سيناء.. الحلم والعبور للمستقبل
«هتشوفوا سيناء بصورة تانية تفرحوا بيها».. بهذه الكلمات، وعد الرئيس عبدالفتاح السيسى أهالى الشهداء بشكل خاص، والمصريين بشكل عام، فى إحدى الندوات التثقيفية للقوات المسلحة قبل سنوات.
لم يكن قرار التنمية فى سيناء بعد 2014 سهلاً، حيث اختارت الدولة الخيار الأصعب فى الأرض المباركة، وهو التنمية بجانب محاربة الإرهاب، هذا الخيار جاء فى ظل معاناة الدولة بصفة عامة، وسيناء بصفة خاصة، من مئات المشكلات فى مختلف القطاعات التى تراكمت على مدار سنوات مضت، وبعد عام من حكم الجماعة الإرهابية، التى لم تتوقف عن التدمير والتخريب والأخونة فى شتى المجالات واستهداف أبناء الوطن بالسلاح، وأيضاً بعد عقود من الإهمال والانعزال لقطعة غالية على قلوب المصريين.
عانت أرض الفيروز من الإهمال، فلم يتم النظر لها بالتعمير والتنمية على مدار التاريخ إلا مرتين فى التسعينات لمشروعين لم يكتب لهما النجاح، لكن رؤية وقرار الجمهورية الجديدة كانت واضحة منذ اللحظة الأولى، وهى الاقتحام لكل المشكلات والعمل على حلها مع تطهير سيناء من الإرهاب بشكل جذرى، وهو تنفيذ عملى لمقولة تتردد دائماً «يد تبنى ويد تحمل السلاح»، وبالفعل كانت البداية من حقبة ما بعد 2014، حينما خصصت الدولة 600 مليار جنيه لتنفيذ قرابة 994 مشروعاً تنموياً فى سيناء، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم قبل الفترات المقبلة مخصصة بالكامل للتنمية فى سيناء.
تحركات القيادة السياسية بعد 2014 للتنمية فى سيناء لم تكن مصادفة وإنما قرار استراتيجى نابع عن قناعة من أن سيناء بوابة مصر الشرقية، وقطعة غالية على قلوب المصريين، ضحى من أجلها جيش مصر العظيم وارتوت رمالها بدماء أجدادنا وآبائنا. وبالتالى جاء الاتجاه للتنمية فى سيناء وفق مخطط علمى من خلال عدة محاور:
أولاً، الجانب الاقتصادى: من خلال إنشاء مدن جديدة ومشروعات تجارية وصناعية وزراعية.
ثانياً، البنية التحتية: من خلال ربط سيناء بمحافظات مصر عبر عدة أنفاق ومحاور وشبكة طرق وكبارى.
ثالثاً، أمنياً وعسكرياً: من خلال عمليات القوات المسلحة للقضاء على الإرهاب.
وكان المستدف مما سبق واضح ومعلن منذ اللحظات الأولى، وهو تحويل سيناء إلى مركز للمال والأعمال والاقتصاد الأخضر، وبالفعل حققت مصر خلال الـ10 سنوات الماضية خطوات واعدة فى هذا الاتجاه، حيث برزت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وهو المشروع العملاق الذى يمثل نقلة كبيرة ستصل تأثيراتها للمنطقة كلها، إذ تضم المنطقة الاقتصادية 5 محافظات وهى: (بورسعيد، الإسماعيلية، السويس، شمال وجنوب سيناء) بجانب 6 موانئ وهى (شرق بورسعيد، غرب بورسعيد، العريش، العين السخنة، الطور، الأدبية)، كما تضم 4 مناطق اقتصادية (شرق بورسعيد، شرق الإسماعيلية، القنطرة غرب، العين السخنة).
ومن المشروعات الكبرى تطوير وبناء 5 مطارات جدد وهى: (البردويل الدولى، طابا الدولى، الطور، شرم الشيخ، سانت كاترين). ويأتى بعد ذلك مشروع ازدواج الممر الملاحى لقناة السويس، الذى نتج عنه زيادة فى الإيرادات من 5.4 مليار دولار فى 2015 لتصبح 9.4 مليار دولار فى 2023، وإنشاء عدة أنفاق لتعمل بجانب نفق الشهيد أحمد حمدى، وأشير هنا إلى أن هذه الأنفاق أنشئت بسواعد مصرية وفى زمن قياسى، وكان مقدراً لها من 15 إلى 20 عاماً بتنفيذ شركات عالمية، بجانب شبكة طرق طولها 3440 كيلومتراً بعد أن كانت 674 كيلومتراً قبل عام 2014 وخلال 10 سنوات أضيف 450 ألف فدان للرقعة الزراعية.
ولم تتوقف يد الدولة عند المشروعات الكبرى، وإنما أقامت مستشفيات ووحدات صحية ومدارس وجامعات ومحطات كهرباء ومحطات مياه شرب لتوفير مياه صالحة ومشروعات صرف صحى بجانب مشروعات الإسكان الاجتماعى ومزارع الأسماك.
وفى النهاية، فإن قرار القيادة السياسية بالتنمية فى سيناء، والتنفيذ الجاد لها على مدار سنوات، من خلال تخصيص وإنفاق مليارات الجنيهات عليها، يؤكد أن التنمية هى العبور الثانى لسيناء بعد العبور الأول فى 6 أكتوبر 1973.