الكنيسة الأرثوذكسية: سندرس منح البابا شنودة لقب «قديس» بعد مرور 40 عاماً على وفاته

الكنيسة الأرثوذكسية: سندرس منح البابا شنودة لقب «قديس» بعد مرور 40 عاماً على وفاته
أمضى البابا شنودة الثالث 40 عاماً من حياته بطريركاً فى خدمة رعيته، وخلال تلك الفترة أحبّه الجميع، فقد كان وطنياً حتى النخاع، وصحفياً وكاتباً وشاعراً، وشهدت الكنيسة فى عصره نهضة علمية وعمرانية، فقد أسس إيبارشيات فى أماكن وبلاد كانت مغمورة وبعيدة كالصين وسنغافورة. وعاش كراعٍ، إذ كرّس حياته ووقته لرعيته وكنيسته، واهتم بالأطفال والكبار، وفى لقاءاته مع الكهنة كان يحثهم على الترفق بالمتألمين والمحتاجين، كما عُرف بزيارته للمرضى فى بيوتهم والمستشفيات، لذلك أحبّه شعبه فى حياته وكرّمه فى وفاته.
قضى «شنودة» سنواته الأربعين فى الإجابة عن أسئلة الناس ببساطة وخفة دم وعمق وحتى خلال لقاءاته التليفزيونية لم تخل من الابتسامة، فلم يره أحد إلا وابتسم لابتسامته، فكان يضحك حتى فى أشد المواقف صعوبة عليه ويُضحك معه الجميع إعجاباً بروحه الفكاهية وسرعة بديهته.
وفى يوم 12 مارس ٢٠١٢ رحل البابا شنودة، وكان يوم جنازته مشهوداً بحب الناس له، فلم يحضر الأقباط ورجال الكنيسة فقط، وإنما شهدت الكنيسة حضوراً من المسلمين، فقد كان البابا الراحل نموذجاً للوطنية المخلصة، ورمزاً من رموز الوطن، ودلالة على مرحلة مهمة فى تاريخ الكنيسة وتاريخ مصر بشكل عام، لذلك نعاه المسلمون قبل الأقباط، كما كتب العديد من الكتّاب المقالات فى رحيل البابا شنودة، وعمّ الحزن على مصر كلها فى ذلك اليوم.
ولأن الاعتراف بقدسية شخص فى الكنيسة يلزمه التكريم أولاً من شعب الكنيسة، ومن ثم إعطاؤه صفة رسمية لـ«القداسة»، فإن البابا شنودة قد نال التكريم من الجميع. وعن متى يحصل البابا شنودة على القدسية بصفة رسمية، قال الأنبا دانيال، سكرتير المجمع المقدس، لـ«الوطن» إن الاعتراف بقدسية البابا شنودة الثالث ما زال أمامه فترة، حيث يتم الاعتراف بالقديسين بعد مرور 40 عاماً من الوفاة بحسب لوائح المجمع المقدس، موضحاً أنه يشترط فى فتح مناقشة إعلان قداسة شخص أن يكون مر على وفاته 40 سنة على الأقل، على أن يجرى إعلان القداسة على مرحلتين؛ الأولى بعد 40 سنة من الوفاة ويعلن أن الشخص قديس بالكنيسة، ثم خلال 10 سنوات يجرى استبيان آراء الإكليروس والأقباط لإعلان أن الشخص «قديس».
«عزت»: الإيمان والسيرة الطيبة والتعليم أبرز شروط الاعتراف بالشخص كقديس
فيما أوضح القس يوساب عزت، أستاذ القانون الكنسى، أن المجمع المقدس حدد بعض الشروط للاعتراف بالشخص كقديس داخل الكنيسة، ومن ضمن هذه الشروط: أن يكون مر على نياحته (وفاته) 40 عاماً وليس أقل، وتكون لديه سلامة الإيمان بحسب الكنيسة الأرثوذكسية، ولديه سيرة طيبة وحياة فضيلة وتعليم كَنسى، وإجماع الناس على حُسن سيرته وفضائله. أما عن ربط صنع المعجزات من قِبل الأشخاص حتى يتم الاعتراف بهم كقديسين، فقال «عزت» إن نقطة المعجزات ليست شرطاً أساسياً، حيث إنه يوجد بعض من القديسين ليست لديهم معجزات، ولكن الضرورى هو حياة الشخص من جهة الفضيلة وسلامة التعليم والإيمان.
وبحسب الكنيسة فإن جميع المسيحيين قديسون بسبب سُكنى الروح القدس فيهم بالمعمودية والميرون، والاتحاد بالمسيح فى الأفخارستيا، وأن مفهوم إعلان قداسة شخص هى الاعتراف القانونى بقداسته، ويعنى إمكانية بناء كنائس أو مذابح على اسمه، وعمل أيقونات له، وأعياد وإبصاليات وتماجيد ومدائح على اسمه، ولا يحتم هذا ذكره فى مجمع القداس، حيث إن قديسى الكنيسة عددهم ضخم جداً ولا يذكرون جميعاً فى مجمع القداس.
وتعترف الكنيسة بالقديسين فى مرات قليلة جداً، إذ لم تكن هناك قوانين تحدد هذا الشأن قبل عهد البابا شنودة الثالث، وكان الاعتراف يصدر بقرار عن المجمع المقدس، عندما كان يراد تعميم تكريمهم على كل الكنيسة، وكل القديسين الذين اعتُرِف بهم عن طريق قرارات رسمية تم تكريمهم كقديسين من قبَل المؤمنين قبل الاعتراف بهم بالقرارات الرسمية.
يقول البابا تواضروس الثانى، فى إحدى عظاته، إنه بمجرد الاعتراف بأحد القديسين فى الكنيسة يسمح بإقامة كنائس تحمل اسمه وتدشن أيقوناته وتقام مذابح على اسمه ويقال اسمه فى الألحان ويذكر فى القداسات وفى يوم ميلاده ووفاته.