البابا شنودة.. أسقف التعليم الأول الذي حارب أصدقاءه بسبب «الإيمان الأرثوذكسي»

كتب: مريم شريف

البابا شنودة.. أسقف التعليم الأول الذي حارب أصدقاءه بسبب «الإيمان الأرثوذكسي»

البابا شنودة.. أسقف التعليم الأول الذي حارب أصدقاءه بسبب «الإيمان الأرثوذكسي»

فى 30 سبتمبر 1962، خرج الراهب أنطونيوس السريانى، من توحّده فى مغارة تبعد عن دير السريان بسبعة كيلومترات باستدعاء من البابا كيرلس السادس، لتتم رسامته بشكل مفاجئ، إذ قام البابا بوضع صليبه على رأس الراهب أنطونيوس خلال عمله ميطانية -السجود- أمام البابا كعادته، وقال البابا كيرلس: «رسمناك يا أنطونيوس باسم شنودة أسقف التعليم» بعد رفض الراهب أنطونيوس هذا المنصب أكثر من مرة، قائلاً: «أنا غير مستحق لهذه الخدمة».

تميز بأسلوبه الفريد فى الوعظ.. واستخدم الخرائط الذهنية فى الشرح

وشهدت فترة تولى الأنبا شنودة الثالث أسقفاً للتعليم نهضة فى التعليم الكنسى، فكان يعظ فى الكلية الإكليريكية بدير الأنبا رويس بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، حيث أسس أسقف التعليم الأول اجتماعات للوعظ والتعليم تعقد يومين فى الأسبوع، وكانت تتزاحم تلك الاجتماعات بالحضور، حيث كان يحضرها الآلاف، فكان يتميز بأسلوبه الفريد فى الوعظ، حيث كان يستخدم الخرائط الذهنية فى الشرح لجذب تركيز الحاضرين، وتسهيل الاستيعاب لهم، كما كان يربط بين نبوات العهد القديم والجديد، موضحاً كيف تحقّقت تلك النبوات.

وكان الأنبا شنودة غيوراً على عقيدته الأرثوذكسية خلال فترة خدمته فى أسقفية التعليم، فقد حارب أصدقاءه بسبب الإيمان الأرثوذكسى، حيث كانت تجمع الراهب أنطونيوس السريانى والأب متى المسكين علاقة قديمة ترجع إلى أيام الخدمة فى مدارس الأحد بالجيزة قبل الرهبنة، ثم دخل يوسف إسكندر -الأب متى المسكين- دير الأنبا صموئيل فى عام 1948، وانتقل بعد ذلك إلى دير السريان، وتمّت رسامته قساً باسم «متى المسكين»، وتبعه «نظير جيد» فى عام 1954 باسم الراهب أنطونيوس السريانى، وكان يعتبر الأب «متى» معلماً له، ليبدأ الخلاف بينهما فى منتصف عام 1956، حيث انتقل القمص متى من دير السريان إلى صحراء دير الأنبا صموئيل «وادى الريان»، وانتقل معه 12 من الرهبان، كان من بينهم الراهب أنطونيوس (البابا شنودة)، ولكن سرعان ما نشأ الخلاف الفكرى هناك، فقرّر أنطونيوس تركه، وعاد إلى دير السريان فى مايو 1957، ومنذ تلك اللحظة، لم يعد القمص متى مرشداً روحياً له. وكان أسقف التعليم الأول يرد على كتابات الأب متى المسكين، التى يرى بها أخطاءً من منطلق الأمانة مع الاحتفاظ بمساحة المحبة بينهما، وأكد البابا شنودة أنه أرسل إلى القمص متى أكثر من مرة ملاحظاته، إلا أن الأخير صمّم على طبع كتبه بنفس ما جاء فيها، مما دفع البابا للرد على كتبه فى محاضرات بالكلية الإكليريكية».

وفى فترة أسقفيته للتعليم، وبجانب عمله الأكاديمى فى الكلية الإكليريكية والمعاهد الدينية، كان له عدد من البحوث والكتب المعدّة بطريقة منظمة وعلمية، فقد قام بكتابة أكثر من 85 كتاباً شملت موضوعات مختلفة، فمنها الروحية واللاهوتية والعقائدية والطقسية والخاصة بالخدام والخدمة، كما وضع إجاباته عن أسئلة الناس فى كتب، حيث يقرأها الشعب فيستفيد منها على مر الزمن، ورغم صعوبة موضوعات بعض الكتب، فإنه تناولها بسهولة وببساطة جعلت الجميع يقبلون على شرائها، وقد بيعت بسعر التكلفة، مما أدى إلى نفادها بسرعة، وطبع منها الكثير من الطبعات المتتالية، وقد ترجمت كتبه إلى اللغات الأجنبية، مثل الفرنسية والإنجليزية والألمانية والإيطالية والبولندية والهولندية وغيرها من لغات العالم الأخرى.

وحاول أن يأخذ مجلة مدارس الأحد لتصبح لسان حال خدمته، ولكن المسئولين عنها فى ذلك الوقت رفضوا، فأصدر مجلة الكرازة الصادرة عن الكلية الإكليريكية تحمل فى طياتها رسالة روحية وآبائية للشعب، وكتب فيها، كما خصص جزءاً لمقالات لاهوتية، فيها من وحى الآباء الرسل، وكذلك باب يجيب فيه عن أسئلة القراء، وكانت مجلة الكرازة النافذة التى أظهرت الفكر التعليمى والتربوى والآبائى للأنبا شنودة.

وحمل الأنبا شنودة شعلة الإصلاح فى التربية الكنسية من بعد معلمه القديس الأرشيدياكون حبيب جرجس، حيث بدأ أسقف التعليم الأول بالإشراف على التربية الكنسية إشرافاً علمياً، ويتابعها متابعة ميدانية، فيقوم بالزيارات والافتقادات لفصولها، ويقوم بإعداد مناهجها وبرامجها ويعقد لها المؤتمرات وحلقات البحث والمناقشة، وعمّمت فكرة مدارس التربية الكنسية، لتشمل جميع أنحاء مصر فى الفترة التى قضاها أسقفاً للتعليم، كما اعتمد مناهج كتب مقدمته للتربية الكنسية فى الفصول الابتدائية.

وشمل اهتمام الأنبا شنودة المعاهد الدينية، إذ اهتم بمعهد الدراسات القبطية، حيث قام المعهد فى هذه الفترة بالكثير من الأنشطة والمعارض، كما قام بمنح رسالة المعهد لبعض العلماء الأجانب الذين أسهموا مساهمة فعالة فى الدراسات القبطية، وقد نظم المعهد الكثير من المحاضرات العامة والندوات فى الأمور التى تهم الأقباط، وكذلك معهد ديديموس، وهو معهد لإعداد مرتلى الكنيسة من المكفوفين والمبصرين، واهتمت أسقفية التعليم فى فترة تولى الأنبا شنودة بالبعثات الخارجية لطلبة الكلية الإكليريكية ومعهد الدراسات ومعهد ديديموس، وعمل الأنبا شنودة على رفع مستوى الأساتذة، ورفع مستوى الطلاب والمناهج، والأبنية أيضاً.


مواضيع متعلقة