم بحدودها وجغرافيتها وثقافتها وجوارها، علماً بأننا لا نقلل أبداً مما عاناه السوريون.
أما المسألة الأهم التى لم ينتبه لها هؤلاء الأوروبيون والأمريكيون الداعون لمثل هذه السيناريوهات، أن تركيا ليست مصر ومصر ليست تركيا، فتركيا لديها مشكلات اقتصادية ومصر كذلك، لكن سوريا لم تكن قضية تركيا وبالتالى لم يكن لدى أنقرة مانع من الحصول على مليارات من اليورو مقابل استضافة السوريين، فليست لديها قضية تدافع عنها كما أن هذا لا يدينهم.
بينما فلسطين هى قضية مصر وهى كما وصفها الرئيس عبدالفتاح السيسى قضية القضايا، وعليه فلو كانت مصر تعانى اقتصادياً ومهما كانت حاجتها وعوزها وحتى لو لم يكن أمام أبنائها إلا التراب ليسدوا به جوعهم ومهما كانت الصفقة مغرية، فإنها قولاً واحداً مرفوضة مرفوضة مرفوضة سواء اليوم أو غداً وإلى قيام الساعة.
يا أوروبيون ويا أمريكيون إنكم تعرفون تاريخنا جيداً لكن يبدو أنكم بحاجة إلى التذكير من وقت لآخر بأن المصريين أكثر من دافعوا بدمائهم عن القضية الفلسطينية، وكانوا أكثر من أعطى لها، وها هو رئيسها وشعبها يواصلون الليل بالنهار لوقف نزيف الدم الفلسطينى، سواء فى القطاع أو الضفة، ألم تسمعوا رئيسها يقول على أسماعكم بلسان واضح مبين إننا لن نقبل أبداً بتصفية القضية الفلسطينية؟! ألم تسمعوا هتافات الملايين فى شوارع المحروسة وهم يقولون «لا للتهجير لا للتوطين.. الأرض أرض فلسطين».
يا أوروبيون أنتم تقولون ذلك فى إعلامكم وتخاطبون أنفسكم، ليست مصر ولا رئيسها ولا شعبها ولا طيورها وحيواناتها ولا أى كائن حى بها بالمقامر على القضية الفلسطينية، هى قضيتها فكيف سنقامر عليها مقابل يوروهاتكم ودولاراتكم. وربما أود فى نهاية تلك السطور تذكيركم أيضاً أن الفلسطينيين الذين يأتون إلى مصر أو غيرهم من السوريين والعراقيين واليمنيين إلى أرض الكنانة لم يكونوا أبداً ولو للحظة لاجئين، بل كان كل فرد منهم «صاحب بيت» كما يقول المصريون، أو لا تتعبوا أنفسكم بمعرفة الفارق بين القضيتين أو موقف مصر، أذكركم فقط بحقيقة أنتم تعرفونها «الفلسطينيون لن يتركوا أرضهم وقضيتهم ولو طارت لأجلها الرقاب».