آخر فتوات «الحسينية»: «الفتونة» أدب «البلطجة» قلة أدب

آخر فتوات «الحسينية»: «الفتونة» أدب «البلطجة» قلة أدب
قبل عشرات السنوات كان فتوة، طويل وعريض المنكبين، يقف على «شنباته» صقر، يقف مع الحق وينصر المظلوم، الآن وبعد أن كبرت السن وضاعت القوة، أصبح يقضى وقته جالساً على كرسى فى منتصف شارع «الحسينية» بالجمالية، يتذكر ما مضى من عز وقوة.
«خليل إبراهيم»، أحد فتوات الحسينية القدامى، يستدعى ذكرياته ويحكى: «أنا كنت فتوة، والفتونة رجولة، كنت بعدل بين الناس لوجه الله، مش عايز حاجة، وكنت بقف مع الناس الغلابة، وبصلح فى الخناقات والمشاكل، وأساعد العاطل على الحصول على فرصة عمل».
يحب أهالى الحسينية الفتوى القديم، يجلسون إلى جواره ويسمعون منه الحكايات، الكبير يتذكر معه أيام الفتونة والوقوف مع الغلابة، ويحزن على البلطجة التى تؤذى الناس هذه الأيام: «الفتونة أدب، والبلطجة قلة أدب».
«الفتوة ابن أصل، جدع، شهم، أما البلطجى فصايع، مبرشم، حرامى، مايعرفش العيب، زمان ماكنش فيه بلطجية، ولو فيه نمسكه ونضربه ونعلمه غلطه، لكن مانفتريش على حد»، قالها «عم خليل»، مؤكداً أنه كان يستخدم أسلحة مثل «الكزلك والمطوة»، فى الخناقات الكبيرة، وكان يشتريها من المدبح.
«عم خليل» و«إبراهيم نملة»، رحمه الله، كانا من أشهر فتوات الحسينية، تشاجرا كثيراً فى مناطق مجاورة دفاعاً عن الحسينية، كمنطقتى الأوبيسى، وباب الشعرية، وكانا يقفان فى وجه كل من يعاكس نساء منطقتهما: «اللى يضايق بنت كنا نضربه، ولو غريب كنا نعدمه العافية عشان إحنا جدعان مانقبلش الكلام ده، وبسبب كده كنا بندخل فى مشاكل مع فتوات المناطق التانية لكن كنا بنقدر نخلص المشاكل مع بعض».
فتوات زمان كانوا يتغذون على البيض البلدى «أبوقرش صاغ»، والكباب، وعلب البولوبيف، أم «خمسة تعريفة»، وحسب «عم خليل»: «كان أكل نضيف عشان كده كنا أقويا، أصل بولوبيف دلوقتى عامل زى أكل الكلاب، دلوقتى عاملين بلطجية وهما ورق». يبتسم «عم خليل»، وهو يتحدث عن عشقه لبلده الصغير «الحسينية»، متمنياً أن يتغير ويجد العاطلون فيه عملاً حتى يساهموا فى تطويره.
