عظيمة من مصر «نوال خميس»

كل من يقرأ هذا المقال ربما أول يسمع عن الشخصية التى اتناولها لأنها ليست لاعب كرة قدم وفنان أو مطرب أو حتى اعلامي ويوتيوبر رغم انها مهمة جدا وهى النجم الحقيقي في المجتمع والتي لولاها هي وأمثالها ما استمرت الحياة على الكرة الأرضية، ولدت في قرية بياهْمو.. بمحافظة الفيوم عام 1936وكانت وحيدة والديها والتحقت بمدرسة خاصة للغات بالفيوم حتى حصلت على الثانوية العامة عام 1956 وكان حلم حياتها دراسة الصحافة في كلية الأدب جامعة القاهرة ولكنها تزوجت عام 1957 من ضابط بالقوات المسلحة ونظرا لطبيعة عمله اضطرت إلى الإقامة مع والدها تساعده في زراعة الأرض حيث يمتلك 40 فدان حتى تولت هى المسئولية بالكامل بعد وفاة والدها ثم زوجها وأصبحت تتعامل مع المزارعين والتجار والبنوك والمهندسين وأقامت العديد من المشروعات،لم تحصر نفسها داخل قريتها بل خرجت للعالم سافرت دول كثيرة حتى تتعرف على أحدث التجارب والتكنولوجيا الحديثة في الزراعة وتطبقها على نفسها وفي حالة نجاحها تقوم بتعميمها على أهالي قريتها ووصل بها الأمر إلى درجة طباعة كتب على نفقتها بتجاربها الناجحة في زراعة المحاصيل الاستراتيجية والتى توفر المياه وتزيد الانتاج ثم توزع الكتب مجانا على المزارعين للاستفادة منها.

شاركت في كثير من المؤتمرات داخل البلاد وخارجها وتم دعوتها لعرض تجاربها أمام منظمة الفاو في إيطاليا وأصرت على الحديث باللغة العربية رغم اجادتها للانجليزية وكانت سببا في اعتماد اللغة العربية في الفاو ،وعلى امتداد أكثر من نصف قرن من العمل والنشاط والإبداع حولت أرضها إلى مركز للبحوث الزراعيةومنزلها إلى ملتقى للباحثين ولكل من يطلب العون فى زراعة الأرض.. وتدبير المياه ومكافحة الآفات الزراعية لم تتقلد وظيفة ولم تتطلع لمنصب ولم تجْر وراء مسئول ولكنها أصبحت محط أنظار وإحترام الجميع وقبلتهم .. فلاحين وباحثين، مزارعين ومسئولين اعتمدت على القراءة والاطلاع ..فتجاوزت بعلمها الحاصلين على درجات علمية، قرأت في الأدب الإنجليزي.

كما حفظت مؤلفات طه حسين ونجيب محفوظ وعباس العقاد وغيرهم،عشقت الارض فعشقتها الأرض وأعطتها خيرها كما كرمها جميع وزراء الزراعة ابتداء من المهندس سيد مرعى عام 1967 وكذلك محافظوا الفيوم وقال عنها يوسف والي من ذهب إلى الفيوم ولم يزور عاشقة الأرض فكأنه لم يزور الفيوم وعاد كما ذهب،هى عضو في معظم اللجان الرسمية والشعبية المعنية بالمرأة الريفية والفلاحين كما أنها عضوا في الحملة القومية لمحصولي القمح والارز وحصلت على العديد من الجوائز المحلية والدولية لأنها حققت أعلى انتاجية فى الأرز والقطن والقمح، ومجالات مختلفة لترشيد الري ومقاومة الآفات وتصدير الزهور،وهبت حياتها لرعاية أسرتها وأرضها ومواطنيها ،هى نموذج محترم للمرأة المصرية الاصيلة وتشعر بالدف والطمأنينه حينما تسمع صوتها وبجانب تميزها وريادتها في أهم وأشرف مهنة على الكوكب فانها ايضا أم عظيمة قامت على تربية وتعليم أولادها حتى تولوا مناصب عليا في الدولة هم وأحفادها ، هي قدوة يجب أن تحتذى لشبابنا تمنحهم طاقة أمل وتفاؤل في مستقبل أفضل ويجب أن نعلم أبناؤنا أن هؤلاء هم رموز المجتمع ونجومه لأنهم يقدمون للبلد خدمات جليلة ويفنون أنفسهم حتى نحيا وتحيا مصر.. إنها الفلاحة العظيمة البسيطة الحاجة "نوال خميس" بنت الفيوم عاشقة الأرض بارك الله في عمرها وعملها وصحتها.