وما أدراك ما «البريكس»

إعلان انضمام مصر و5 دول أخرى لتكتل البريكس، كان له رد فعل مختلف ومتباين ما بين مغالاة فى الإيجابيات أو تهويل فى السلبيات.

فلن تتحول مصر إلى دولة عظمى فجأة، كما أننا لن نغرق فى أزمات البحث عن اليوان الصينى أو الروبل الروسى أو الروبية الهندية.

تحليل قبول طلب مصر يجب أن ينظر إليه من خلال معرفة سبب تقدم أكثر من 22 دولة رسمياً للانضمام للتكتل، من أصل 40 دولة مهتمة بتنفيذ هذه الخطوة.

يجب أن نتأمل سبب تأجيل قبول دول مستقرة اقتصادياً مثل الجزائر ونيجيريا وأندونيسيا والكويت وتايلاند للعام المقبل، وقبول مصر.

يجب أن نفكر جيداً لماذا تأجل النظر فى طلبات دول تعانى من تأثرها بالأزمات العالمية مثل بنجلاديش وفيتنام وهندوراس، لكن جرى قبول مصر.

قرار قبول الانضمام جرى اتخاذه بالإجماع، وبعد مداولات سياسية واقتصادية، ما يعنى أن الدافعين متوفران فى كل دولة جرى الموافقة عليها.

البعض يقبل الدافع السياسى لانضمام مصر للتكتل، لكنه يتعجب من الدافع الاقتصادى، وهو أمر له وجاهة؛ لكنى أعتقد أن الدافع الاقتصادى هو الأساس فى قبول العضوية لعدة أسباب.

الأول: صحيح أن الميزان التجارى مع دول البريكس يميل لصالحها -وهذا أمر طبيعى- لكن هذا لا يعنى أننا نغط فى نوم عميق، لأن صادراتنا للتكتل ظلت ترتفع على مدار السنوات الماضية حتى بلغت نحو 5 مليارات دولار، تمثل 10% من إجمالى صادراتنا المتزايدة سنة بعد سنة حتى بلغت فى 2022 نحو 51.6 مليار دولار.

الثانى: حتى ارتفاع وارداتنا من التكتل كان منطقياً، لأنها جزء من مناورة تخفيض تكلفة الواردات وتعظيم الاستفادة من العملات الصعبة المتوافرة، باستبدال استيراد سلع مرتفعة التكلفة (من دول غربية) بأخرى منخفضة التكلفة (من دول البريكس).

فضلاً عن ترجيح التجميع المحلى مقابل استيراد منتجات تامة الصنع، لإخراج نفقات التشغيل والضرائب المفروضة على هذه المنتجات، ونفقات أخرى كثيرة من قائمة التكلفة، مع استفادة الاقتصاد المصرى بها.

الثالث: الصين وروسيا لديهما مناطق صناعية فى مصر قوية وكبيرة وتتوسع، ثم انضمت لهما الهند بإنشاء منطقة صناعية جديدة خاصة بها، وفى نهاية 2022 تقدمت البرازيل بطلب إنشاء منطقة صناعية لها فى مصر.

فى اعتقادى أن دول بريكس تدرك القيمة الحالية للاقتصاد المصرى، وتؤمن بتحسن هذه القيمة فى المستقبل القريب، ما سيضيف قوة إلى التكتل.

هناك فرضية قد تكون حالمة، لكنها تقبل النقاش، وهى أن التكتل أراد بضم مصر والأرجنتين على وجه التحديد، باعتبارهما الاقتصادين الناميين الأكثر تأثراً بالأزمات العالمية، أن يضرب المثل للعالم، أن التكتل يستطيع أن يساند ويدعم الدول للخروج من أزماتها، وبالتالى إذا نجح فى هدفه (المفترض)، سيكون قد قدم نفسه للعالم على أنه الحل لكل مشاكل وأزمات نظام عالمى قديم تقوده الولايات المتحدة.