حديث الملفات الأربعة..!
لا يقاس عطاء أى قائد لشعبه بوفائه بمتطلباته الأساسية.. إنما بحجم تحقيقه لأحلامهم.. ويكون القياس بلا حدود إذا كانت تلك أحلامهم المستحيلة!
إنجازات عديدة -رغم أهميتها وقيمتها- لا تحتاج إلا لأموال وكوادر.. كالمناطق الخطرة وغير المخططة أو طريق بين قريتين.. وهناك مشروعات كبرى أخرى تحتاج لما هو أبعد.. تحتاج إلى أموال وكوادر وتخطيط جيد.. كالمدن الجديدة أو مصنع كبير.. يوجد مثله لكنه ليس قريباً من الإنتاج الزراعى.. وهناك مشروعات قومية أكبر تحتاج إلى المال والكوادر والتخطيط و.. والجرأة.. نعم الجرأة.. توسعة الطرق مثلاً بل التعامل مع ميدان مثل «سفنكس» بالمهندسين.. كان يمكن تنظيمه أو توسعة الجسرين القاطعين للميدان.. ولن يطلب أحد بل لن يفكر أحد من الأساس فى أكثر من ذلك.. لكن ما جرى إعادة تخطيط الميدان كله كأنه لم يؤسس بعد.. ولذلك يحتاج وسيحتاج العابرون له إلى معرفة تفاصيله الجديدة لقطعه والمرور عبره أو إليه!
وهناك مشروعات.. أو قل «ملفات».. تحتاج كل ما سبق.. ولكن قبله وبعده ومعه ما هو أهم وأخطر وأعظم منها كلها.. «الإرادة»!
والرئيس عبدالفتاح السيسى توفرت له الإرادة، ليس لفتح ملفات ليست فقط غاية فى الأهمية لشعبنا، بل شكّلت أحلامه المؤجلة وربما الممنوعة لسنوات طويلة.. وعندما توفرت الإرادة رأيناها تتحقق واحداً بعد آخر..
الملف الأول شرع فيه الرئيس حتى قبل تولى المسئولية فى ٢٠١٤.. إعادة تحديث الجيش المصرى العظيم ليكون على مستوى ما يحدث فى المنطقة والعالم.. ليكون قادراً على الردع وليس فقط على صد العدوان.. ليكون قادراً على حماية مصالح مصر فى أى مكان وليس فقط حماية حدودنا التاريخية والتقليدية.. والفرق كبير جداً بين «حماية المصالح» و«حماية الحدود»!
لم تكن عملية تحديث الجيش سهلة.. لكن تشهد النتيجة لها.. إذ صار جيشنا حاضراً على قائمة أى تصنيف عالمى.. فى قائمة أقوى عشرين جيشاً وقائمة الأربعة عشر جيشاً وحتى فى قائمة الجيوش العشرة القوية!
أما الملف الثانى فكان الحلم المؤجل.. المعطل. قل عليه -عزيزى القارئ- ما تشاء لكنه كان خارج خواطر المصريين تماماً.. فكانت استعادة سيناء ورقية شكلية ليس لنا فيها إلا انتماء أهلها وما تقرره خرائط مصر واتفاقياتها الدولية.. لكن ظلت تلك المساحة الكبيرة من أرضنا المقدسة خارج دوائر الفعل الرسمية والتنفيذية.. تلك المساحة التى تعادل مساحة أو حتى أضعاف مساحات دول شقيقة بلا أى فائدة أو عائد اللهم الإرهاب ومشكلات أخرى.. اليوم تنطلق التنمية فى سيناء فى كل اتجاه.. طرق وأنفاق وزراعة وصناعة ومدن جديدة وتجمعات بدوية وجامعات ومشروعات عملاقة بدت كدولة بكر استقلت حديثاً.. حتى إن خمسة مطارات وخمسة موانئ بين التطوير والإنشاء مع ما سبق وبما لا يصدقه عقل الكثيرين مع ما يجرى فى سانت كاترين مع ما يجرى للسياحة مع ما يجرى من مزارع سمكية مع ما يجرى للمنطقة الاقتصادية للقناة وللقناة نفسها.. حتى ستكون سيناء قريباً جداً مؤهلة لاستيعاب عدة ملايين من السكان ليكون زرعها بالبشر الحلم الكبير الذى يحميها للأبد وينهى ليس عزلتها فقط إنما ينهى للأبد أى أطماع فيها!
«النووى المصرى»!.. أحد أحلام شعبنا المؤجلة منذ تحويل مسار برنامجنا النووى عن مساره وتحويل إنشاص إلى الأبحاث الطبية والعلمية.. اليوم يتجدد الأمل بامتلاك محطة بأربعة مفاعلات وليس مفاعلاً واحداً.. الحلم فى أربعة!
صحيح المفاعل سِلمى.. لكنه يجعل مصر تقتحم المجال ويكون لها -تسترد- كوادرها وخبراؤها وخبراتها وفنيوها وتعليمها ومناهجها ولذلك كانت المدرسة الفنية بالضبعة والعودة إلى أقسام الهندسة النووية بجامعة الإسكندرية أو غيرها!
الضبعة.. مدينة ذرية على أرض مصرية بساحل على المتوسط لا يقل عن شاطئ العلمين الجديدة وعمق فى الصحراء ومحطة من أحدث أجيال المفاعلات النووية أماناً وتأميناً بإنذارها المبكر إلى قوة جسم المفاعلات وهيكلها الخارجى وتحملها لأى هجوم متعمد أو غير متعمد كارتطام طائرة مثلاً لا قدر الله!
الملف الرابع كان الحرب على الفساد.. وزراء ومحافظون ونوابهم ومستشاروهم ورؤساء هيئات كبرى كالجمارك والضرائب تحت طائلة القانون.. ضربات موجعة من الرقابة الإدارية ومباحث الأموال العامة وغيرها من الأجهزة الرقابية بلغت حد استعادة أرض على ساحل دمياط تجاوز سعرها الخمسة مليارات ونصف المليار جنيه! «الرقابة» وحدها تحيل للقضاء أربعمائة قضية جنائية -جنائية وليست مخالفات إدارية وملاحظات أداء- فى ٢٠٢٠ وحده! جزء من منظومة الفساد تمتد خيوطه للخارج وبعضها فاعل وقادر على الأذى.. ومن هنا تكون أهمية الملف!
هذه الملفات الأربعة لم يقترب أحد منها لنصف قرن.. وهى محل فيتو إقليمى ودولى.. فتنمية سيناء مثلاً تزعج البعض حولنا اعتاد أن تظل «يد مصر الموجوعة» القابلة للضغط عليها عند أى أزمة.. واليوم يتبدل الحال كليةً!
إنها الملفات المحظورة التى ليس فقط امتدت إليها يد الرئيس السيسى.. بل اقتحمتها كلها.. وفى وقت واحد!