اللاءات الثلاث وشجاعة السيسي

جمال حسين

جمال حسين

كاتب صحفي

اتجهت أنظار العالم صوب العاصمة الإدارية الجديدة، حيث عُقد مؤتمر القاهرة للسلام الذى دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى ولاقى ترحيباً واستجابة فورية من ملوك ورؤساء وقادة دول من كل أنحاء العالم، بالإضافة إلى منظمات هامة، هى الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقى.

كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى جاءت قوية شجاعة معبرة عما تجيش به صدور المصريين والعرب وكل أحرار العالم.. قال إن مصر تعبّر عن صدمتها من صمت المجمتع الدولى تجاه ترك سكان غزة يعانون من التجويع والتهجير القسرى، وإن شعوب العالم أجمع تترقب مواقفنا فى هذه اللحظة، وأكد أن مصر لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية على حساب مصر.

وأضاف فى هذا الصدد: أؤكد للعالم بوضوح ولسان مبين أن الشعب المصرى فرداً فرداً لن يسمح بتصفية القضية الفلسطينية على حساب مصر، فهذا لن يحدث، وقد آن الأوان للمنطقة أن تبحث عن حل جذرى للصراع الدائر فيها منذ سنوات طويلة.

وأكد على أهمية أن تسفر القمة عن مخرجات تسهم فى وقف التصعيد الجارى، والتعامل مع الوضع الإنسانى الآخذ فى التدهور، وإعطاء دفعة قوية لمسار السلام.

وقال إن مصر تدين بوضوح كامل استهداف أو قتل أو ترويع كل المدنيين المسالمين. وفى الوقت ذاته تعبّر عن دهشتها البالغة من أن يقف العالم متفرجاً على أزمة إنسانية كارثية يتعرض لها ٢٫٥ مليون إنسان فلسطينى فى قطاع غزة يُفرض عليهم عقاب جماعى وحصار وتجويع وضغوط عنيفة للتهجير القسرى.

إنها رسالة سلام أرسلتها مصر لكل أحرار العالم بكل اللغات لإيقاف حمامات الدم التى تراق على أرض فلسطين وإسكات صوت البنادق فى حرب الإبادة التى تمارسها إسرائيل ضد الأبرياء من الأطفال والنساء، لنصرة الشعب الفلسطينى وإيجاد حل شامل للقضية الفلسطينية.

هنا أرض الكنانة.. إلى هنا جاء دعماء وقادة من مختلف دول العالم تلبية لدعوة الرئيس السيسى من أجل إيقاف المجازر وإبطال مخططات التهجير والتوطين وإراقة دماء المدنيين.

فخلال الأيام الصعبة الماضية قادت مصر العالم بصوتها الرشيد وموقفها الثابت ودبلوماسيتها الرصينة، فهى أول من نادت بإدخال المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين المحاصرين الذين يموتون جوعاً وعطشاً حتى تحقق لها ما أرادت وبدأ دخول المساعدات وسط فرحة عارمة من الجميع.. وهى أول من نادت وتنادى بوقف إطلاق النار وبدء المسار السياسى بحل الدولتين كى يعم السلام فى المنطقة بأسرها بعد ٧٥ عاماً من الصراع الدامى.

العالم أجمع هنا بالقاهرة، حيث تحدّث القادة والزعماء المشاركون فى قمة السلام، ثم تبعتها جلسة مغلقة تم خلالها بحث كافة القضايا للوصول إلى حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية.

أمريكا ودول أوروبا وكل الدول العربية شاركت فى هذه القمة، وروسيا واليابان والبرازيل، الدول الثلاث التى دعمت صوت مصر فى مجلس الأمن لوقف إطلاق النار، حاضرة بعد أن أوقفت أمريكا مطلبهم باستخدام حق الفيتو.

٣٤ دولة تبحث نشر السلام وتبحث عن حل توافقى قبل أن تنزلق الأزمة إلى نفق مظلم.

ثلاث لاءات رفعها الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ بدء العدوان الإسرائيلى على غزة، هى لا للتهجير، ولا للتوطين، ولا لتصفية القضية الفلسطينية واستهداف المدنيين.. الجميع اتفقوا على أولوية إيجاد أفق سياسى يحقن دماء أهالى غزة وينزع فتيل انفجار المنطقة.

ناقشوا وقف التصعيد فى القطاع ودفع مسار السلام.

بالتأكيد كانت قمة القاهرة للسلام طوق نجاة للقضية الفلسطينية وحلها من جذورها وفرصة للبحث عن حل بمباركة دولية واحترام القوانين الدولية.

كانت فرصة للضغط الدولى من أجل فك الحصار.

دعوة الرئيس حظيت باستجابة ومشاركة دولية وإقليمية واسعة من الدول من بينها أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وقبرص وإسبانيا وتركيا واليونان، ودول عربية فى مقدمتها فلسطين والأردن وقطر والإمارات والبحرين والكويت والسعودية والعراق وليبيا وجزر القمر، إضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش وأمين عام جامعة الدول العربية ومسئول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى وأمين عام الاتحاد الأفريقى.. الكل جاءوا للبحث عن مخرجات تساهم فى وقف القتال والتعامل مع الوضع الإنسانى الآخذ فى التدهور، وإعطاء دفعة قوية لمسار السلام والتوصل إلى وقف المذابح التى يتعرض لها أهالى غزة وخفض التصعيد فى الأراضى المحتلة.

فمنذ بداية العملية العسكرية تواصل الرئيس عبدالفتاح السيسى مع كل القادة والرؤساء المعنيين لاحتواء الأزمة وتهدئة الأوضاع ووقف التصعيد.

قمة القاهرة للسلام جاءت بعد أيام قليلة من إلغاء القمة الرباعية التى كان مقرراً عقدها بالأردن بحضور الرئيس الأمريكى جو بايدن وقادة مصر والأردن وفلسطين بسبب المذبحة التى ارتكبتها إسرائيل بقصف المستشفى المعمدانى بقطاع غزة والتى أسفرت عن استشهاد 500 فلسطينى معظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن.

ورغم أن مؤتمر القاهرة للسلام لم يحضره الرئيس الأمريكى جو بايدن الوحيد الذى يملك قوة الضغط على إسرائيل لإيقاف إطلاق النار مع رفاقه قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا الداعمين بقوة والمنحازين بشدة إلى جانب إسرائيل، إلا أن ممثليهم من وزراء خارجيتهم سوف ينقلون لهم نبض العالم الذى يرغب فى إحياء عملية السلام.

مؤتمر القاهرة للسلام رسم خارطة طريق لحل القضية ووقف نزيف الدماء، فهل يتفق الفرقاء على كلمة سواء؟

الأيام القادمة كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال.