المفتي: «الدار» بيت خبرة للفتوى بمصر والعالم.. ونواجه جماعات التطرف عبر «السوشيال ميديا»

كتب: سعيد حجازي

المفتي: «الدار» بيت خبرة للفتوى بمصر والعالم.. ونواجه جماعات التطرف عبر «السوشيال ميديا»

المفتي: «الدار» بيت خبرة للفتوى بمصر والعالم.. ونواجه جماعات التطرف عبر «السوشيال ميديا»

أكد د. شوقى علام، مفتى الديار المصرية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم، أن الدار تقدم ما يقارب الـ4 آلاف فتوى يومياً؛ لإعادة الاستقرار المجتمعى والقضاء على فوضى الفتاوى، فالدار بيت خبرة للفتوى بمصر والعالم، ولنا خبرة متوارثة ومتراكمة منذ 125 عاماً. وأوضح «علام»، خلال حواره مع «الوطن»، أن الدار عملت على إعادة ضبط بوصلة الفتوى بمنع غير المتخصصين من التصدر للإفتاء وإحداثهم بلبلة اجتماعية، كذلك تصحيح المفاهيم والتصدى للفتاوى الشاذة لإزالة ما أحدثته من لبس وبلبلة، وضبط إيقاع الفتوى، وإعادة تأهيل المتصدرين للإفتاء.. وحريصون على بناء أجيال جديدة من المتخصصين، كذلك مجابهة جماعات التطرف عبر السوشيال ميديا لوقف استقطاب الشباب المغيبين.. وإلى نص الحوار:

د. شوقي علام: نقدم 4 آلاف فتوى يومياً.. وهدفنا القضاء على فوضى الإفتاء

ممارسة الفتوى أمر جليل وله أثره على المجتمع.. مَن له حق الإفتاء؟

- الفتوى صنعة ثقيلة، ومن يقوم بذلك هو الشخص الذى استجمع عناصر العملية الإفتائية التى تتكون من ثلاثة أجزاء؛ الأول أن يكون مدركاً لحقيقة النص الشرعى والأدلة المنبثقة عنه بجميع التفاصيل، فيحتاج لتكوين علمى حقيقى، وأن تكون لديه بنية علمية أساسية معتمدة ومر على شيوخ العلم، ومدارسة العلم على مدى طويل من الزمن، وفى التعريف المعاصر أن يكون التحق بالمؤسسات التى تعنى بتكوين العلماء الذين سيتصدرون المشهد الإفتائى، وهذا يستغرق أكثر من 15 عاماً، أما الركن الثانى فيأتى بعد التكوين العلمى، وهو التأهيل الإفتائى أو الدعوى، وهو لغة العصر الآن، فالفتوى صنعة كما قال المالكية، ومعنى كون الفتوى صنعة أنه لا بد لها من التأهيل الدقيق على يد شيوخ العلم فى هذا المجال، والركن الثالث يتمثل فى عملية الربط بين التأهيل الإفتائى والفهم والتكوين وكيف نجعل هذا النص والفهم الذى تكون من علوم النص الشرعى يتحرك فى أرض الواقع تحركاً دقيقاً متفقاً مع مقاصد الشرع الشريف، فالفتوى لا بد أن تحقق هذا المقصود وتراعى جميع المقاصد الشرعية الخمسة.

إعادة ضبط بوصلة الفتوى للاتجاه الصحيح بمنع غير المتخصصين من تصدّر المشهد

كيف نعيد بوصلة الفتوى؟

- إعادة ضبط بوصلة الفتوى تبدأ من منع غير المتخصصين من التصدر للمشهد وإحداثهم بلبلة اجتماعية من خلال تجرؤهم على الفتوى وتهديد استقرار وأمن المجتمعات وتشكيك الناس فى أمور دينهم، وهذا يتطلب أن تكون هناك مرجعية تبدأ من عند أهل العلم والاختصاص حتى تستقيم أمور الدين والدنيا، خاصة ونحن فى عصر الفضائيات المفتوحة، وهو ما يحتم علينا أن نتحرى الدقة ونبحث عن مؤسسات الفتوى المعتمدة عند طلبنا للفتوى، ونعود إلى مؤسسات الفتوى الرسمية عند طلب الفتوى، مع عدم الاكتراث بما يشاع على ألسنة البعض بغرض الظهور على الساحة دون إدراك لجميع جوانب الفتوى، وضرورة أن تكون محققة لاستقرار المجتمع.

ما خطوات القضاء على فوضى الفتاوى؟

- دار الإفتاء بمثابة بيت خبرة للفتوى بمصر والعالم، ولها خبرة متوارثة ومتراكمة منذ 125 عاماً، والهدف الأسمى لنا هو الاستقرار المجتمعى، ونحن ننتج من 3٫5 ألف إلى 4 آلاف فتوى يومياً، وفى سبيل القضاء على حالة فوضى الفتاوى اتبعت دار الإفتاء منهجية تقوم على شقين؛ الأول احترازى وقائى من خلال نشر وزيادة الوعى بين الناس، وتتبع الفتاوى الشاذة ورصدها، أما الشق الثانى فذلك معنىّ بطرق العلاج من خلال التصدى للفتاوى الشاذة، وتصحيح المفاهيم وعلاج هذه الفتاوى لإزالة ما أحدثته من لبس وبلبلة. كما خطت الدار خطوات واسعة فى مجال تصحيح الأفكار والمفاهيم المغلوطة التى تطلق باسم الدين، كذلك شهدت خدماتنا تطوراً كبيراً لضبط إيقاع الفتوى وتقديم المزيد من الخدمات الشرعية، وإعادة تأهيل المتصدرين للفتوى، وذلك لأننا حريصون على بناء أجيال جديدة من المتخصصين المؤهلين والمدربين على مهارات الإفتاء من خلال برامج الدار التدريبية التى تخرج فيها عشرات المفتين المؤهلين من مصر وخارجها.

وماذا عن منصات السوشيال ميديا؟

- كنا سبّاقين بالتواصل مع مختلف الفئات عبر وسائل التواصل الأكثر استخداماً ومتابعة، وأنشأنا حسابات مختلفة للدار عبر السوشيال ميديا، وذلك بهدف الرد على جميع التساؤلات ومجابهة جماعات التطرف التى أصبحت تعتمد على استقطاب المغيبين عبر هذه الشبكات، وقمنا بتدشين العديد من الحسابات عبر جميع منصات وسائل التواصل الاجتماعى، وتعد صفحة دار الإفتاء المصرية «العربية» على «فيس بوك» النافذة الأكبر والأهم لدار الإفتاء، والتى أطلقت فى عام 2010، هذا إلى جانب إطلاق الدار لحسابين آخرين بالإنجليزية والفرنسية، معنيين بنشر محتويات الدار باللغتين الإنجليزية والفرنسية؛ وذلك بهدف الوصول لجميع المسلمين الناطقين باللغات الأجنبية، إضافة إلى حساب الدار على موقع «إنستجرام»، ويعتنى هذا الحساب بنشر صور دينية ترفيهية، ووعظ، بالإضافة إلى بعض الصور الأخرى التى تحتوى على فتاوى دينية، إضافة إلى قناة دار الإفتاء على «يوتيوب»، فضلاً عن وجود الدار أيضاً عبر موقع التدوينات العالمى «تويتر»، وكذلك «تيك توك والتليجرام وجوجل بلاس، وساوند كلاود»، وتحظى منصات الدار عبر السوشيال ميديا باهتمام وإشراف المركز الإعلامى بدار الإفتاء المصرية.

بعض الشباب لا يمتلك ثقافة إسلامية صحيحة تحصّنه من الوقوع فى براثن الإرهاب والتطرف، ما رأيكم؟

- تقوم الأديان والحضارات والحركات الإصلاحية من سالف الزمان إلى يوم الناس هذا بسواعد الشباب ووقود هممهم وعصارة أعمالهم، ولا يعرف دورهم فى بناء الحضارة إلا من أوتى حكماً، ودار الإفتاء تأخذ على عاتقها توعية الشباب وإصلاح المفاهيم الخاطئة من خلال عدة آليات؛ من بينها برامج تدريبية ومؤلفات لعلماء الدار، وكذلك تحديث أدوات الخطاب عبر السوشيال ميديا واستحداث وحدة للرسوم المتحركة التى تجذب تلك الفئات وتبسط بالشرح غالبية المفاهيم المغلوطة.

ماذا عن نجاح مرصد الفتاوى التكفيرية؟

- هناك جهود ملموسة لمرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة على مدار سنوات عمله فى مواجهة منابع الإرهاب، ولا نغفل أن المرصد قد اجتهد فى تقديم مئات التقارير والدراسات العلمية التى تتناول الرد على ادعاءات المتطرفين وأسانيدهم الباطلة وتوضيح جميع المسائل والقضايا التى توظفها جماعات العنف والتطرف للنيل من وحدة المسلمين وتماسكهم، وأصدر مرصد الإفتاء أيضاً نشرة من ضمن دراساته ونشراته الدورية التى تهتم بقضايا الإرهاب المتنوعة وخرائط انتشاره وخطاباته العنيفة والمتطرفة، وتضمن هذه النشرة الدورية رصد خريطة العمليات الإرهابية، مع تحديد خريطة الجماعات الأكثر تنفيذاً للعمليات الإرهابية، ومقالات تحليلية تهتم بقضايا ماهية الإرهاب والتطرف، وتقديم بروفايل تعريفى شهرى لإحدى الجماعات الإرهابية فى قارة أفريقيا بأكملها، وكذلك بروفايل تعريفى لأكثر الشخصيات المتطرفة فى القارة، بخلاف نشرة داخلية عن أبرز الإصدارات المرئية والمسموعة والمقروءة التى تصدر من الجماعات النشطة داخل القارة.

نجاح الأمانة العامة

حملت الأمانة العامة على عاتقها منذ نشأتها لواء الاعتدال والتجديد والاستنارة، كما سعت حثيثاً لقيادة قاطرة العالم الإسلامى فى مواجهة الفتاوى الضالة والمنحرفة لدى الجاليات والأقليات المسلمة بالخارج، وتقوم الأمانة بالتنسيق بين دُور الفتوى والهيئات الإفتائية العاملة فى مجال الإفتاء فى أنحاء العالم بهدف رفع كفاءة الأداء الإفتائى لتلك الجهات، مع التنسيق فيما بينها لإنتاج عمل إفتائى علمى رصين، ومن ثَمَّ زيادة فعاليتها فى مجتمعاتها حتى يكون الإفتاء أحد عوامل التنمية والتحضر للإنسانية.


مواضيع متعلقة