مصر قالت كلمتها.. الرئيس السيسي: نرفض تصفية القضية الفلسطينية ومحاولات التهجير القسري

كتب: نور الدين القلعاوي

مصر قالت كلمتها.. الرئيس السيسي: نرفض تصفية القضية الفلسطينية ومحاولات التهجير القسري

مصر قالت كلمتها.. الرئيس السيسي: نرفض تصفية القضية الفلسطينية ومحاولات التهجير القسري

كان القطاع يُشيّع اليوم الحادى عشر من العدوان الغاشم، ليدخل ليلة جديدة من الأسى والحصار والجوع، لا كهرباء فيها ولا ماء ولا وقود، فقط الظلام فى كل مكان تقطعه ومضات خاطفة للقذائف والصواريخ الإسرائيلية، فتدك منزلاً هنا، وتستهدف مرفقاً هناك، وتدمر الأسواق والشاحنات والتجمعات، وتشعل الحرائق فتسقط آلاف الشهداء والجرحى.. امتلأت المستشفيات بالمصابين، وأرضها بالأطفال والمسنين ومرافقى الجرحى وفاقدى المأوى، وبدلاً من أن يجد فيها أهالى حى الزيتون بـ«غزة» العلاج والأمان، كانوا على موعد مع مجزرة وحشية فى المستشفى المعمدانى، الذى قصفته قوات الاحتلال، فى جريمة حرب أسفرت عن سقوط المئات بين شهيد ومصاب، واستنكرتها شعوب العالم. تدّعى قوات الاحتلال استهدافها لقيادات «حماس» والمقاومة الفلسطينية، فيما تسعى لتوسيع رقعة الدمار وتشديد الحصار إلى تهجير الأهالى قسرياً نحو مصر، والاستيلاء على القطاع، وتصفية القضية الفلسطينية، وهو ما ترفضه مصر بشكل قاطع، وهو ما أكده الرئيس عبدالفتاح السيسى مراراً فى لقاءاته مع مختلف القادة والزعماء، محذراً من أن الدفع فى هذا الاتجاه يجعل السلام بين مصر وإسرائيل محل تهديد حقيقى، وأن الحل الوحيد للوصول إلى أمن مستدام للشعوب والمنطقة هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس.

أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى أنّ «مصر ترفض تصفية القضية الفلسطينية بالأدوات العسكرية أو أى محاولات لتهجير الفلسطينيين قسرياً من أرضهم، أو أن يأتى ذلك على حساب المنطقة».

وشدد «السيسى»، خلال كلمته فى مؤتمر صحفى مشترك مع المستشار الألمانى أولف شولتس، اليوم، على أنّ مصر ستظل على موقفها الداعم للحق الفلسطينى المشروع فى أرضه ونضال شعبه، موضحاً أنّ تصفية القضية الفلسطينية فى غاية الخطورة، وما يحدث فى غزة الآن ليس فقط الحرص على توجيه عمل عسكرى ضد حماس، وإنما محاولة لدفع السكان المدنيين إلى اللجوء للهجرة إلى مصر، وتابع: «نحن دولة ذات سيادة حرصت خلال السنوات الماضية منذ اتفاقية السلام مع إسرائيل على أن يكون هذا المسار خياراً استراتيجياً نحرص عليه، ونسعى لأن يكون داعماً لدول أخرى للانضمام إليه»، محذّراً من خطورة استمرار الوضع فى غزة، مؤكداً أنّ استمرار الاحتلال الإسرائيلى للقطاع يمنع إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة مستقلة.

وقال الرئيس إنّ قطاع غزة يخضع لسيطرة إسرائيل منذ سنوات، ورغم المبادرات الدولية والإقليمية لحل القضية الفلسطينية، إلا أنّ كل الجهود لم تؤت ثمارها، ومعاناة الأشقاء فى فلسطين مستمرة، مشدداً على ضرورة تحرك إسرائيل بشكل جاد نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة، قائلاً: «لا نبرر أى عمل يستهدف المدنيين، ولكن القضية الفلسطينية هى قضية المنطقة بالكامل، وهناك رأى عام عربى وإسلامى داعم لها». وأعرب «السيسى» عن بالغ الأسى والألم من القصف الوحشى لمستشفى الأهلى المعمدانى فى غزة، متقدماً بخالص التعازى لأسر الشهداء، مؤكّداً إدانة مصر لكل الأعمال العسكرية التى تستهدف المدنيين بالمخالفة وتنتهك كل القوانين الدولية، مشدداً على رفض جميع الممارسات المتعمدة ضد المدنيين، مطالباً المجتمع الدولى بالتدخل الفورى لوقفها.

وقال الرئيس خلال المؤتمر: «أرحب بكم فى مصر بتوقيت غاية فى الدقة والخطورة، فى ضوء التصعيد العسكرى الخطير الذى يشهده قطاع غزة والتحديات الإقليمية المرتبطة بهذا التصعيد»، مشيراً إلى أن زيارة المستشار الألمانى لمصر تعكس عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين والتزامهما باستكشاف سبل تدعيم العلاقات الثنائية فى مختلف المجالات، كما تتيح هذه الزيارة التنسيق والتشاور المستمر من أجل تحقيق أهدافنا بغايتنا المشتركة، والتى يأتى فى مقدمتها تحقيق الأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط وبما ينعكس أيضاً على القارة الأوروبية.

وتابع «السيسى»: «لقد تناولت مباحثاتنا اليوم مع المستشار الألمانى بشكل تفصيلى، المواجهات العسكرية بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى والتصعيد العسكرى فى قطاع غزة الذى أودى بحياة آلاف المدنيين من الجانبين، مع النظر أيضاً إلى المخاطر الجسيمة على المدنيين وعلى شعوب المنطقة، كما أن الوضع الإنسانى فى قطاع غزة أخذ فى التدهور بصورة مؤسفة وغير مسبوقة، واستمرار العمليات العسكرية الحالية ستكون له تداعيات أمنية وإنسانية يمكن أن تخرج عن السيطرة، فهناك خطورة من توسيع رقعة الصراع فى حالة عدم تضافر جهود كل الأطراف الدولية والإقليمية للوقف الفورى للتصعيد الحالى»، موضحاً: «لقد تناولت والمستشار شولتس، الجهود المصرية لاحتواء الأزمة باتصالاتنا المكثفة مع طرفى الصراع وكل الأطراف الدولية والإقليمية على مدار الأيام الماضية، واتفقنا فى الرؤى حول الحاجة الضرورية لعودة مسار التهدئة وفتح آفاق جديدة للتسوية حتى لا تنزلق المنطقة إلى حلقة مفرغة من العنف، وتعريض حياة المدنيين للمزيد من الخطر».

وقال الرئيس إنَّ «نقل المواطنين الفلسطينيين من غزة إلى سيناء هو عبارة عن نقل فكرة المقاومة والقتال من القطاع إليها، وبالتالى تصبح قاعدة للانطلاق بعمليات ضد إسرائيل، وفى هذه الحالة سيحق لإسرائيل الدفاع عن أمنها القومى وسترد التعامل وتوجه ضربات للأراضى المصرية»، متابعاً: «إنَّ مصر دولة كبيرة حرصت على السلام بإخلاص ولابد أن نعمل جميعاً للمساهمة فى أن يكون استثمارنا فى السلام قائماً، ولا يتم تبديده بفكرة غير قابلة للتنفيذ، وتوجد صحراء النقب فى إسرائيل ممكن يتمّ نقل الفلسطينيين إليها حتى تنتهى إسرائيل من مهمتها المعلنة».

وأوضح «السيسى» أنّ الحصار المطبق على قطاع غزة أضحى قضية خطيرة، هدفها النهائى تصفية القضية الفلسطينية، مضيفاً أنّ الحصار يشمل منع دخول المياه والوقود والكهرباء والمساعدات الإنسانية، وتهديدات بنقل المواطنين الفلسطينيين من القطاع لمصر، مؤكداً رفض تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، متابعاً أنّ مصر دعت إلى قمة لبحث التطورات ومستقبل القضية الفلسطينية وعملية السلام، مشدداً على أهمية أن تسفر القمة عن مخرجات تسهم فى التصعيد الجارى حقناً لدماء المدنيين والتعامل مع الوضع الإنسانى الآخذ فى التدهور، وإعطاء دفعة قوية لمسار السلام، معرباً عن أمله فى أن تكون زيارة المستشار «شولتس» إلى القاهرة خطوة رئيسية فى جهود إنهاء الأزمة الحالية، وتحقيق التعايش السلمى بين الشعوب.

وحذّر الرئيس من المحاولات الإسرائيلية لدفع الفلسطينيين للنزوح إلى سيناء، بحجة إبعاد المدنيين عن هجماتها التى تدّعى أنّها ضد المقاومة المسلحة فى قطاع غزة، مشدداً على أنه بإمكان إسرائيل أن تنقل الفلسطينيين إلى صحراء النقب حتى تنتهى من مهمتها المعلنة فى تصفية المقاومة أو الجماعات المسلحة المنتمية لحماس والجهاد الإسلامى وغيره فى القطاع، وإعادتهم مرة أخرى إذا شاءت. وأضاف «السيسى»: «محاولات نقلهم إلى مصر تعنى أن تتحول سيناء إلى قاعدة للانطلاق بعمليات ضد إسرائيل، وتتحمل مصر مسئولية ذلك، ووقتها سيتلاشى السلام فى إطار فكرة تصفية القضية الفلسطينية»، وتابع: «أكدت للمستشار الألمانى أنّ مصر بها 105 ملايين مواطن، والرأى العام المصرى والعربى يتأثر ببعضه البعض، وإذا استدعى الأمر أن أطلب من الشعب المصرى الخروج للتعبير عن رفض الفكرة، فسترون ملايين من المصريين يخرجون للتعبير عن الرفض ودعم الموقف المصرى».

وبعد انتهاء المباحثات مع المستشار الألمانى تفقد الرئيس السيسى، أمس، أعمال تطوير محور المستشار عبدالمجيد محمود، الذى يعد من أهم المحاور الرئيسية الجارى إنشاؤها فى منطقة المقطم، ويعتبر من المحاور ذات الكثافة المرورية العالية التى تخدم أعداداً كبيرة من المواطنين، كما تفقد أعمال إنشاء امتداد محور حسب الله الكفراوى وكورنيش النيل بالمعادى.

حداد عام قرَّر الرئيس عبدالفتاح السيسى إعلان حالة الحداد العام فى جميع أنحاء الجمهورية، لمدة ثلاثة أيام، حداداً على أرواح الضحايا الأبرياء لجريمة قصف المستشفى الأهلى المعمدانى بقطاع غزة، وعلى جميع الشهداء من أبناء الشعب الفلسطينى الشقيق. 

 


مواضيع متعلقة