رجال من مصر «شحاته وجمال»
«جمال» الوزير الأديب
تعبيرا عن حبه وانتمائه لقريته «المقاطعة دقهلية» مسقط رأسه أهداها رسالة الدكتوراه ثم عاد من باريس، ليستكمل رحلة العطاء حتى أصبح رئيسا لجامعة المنصورة، قبل اختياره وزيرا للتربية والتعليم والتعليم العالي مع ثلاث وزراء مختلفين.
وفي فترات مهمة من تاريخ الوطن حاول خلالها الاجتهاد في ملف من اهم واخطر الملفات واصلاح مشكلاته المزمنة، قبل نصف قرن (50عاما) وبالتحديد يوم 6 أكتوبر 1973 كان قائد سرية ضمن الكتيبة السابعة المشاة ميكانيكا، وفي تمام الساعة الرابعة عصرا بعد الحرب بساعتين عبر القناة، وقبل المغرب كانت أقدامه تغرس في رمال سيناء الحبيبة.
ولم يتخيل اطلاقا ان يأتي اليوم ويشارك في العبور الذي كان يطالب به دائما خلال مشاركته في الحركة الطلابية بجامعة القاهرة لحث الرئيس السادات على التخلص من عار نكسة 1957، هذا الشاب الصغير الذي لم يبلغ الـ22 ربيعا عبر خط بارليف الحصين في الساعات الأولى لحرب أكتوبر المجيدة.
وكان أحد صناع النصر العظيم وقدم حياته ثمنا هو والآف الشباب أمثاله لاستعادة الأرض المحتلة وكرامة الأمة العربية لم يفكروا إطلاقا في أنفسهم التي اعتبروها رخيصة أمام تحرير تراب الوطن الغالي.
تولى مناصب عديدة منها رئيس جامعة المنصورة ثم وزيرا للتربية والتعليم ثم وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي، ثم مرة ثالثة وزيرا للتربية والتعليم والتعليم الفني، وهو أستاذ اقتصاد ومالية عامة وقاضي سابق بمجلس الدولة، وحاصل على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية.
كما انه مفكرا وصاحب صالون ثقافي يحمل اسمه بالإضافة إلى أنه أديبا صدر له حتى الآن 6 رويات والعديد من المؤلفات العلمية والثقافية،إبن الطبقة المتوسطة التي كان التعليم هدفها في الحياة.
كما اعتمدت على جهودها وعملها في تحقيق أحلامها وتولى أعلى المناصب التي تستحقها في الدولة بعيدا عن الواسطة والمحسوبية، وهو الأخ الأكبر لثمانية اشقاء في أسرة محترمة تعشق العمل الخيرى وجميع اشقاؤه تولوا مناصب عليا في الدولة،هو نموذجا للشخصية العاقلة المتسامحة المتزنة والمسئول الوطني المثقف واسع الفكر والافقانه الوزير الاديب أحمد جمال الدين موسى احد أبطال حرب اكتوبر المجيدة :
شحاتة «الشهيد الحي»
يوم 6 أكتوبر 73، تم تكليفه هو وزملاؤه القيام بعمليات فدائية فى منطقة وادى فيران وسط الجيش الإسرائيلى، تمنع تقدمه وقطع الإمدادات عنه والتواصل بين قواته جنوب وشمال سيناء، ورغم أنها مهمة شديدة الصعوبة والبطل يعرف أنه قد يفقد حياته، وأنها مهمة اللاعودة، ولكنه لم يفكر إلا فى شىء واحد فقط، هو إما النصر أو الشهادة.
كان من المقرر للمهمة 3 أيام، وهى الأيام الأولى الحاسمة فى المعركة، وحمل معه الطعام والشراب والذخيرة التى تكفى هذه المدة فقط، لكن المهمة استمرت سبعة أشهر، وحتى بعد الهدنة، وحدثت له معجزات إلهية تؤكد أن الله كان معه، وحينما تسمع التفاصيل منه لن تستطيع السيطرة على دموعك.
ويوم 9 أكتوبر، شاهد أوتوبيسين ترافقهما 17 عربة فى طريقها لدعم جيش العدو فى شمال سيناء، ورغم فارق القوة فتح عليها هو ومجموعته النيران ودمروا الأوتوبيسين وفوجئوا بهروب العربات واكتشفوا بعد ذلك أن الضحايا 65 طياراً وملاحا.
وكانت خسارة فادحة لإسرائيل لم تنسها حتى بعد وقف القتال، حيث كان طيرانها يمشط المنطقة يومياً، ويضربها بالقنابل حتى يأخذ بالثأر من جنودنا الذين ينتقلون من مخبأ إلى آخر بمساعدة بدو سيناء الأبطال.
وفى أحد الأيام، قامت إسرائيل بعملية قتالية شرسة استخدمت فيها كل إمكانياتها، حتى اعتقد الجميع أن النقيب البطل ورفاقه لقوا ربهم شهداء، وبالفعل وصل الخبر إلى القيادة العامة واستخرجت شهادة وفاته، واعتمدت مكافأة الاستشهاد، وأرسلت مندوباً إلى منزل البطل لتسليم أهله المكافأة والشهادة وتحدث المعجزة بأن يعود الشهيد الحى فى اليوم نفسه، ويستدعيه على الفور المشير أحمد إسماعيل وزير الدفاع قائد القوات العربية فى حرب أكتوبر، حتى يكرّمه وهو بنفس بدلته العسكرية وشعر رأسه وذقنه الطويل.
العمليات العظيمة التى قادها البطل هو ورفاقه كان لها دور كبير فى تعطيل قوات العدو وتكبده خسائر فادحة، وأيضاً تحقيق مكاسب كبيرة فى مفاوضات الكيلو 101.
النقيب البطل بعد الحرب تدرج فى صفوف القوات المسلحة حتى رتبة لواء أركان حرب صاعقة وشارك فى تأسيس المجموعة 777 العظيمة، ثم 999، كما شارك فى حرب تحرير الكويت عام 1990، وكان مستشاراً عسكرياً لمصر فى عمان،البطل جذوره من المنوفية ونشاته وتعليمه في الغربية والتحق بالكلية الحربية عام 1968.
إنه البطل اللواء «مجدى شحاتة»، إنها نماذج طيبة وقدوة تحتذى تمنح الأمل، حيث كانت على استعداد لتقديم أرواحها فداءً للوطن، وبسببهم استعادت مصر أرضها والأمة العربية كرامتها.
بارك الله في الوزير الأديب "أحمد جمال" وفي اللواء البطل "مجدى شحاته" نظير ما قدما للوطن من تضحيات خالدة لا يستطيع أعظم كاتب دراما فى العالم مهما كان مبدعاً أن ينسج سيناريو يعبّر عن بطولاتهما وزملائهم في حرب أكتوبر المجيد.