خبراء: الزيادة السكانية ناقوس خطر.. والدولة تبذل جهودا كبيرة للحد من تداعياتها

كتب:  كريم رومانى

خبراء: الزيادة السكانية ناقوس خطر.. والدولة تبذل جهودا كبيرة للحد من تداعياتها

خبراء: الزيادة السكانية ناقوس خطر.. والدولة تبذل جهودا كبيرة للحد من تداعياتها

«ناقوس خطر».. «أمر كارثى».. «التهام للتنمية».. كلها تعبيرات جاءت حاضرة بقوة فى تعليقات المتخصّصين، سواء فى الصحة أو التعليم أو الزراعة، على الزيادة السكانية، خاصة أن مصر من الدول التى لها نصيب الأسد فى هذه القضية، ورغم ذلك لم تقف الدولة مكتوفة الأيدى، بل عملت من خلال وزارة الصحة والسكان على التصدى لها بقوة، وهو ما أشاد به المتخصّصون.

«تمثل الزيادة السكانية إحدى أخطر المشكلات الكبيرة التى تؤرق الاقتصاد وتعوق التنمية، وتمثل تحدياً كبيراً للتنمية المستدامة فى جميع الدول».. هكذا وصفت الدكتورة ابتسام إسماعيل، أستاذ الصحة العامة بكلية الطب بجامعة المنيا، الزيادة السكانية، موضحة المقصود بالمشكلة السكانية: «عدم التوازن بين عدد السكان والموارد والخدمات؛ والقضية السكانية فى مصر أساسها عدم التوازن بين عدد السكان والموارد الاقتصادية».

«ابتسام»: مصر رقم 14 عالمياً من حيث عدد السكان

قدّمت «ابتسام» شرحاً تفصيلياً عن القضية السكانية فى حديثها لـ«الوطن»، بدأته بتجاوز عدد سكان مصر الـ100 مليون نسمة، لتصبح الدولة رقم 14 على مستوى دول العالم من حيث عدد السكان، موضحة أن عدد سكان مصر خلال القرن الماضى، تغير من نحو 13 مليوناً فى 1920 إلى 32.7 مليون فى 1970، ثم إلى 100 مليون فى 2020، وخلال القرن الماضى اتجه متوسط الزيادة السنوية إلى الارتفاع عبر الزمن، فقد أضافت مصر إلى سكانها 3.6 مليون نسمة بين عامى 1920 و1940، ثم 9.3 ملايين نسمة بين عامى 1940 و1960 ثم 16.7 مليون نسمة بين عامى 1960 و1980 ثم 25.5 مليون نسمة بين عامى 1980 و2000 ثم 33.5 مليون نسمة بين عامى 2000 و2020.

وحدّدت أستاذ الصحة العامة تأثيرات الزيادة السكانية على الصحة، أولها: نقص الغذاء والمجاعة، فوفقاً لـ«يونيسيف» يعانى أكثر من 820 مليون شخص من الجوع كل عام، ثانياً انتشار الأمراض والأوبئة، فكلما أصبح الناس أقرب، كان انتشار الأمراض المحمولة جواً أسهل، ثالثاً نقص وتلوث المياه، فيتوفى 3.4 مليون شخص كل عام بسبب أمراض مرتبطة بالمياه الملوثة، كما أن الاكتظاظ السكانى يؤدى إلى خلق المزيد من إمدادات المياه الملوثة.

واستندت الدكتورة ابتسام إسماعيل إلى تقرير نُدرة المياه الصادر عن الأمم المتحدة، الذى يؤكد أن أكثر من مليارى شخص يعيش فى بلدان تعانى من إجهاد مائى مرتفع، لافتة إلى أن الصحة وسُبل عيش ما يقرب من مليار شخص فى 100 دولة تتعرّض للتهديد من جراء تصحّر الأرض كأثر مباشر للزيادة السكانية، ويمكن أن يزول الأمل فى الزراعة الموسّعة قريباً.

ورصدت أستاذ الصحة العامة جهود الدولة المصرية لمواجهة الزيادة السكانية، مؤكدة أن الدولة تبذل جهوداً مكثّفة لمواجهة النمو السكانى، وهنا اتخذت الدولة الكثير من الإجراءات والمبادرات والبرامج، وعلى رأسها إطلاق الاستراتيجية القومية للسكان (2015 - 2030)، وإطلاق الاستراتيجية القومية لتنمية الأسرة المصرية فى فبراير 2022، فضلاً عن التوسّع فى برامج الحماية الاجتماعية، التى كان آخرها إضافة مليون أسرة لبرنامج الدعم النقدى المشروط «تكافل وكرامة».

كما أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى المشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية، ويستهدف خلال السنة الأولى محافظات المرحلة الأولى من المبادرة الرئاسية «حياة كريمة»، بما يشمل نحو 1.520 قرية على مستوى 52 مركزاً فى 20 محافظة، بالوجهين القبلى والبحرى، ووفق الدكتورة ابتسام إسماعيل، فهو يهدف إلى الاستفادة من الهبة الديموغرافية المتمثلة فى شباب مصر، بضبط معدلات النمو السكانى وتوجيه الموارد لتحسين الخدمات المتاحة لجميع المواطنين، خاصة الشباب.

أيضاً عملت الدولة على تطوير المستشفيات وخدمات الرعاية الصحية، من خلال التوسّع فى إتاحة المستشفيات ومراكز الإسعاف لاستيعاب الطلب المتزايد على الخدمة، إضافة إلى ميكنة المنظومة الصحية، وتم إعداد قاعدة بيانات مركزية عن كل قرية ونجع تضم الوضع السكانى، والوضع الاجتماعى والخدمات، والموارد الطبيعية، والمشكلات والتحديات وذلك بهدف السيطرة على النمو السكانى.

«محمود»: إحصائية تؤكد أنه فى الفترة من 2010 حتى 2012 يعانى واحد من كل 8 أفراد من الجوع فى العالم

الدكتور خالد محمود، أستاذ الصحة العامة والطب الوقائى بكلية الطب بجامعة عين شمس، تطرّق إلى إحصائية مُهمة مفادها أن فى الفترة من 2010 حتى 2012 على مستوى العالم يعانى واحد من كل 8 أفراد من الجوع وسوء التغذية، مؤكداً أن هذا يدل على خطورة الزيادة السكانية.

توجد علاقة قوية بين الزيادة السكانية و«التنفّس»، فوفق الدكتور خالد محمود، فإن الزيادة السكانية تؤدى إلى انتشار الأوبئة عن طريق الجهاز التنفسى، وينتشر فى الأطفال ما يُسمى السل الرئوى، لافتاً إلى أن الزيادة السكانية تؤدى إلى اختفاء الموارد الطبيعية كالغاز الطبيعى والبترول.

وأشاد «محمود» بجهود الدولة فى مواجهة الملف، مؤكداً أن الدولة المصرية وضعت خطة تشمل الخدمات الصحية وآليات توفيرها بشكل جيد، ومنها خطة لأن يكون لكل أسرة 1.6 طفل من السيدة الواحدة طوال عمرها، فضلاً عن خدمات تنظيم الأسرة، لأن مصر حالياً تزيد نحو مليونى طفل أو أكثر كل عام: «نحن الأول فى المنطقة العربية والثالث فى أفريقيا بالنسبة للسكان»، كما عملت الدولة، حسب أستاذ الصحة العامة، على تدشين حملات تنظيم الأسرة وتقديم الخدمات الصحية بالمجان على مستوى الجمهورية، مشدداً على ضرورة تكثيف هذه الحملات.

«عبدالحميد»: نقل ألف أسرة صغيرة إلى منطقة زراعية جديدة يلزمه استصلاح 10 أفدنة

الدكتور محمد عبدالحميد، الخبير الزراعى، الباحث فى مجال وراثة وتربية النبات، أوضح علاقة الزيادة السكانية بالرقعة الزراعية والإنتاج الزراعى: «الزيادة السكانية كان لها بالغ الأثر على الرقعة الزراعية فى مصر ونتج عنها تجريف لأجود الأراضى الزراعية الخصبة على جانبى نهر النيل والدلتا مع تأسيس مبانٍ عشوائية فى الحقول الزراعية وخارج زمام المدن». استشهد «عبدالحميد» على أثر الزيادة السكانية على الزراعة، بأنه فى فترة الستينات والسبعينات وحتى بداية الثمانينات كان نصيب الأسرة المصرية من الرقعة الزراعية لا يقل عن 6 - 10 أفدنة، أما حالياً فالأسرة المصرية نفسها لا تملك سوى قيراط أو قيراطين على الأكثر.

وأكد الخبير الزراعى أنه يجب تفعيل قانون الزراعة التعاقدية حتى يتوجّه الفلاح لزراعة المحصول الذى تحتاجه السوق مع ضمان سعر عادل للبيع وعدم تكبّد خسائر أو ركود فى حالة وفرة منتج معين مقابل عجز فى منتج آخر كما يحدث هذا الموسم فى محصول البصل وقبله محصول البطاطس وهكذا، لافتاً إلى أن الدورة الزراعية كانت تنظم عملية زراعة المحاصيل، ولا بد من عودتها لتنظيم خريطة الزراعة.

وحدّد الخبير الزراعى ضوابط حل المشكلة، موضحاً أن الدولة بدأت فى حل مشكلة الزراعة بالمشروعات التنموية فى الريف، خاصة مشروع «حياة كريمة»، الذى يعتبر نقلة نوعية فى حياة القرية المصرية والمجتمع المصرى الحديث، وهناك ضرورة ملحة للحفاظ على ما تبقى من الأرض الزراعية، لافتاً إلى أن الزيادة السكانية سوف تؤثر على طبيعة تكون المجتمع الزراعى، لأن التوسّع الرأسى فى الأراضى الصحراوية والظهير الصحراوى ومشروعات الدولة القومية للتنمية لزيادة الرقعة الزراعية يعتبر الحل الأمثل والعملى، إلا أنه يواجه عقبة صعبة جداً، لأن الأسرة المصرية لديها نوع من الترابط الاجتماعى والتواصل الأسرى والقبلى، وهو ما يخلق بدوره عدم الرغبة فى الذهاب إلى أماكن نائية.

ونوه بأن نقل السكان إلى أماكن صحراوية يلزمه توفير جميع المرافق، مؤكداً أن نقل ألف أسرة صغيرة مثلاً إلى منطقة زراعية جديدة يلزمه استصلاح ما لا يقل عن عشرة آلاف فدان بمعدل 10 أفدنة لكل أسرة كحافز وتنمية مستقبلية، مع توفير البنية التحتية والمرافق، وسُبل الحياة الكريمة.

ودعا إلى تطبيق فكرة المدينة الزراعية لنقل الأسر إليها مع توافر جميع الخدمات التى تكفل الاستقرار الدائم ويمكن تفعيل ذلك فى مناطق العوينات ومفيض توشكى ومفيض باريس بالوادى الجديد، حيث تتوافر المياه العذبة من فيضان النيل، وهى المكون الأساسى للزراعة، ولا تحتاج إلى حفر آبار على أعماق وتكاليف باهظة.

«إيلارية»: تضمينها فى المناهج الدراسية ضرورة ملحة

الدكتورة إيلارية عاطف، الخبيرة التربوية، شدّدت على ضرورة تضمين قضية الزيادة السكانية فى المناهج بشكل كبير، وذلك فى صورة أنشطة لتنمية الوعى بالمشكلة التى تعانى منها مصر وتُعرقل كل محاولات التنمية، مؤكدة أن الأنشطة هى الأداة الأمثل لحل تلك القضية ووعى المعلم بخطورتها ومحاولته تنفيذ أنشطة طوال العام الدراسى وبشكل مستمر لضمان تحقيق الهدف.

كما نوهت بأهمية النـدوات والزيـارات الميدانية والدراسات الاستقصائية التى يقوم بها الطلاب بأنفسهم لقياس مدى الوعى بخطورة المشكلة السكانية كمساهمة فى تنمية الوعى بخطورة المشكلة وأساليب حلها بطريقة صحيحة، مؤكدة أهمية المتابعة المستمرة لضمان تنفيذ الأنشطة السكانية بالطرق الصحيحة لتحقيق الهدف وتكريم المشاركين بشكل يليق بأعمالهم لتشجيعهم وتقديم الدعم المعنوى لهم.


مواضيع متعلقة