تنمية سيناء.. قضية وطن

صلاح البلك

صلاح البلك

كاتب صحفي

عقود طويلة عاشتها سيناء وأهلها طى النسيان.. تعاملت معها الحكومات المصرية المتعاقبة على أنها «صندوق رمال» وأرض مواجهات يتعذر تغييرها، فبقيت على حالها صحراء مترامية الأطراف تتناثر فيها تجمعات وأشباه قرى ومدن تنتمى لعصور سابقة.

قرون طويلة لم تُفلح فيها محاولات تعميرها وتنميتها على قلتها ومداها الزمنى الطويل الذى تحولت خلاله إلى مادة خطاب سياسى يتبخر مع نهاية كل حديث، تشتعل الحروب على أرضها.. يحتلها غاصب.. تحررها جيوش مصر لتستعيد مكانتها «قضية وطن» يخطط ويبدأ مشروعات تنموية لا تكتمل أبداً.

كل مصرى يعتبر نفسه «صاحب ملك» فى أرض سيناء التى ارتوت بدماء الشهداء كما ارتوى الوادى بمياه النيل.. ترابها ضم أشخاصاً لا تُنسى من تاريخ البيوت المصرية، ما جعل مصيرها محل ترقب من الجميع.

انطلقت عقب ثورة يونيو أكبر خطة تنمية بميزانيات غير مسبوقة فى كافة مجالات الحياة وفق محاور استراتيجية بلغ فيها إجمالى الاستثمارات الموجهة لتنفيذ المشروعات القومية لتنمية سيناء ۹۰۰ مليار جنيه، تستهدف أن تكون سيناء مركزاً للمال والأعمال والاقتصاد الأخضر، عن طريق تطوير البنية التحتية والخدمات الأساسية وجذب الاستثمارات والاستفادة من الثروات والتنمية العمرانية والسياحية وتطوير البنية التحتية والخدمات الأساسية بشبه جزيرة سيناء.

الدولة المصرية وضعت مخططاً متكاملاً للعمل على التنمية المتكاملة ضمن الرؤية المستقبلية المستهدفة يتضمن دراسة إنشاء 20 تجمعاً تنموياً جديداً فى نطاق مراكز رفح والعريش والشيخ زويد خلال الفترة القليلة المقبلة.

سيناء تنتظر إنشاء ما يزيد على 40 مشروعاً استثمارياً تنموياً ضخماً فى شمالها، بين مشروعات سياحية وصناعية وتجارية ولوجيستية وزراعية كبرى.

المشروعات الاستثمارية المنتظرة تتضمن مشروعات سياحية، بينها مركز تنمية سياحية فى العريش، ومركز ترفيهى سياحى خدمى تجارى عالمى بالعريش، ومركز تنمية بيئى فى بئر العبد، ومركز تنمية سياحى على بحيرة البردويل، وآخر فى طابا.

المشروعات الصناعية كان لها نصيب ضمن المخطط الذى يتضمن إنشاء مجمع صناعات دوائية فى العريش، ومصنعين للرمال السوداء، ومجمع لإصلاح وبناء السفن، ومجمع صناعات لمنتجات الأسماك فى بئر العبد، ومجمع لإنتاج الفحم بالمغارة، ومجمع صناعات ميكانيكية وكهربائية، ومجمع صناعى للغزل والنسيج، ومجمع صناعى لإنتاج الزجاج.

يضاف إليها مشروعات التجارة والخدمات اللوجيستية، مثل ميناء العريش للحاويات.

تواصل الدولة مشروعات البنية التحتية والمشروعات التنموية بمراكز شمال سيناء، أبرزها فى العريش، ورفح، والشيخ زويد، وبئر العبد، ومركز الحسنة، وذلك فى قطاعات الكهرباء، والطاقة، ومياه الشرب والصرف الصحى، والرعاية الصحية، والخدمات التعليمية، والزراعة والرى، والنقل والمواصلات، فضلاً عن الخدمات الشبابية والإسكان.

فى الوقت الذى تتصدر فيه سيناء المشهد ننتظر القطاع الخاص المصرى للمساهمة بدور فعال فى أكبر عملية تنمية حقيقية تشهدها مصر عبر تاريخها، وهو ما يحتاج وبشكل عاجل للتغيير الفورى بما يسمح بالاستفادة من الإمكانات المتاحة وتحويل سيناء إلى منطقة جذب للعمالة المصرية والاستثمارات التى طالما غابت بدواعى عدم الاستقرار أو تراجع اهتمام الدولة، وجميعها أمور زالت وباتت الأرض مهيأة تماماً لاستقبال عصر مختلف يتسم بالتعاون الوثيق بين أطراف حريصة على الاستفادة وإحداث النقلة المرجوة بأسرع وقت.

وإذا كانت سلسلة الإجراءات والمشروعات الكبرى قد انطلقت وفق مخططات متوسطة وطويلة الأمد فإن الحاجة ملحة إلى خطط سريعة تستهدف تحسين جودة الحياة للمقيمين على أرض سيناء وتعجل استفادتهم من المشروعات الجارية وتُشعرهم أنهم الهدف الحقيقى لكل عمليات التنمية الجارية والتى ستجرى على الأرض، خاصة وهم يعانون الشعور الذى رافقهم طويلاً بأن الدولة لا تضعهم نصب أعينها.

نحن أحوج ما نكون إلى الوجود الكامل بينهم والاستجابة السريعة إلى متطلباتهم بما يكافئ طول صبرهم على سنوات طويلة من المعاناة كان آخرها الحرب على الإرهاب، واضعين فى الاعتبار تاريخهم الطويل وأدوارهم البطولية فى كافة الحروب.

كان الإنسان هناك ولا يزال هو المستهدف وصاحب الحق فى تحديد مطالبه العاجلة، ومن الطبيعى أن نكون عند حسن ظنهم ونُطلعهم بل ونُشركهم فى صناعة مستقبل الأرض التى طالما كانوا فى مقدمة الصفوف لحمايتها والدفاع عنها وهم الأحق قبل غيرهم بحصاد أى نتائج لعملية التنمية الكبرى التى كانت حلمهم وأملهم فى حياة مختلفة على أرض هى قدس أقداس المصريين.