حق ومشروعية المقاومة الفلسطينية
يسيطر الاحتلال على الإعلام الدولي وهو ما يتيح لها التلاعب بعقول الرأي العام في الدول الغربية والسيطرة بالتالي على السياسيين وأصحاب القرار , هذا بجانب التأييد المطلق والأعمى لها من جانب قوى الاستعمار القديم الحديث وعلى رأسها أمريكا وإنجلترا وفرنسا.
يستغل الاحتلال الإمكانات الهائلة للتأثير الإعلامي لقلب الحقائق وإظهار مظلوميتها وتشكيل صورة للمقاومة الفلسطينية باعتبارها تمارس الإرهاب وليس المقاومة التحريرية المشروعة بحكم الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة.
صور الاحتلال للعالم الغربي المقاومة على أنها تمارس الإرهاب وتقتل الأطفال بينما في الواقع أن الأطفال القتلى كانوا فلسطينيين .علينا كعرب أن نتحد إعلاميا وأن نوضح للعالم ان ما يقوم به الفلسطينيون هو مقاومة مسلحة لطرد الاحتلال والحصول على حقهم في تقرير المصير والاستقلال بدولتهم. إن المقاومة الفلسطينية هي حق للدفاع عن النفس وهي حق طبيعي أزلي ومقدس لا يقبل التنازل من جانب فرد أو جماعة وهي نتيجة طبيعية للبقاء والحفاظ على الحياة.
إن المجتمع الدولي والأمم المتحدة تعترف وتقر بمشروعية كفاح الشعوب المحتلة وقد أباحت لها استخدام القوة في سبيل الحصول على استقلالها وحريتها بل إن الاتفاقات الدولية وميثاق الأمم المتحدة يشرعون حروب التحرير سواء كان يطلق عليها مقاومة مسلحة أو تحرر وطني وقد رتبت الاتفاقات والميثاق مشروعية عمليات القائمين بها ومعاملتهم باعتبارهم أطرافا في الحرب ومعاملتهم على هذا الأساس تنطبق عليهم أحكام قانون الحرب.
المؤكد أن حق تقرير المصير لا تتم ممارسته في النظام الدولي المعاصر بالطرق السلمية وأن الجماعة الدولية لا تهتم بإعطاء حق تقرير المصير إلا للشعوب التي مارست القوة لنيل حقها في تقرير مصيرها وبمعنى أوضح للشعوب التي تقوم بالثورة على الأوضاع القائمة. فالجماعة الدولية لا تعير اهتماما للأماني والرغبات والآمال الوطنية في التحرر والاستقلال إلا إذا فرضت الشعوب نفسها وأحرزت مكاسب عسكرية لا يمكن للمجتمع الدولي تجاهلها _ وهو ما حدث مؤخرا في غزة بعد عملية طوفان الأقصى.
إن التاريخ يؤكد أن الطبيعة البشرية تتجاهل بشكل مطلق القواعد القانونية إلا في الحالات التي يصاحبها فيها القوة اللازمة لفرض احترام أحكامها لأن المشروعية القانونية وحدها لا تكفي لفرض احترام القواعد القانونية .إن اتفاقية لاهاي ألزمت الدولة التي تحتل دولة أو شعبا آخر باحترام حقوق الأهالي كما مدت الاتفاقية حمايتها إلى أعضاء المقاومة المنظمة , أي أنها غطت بحمايتها كل صور المقاومة حتى لو عملت مستقلة عن الجيوش النظامية , واشترطت الاتفاقية أن يكون على رأس المقاومين شخص مسئول وأن يحملوا علامة مميزة واضحة عن بعد وأن يحملوا السلاح علنا وأن يتبعوا في عملياتهم قوانين وعادات الحروب.
بل سمحت الاتفاقية لمتطوعين من رعايا دول صديقة للدولة المحتلة أن ينضموا إلى محاربي تلك الدولة وفي هذه الحالة ينطبق عليهم ما ينطبق على المحاربين من أبناء الدولة المحتلة . كما اعترفت كذلك اتفاقية جنيف بحركات المقاومة المنظمة وطبقت عليها قواعد الحماية.
إن الاحتلال يعمل على أن تصدر للعالم ان الكفاح المشروع للشعب الفلسطيني هو إرهاب تمارسه جماعات مسلحة ضدها وضد المدنيين من مواطنيها ، رغم أن المجتمع الدولي لم يتمكن من الاتفاق على تعريف واحد ومحدد لمفهوم الإرهاب، نظراً لاختلاف المعايير بين الدول، وتباين الرؤى حولها، فمصطلح العنف واستخدام القوة مفهوم نسبي الدلالة له وظيفته واستخداماته المحددة، فبعض الدول تصنفه على هواها إرهابا غن كان ضدها او لا ينتمي إلى أنصارها وعلى رأس تلك الدول أمريكا , بينما تعرفه دول أخرى بأنه مقاومة مشروعة لتحرير الأرض وإنهاء الاحتلال.
إن الاحتلال والدول الاستعمارية أهم دوافع المقاومة التي يسميها المستعمرون والمحتلون بالإرهاب، حيث تشير مداولات الجمعية العامة للأمم المتحدة طوال العقود الماضية إلى أن من أهم الأسباب الجوهرية لاستخدام العنف المسلح والمقاومة استمرار الاستعمار في السيطرة والهيمنة على شعوب وأمم بدون وجه حق ، وإنكار حق الشعوب في تقرير مصيرها.وبهذا تكون الأمم المتحدة قد قدمت فهماً معيارياً وموضوعياً برد الظاهرة إلى دوافعها وأسبابها، وقد ميزت بين الإرهاب بوصفه جريمة دولية، وبين الكفاح المسلح بوصفه نشاطاً من أنشطة حركات التحرر الوطني المشروعة، وهو بلا شك اختلاف جوهري في الطبيعة والمقاصد.