كل ذرة تراب في أرض مصر أغلى من كنوز الدنيا

لؤي الخطيب

لؤي الخطيب

كاتب صحفي

حاول أن تتخيل فقط ما يمكن أن يكون قد عُرض على الرئيس السيسي والدولة المصرية لتمرير مخطط التهجير إلى سيناء، خلال الأيام الماضية وحدها!

كل المطلوب من السيسي هو مجرد كلمة "موافق"، وستُفتح له كل الأبواب التي لم تكن موجودة أصلا، وسيضمن استقرارا بل ورخاء اقتصاديا ربما لم تعهده مصر من قبل.

منطق المخطط الشرير البائس مبني على الآتي:ما الذي يضير مصر من تقديم مساحة محدودة للغاية من أرضها لمواطنين يتحدثون اللغة العربية كالمصريين، مقابل انفراجة لا مثيل لها في الأزمة الاقتصادية؟

من الناحية النظرية يبدو العرض منطقيا للغاية، بل وصفقة رابحة تماما.. قطعة من الصحراء مقابل دولارات ورخاء اقتصادي!

لكن ما يجهله هؤلاء البؤساء اللقطاء، أن هذه الأرض ليست ملكا لنا وحدنا لكي نتصرف فيها كيفما شئنا، فدولة يمتد تاريخها لآلاف السنين كمصر، شهدت تضحيات لمئات الأجيال المتعاقبة للحفاظ على كل ذرة تراب من أرضها.

نحتفل بذكرى أكتوبر، لكنه النصر الأبرز في العصر الحديث فقط، بينما هناك انتصارات مبهرة أخرى وتضحيات جليلة في عصور بعيدة، حيث لم تكن الدولة التي وضعت المخطط الشيطاني ولا أي من داعميها موجودين أصلا!

من يملك التفريط في كل ذلك وبأي مقابل، وإذا تجاوزنا الجغرافيا فكيف لنا أن نتخطى التاريخ؟ وإذا تخطيناه بذلك المنطق البائس، فمن ينجينا من لعنات المستقبل التي ستلاحقنا من أجيال ستدرك فداحة ما اقترفته أيدينا؟

يمتلك المصريون إرثا حضاريا وجينيا من تقديس الأرض، فهي كالعرض غير قابلة للتفريط أو البيع أو المبادلة أو التفاوض، في المقابل لا يستطيع أن يدرك ذلك الإرث لقطاء التاريخ.

لم يكن السادات ليحارب في أكتوبر ٧٣ إلا من أجل الأرض، والتي كان من أجلها أيضا السلام الذي بات مهددا الآن أكثر من أي وقت مضى، ولم تكن مصر لتتفاوض بقيادة الرئيس مبارك لسنوات على طابا إلا لنفس السبب.. الأرض شرف.. ومن يفرط في شرفه لا يستحق، ونحن أحياء قبل التاريخ، وجغرافيا أرضنا محفورة في الوجدان، ولا تغيير على الإطلاق في كل ذلك.