«متحف الزعيم» شهد قرارات تاريخية واجتماعات لكبار الساسة

«متحف الزعيم» شهد قرارات تاريخية واجتماعات لكبار الساسة
- جمال عبدالناصر
- ثورة 23 يوليو
- «متحف الزعيم»
- مقتنيات المتحف
- جمال عبدالناصر
- ثورة 23 يوليو
- «متحف الزعيم»
- مقتنيات المتحف
متحف الزعيم جمال عبدالناصر الكائن بمنشية البكرى بمصر الجديدة فى القاهرة أحد المزارات المهمة التى يتوجه إليها محبو الرئيس الأسبق، خصوصاً فى ذكرى ثورة يوليو 1952 أو غيرها من المناسبات المرتبطة بالزعيم، مثل ذكرى ميلاده فى 15 يناير، وذكرى رحيله فى 28 سبتمبر. وتحرص وزارة الثقافة، متمثلة فى قطاع الفنون التشكيلية، على فتح المتحف للزيارة مجاناً للجمهور فى بعض هذه المناسبات.
مبنى من دورين وله حديقة خاصة ويضم وثائق ومقتنيات شخصية وأفلاماً وملابس وصوراً
المتحف يوثق سيرة الرئيس جمال عبدالناصر واجتماعات قيادة ثورة 23 يوليو 1952 وما تبعها من قرارات التأميم لشركة قناة السويس وغيرها من مؤسسات رأس المال، فضلاً عن القرارات الاجتماعية التى اتخذها قادة الثورة، وهو جزء من تاريخ مصر، وتوثق مقتنيات المتحف لسيرة عبدالناصر وأسرته كنموذج للأسرة المصرية فى ذلك الوقت.
متحف جمال عبدالناصر له طبيعة سياسية وتاريخية، وافتتحه الرئيس عبدالفتاح السيسى بعد أكثر من أربعين عاماً على رحيل الرئيس جمال عبدالناصر فى الذكرى السادسة والأربعين لوفاة الزعيم يوم 28 سبتمبر 2016.
عاشت فيه الأسرة منذ 1952 وظلت به زوجته حتى 1990 وعادت ملكيته إلى الدولة
المتحف كان مقراً لإقامة الرئيس الأسبق وأسرته، وهو المبنى الذى شهد أخطر القرارات المتعلقة بتاريخ مصر، وفيه اجتمع زعماء وقادة العالم والشخصيات المهمة، وشهد اجتماعات مجلس قيادة الثورة، وكان شاهداً على فترة زمنية ثرية وغنية بالأحداث السياسية والاجتماعية، فضلاً عن لحظات الحزن والفرح التى عاشها الشعب بأكمله. فى هذا المنزل عاش الرئيس جمال عبدالناصر طوال فترة حكمه وحتى وفاته فى عام 1970، ثم خصصته الدولة لإقامة أسرته حتى وفاة أرملته عام 1990، ثم آلت ملكية المنزل إلى الدولة مرة أخرى لتحويله لمتحف بعد رحيل زوجته السيدة تحية كاظم فى عام 1990.
يقع المتحف على مساحة إجمالية 13.400 متر مربع، تشمل مبنى من دورين على مساحة 1.300 متر مربع والباقى حديقة خاصة، ويضم المتحف الوثائق والمقتنيات الشخصية لعبدالناصر، بالإضافة إلى الأفلام والصور الشخصية والعائلية التى تتناول سيرته وملابسه والهدايا الرسمية التى تلقاها من زعماء العالم.
يضم المكان مكتبه الرئيسى والصالونات الملحقة، والعديد من كاميراته الفوتوغرافية، لأنه كان محباً للتصوير، وأقلامه والأوسمة والنياشين والهدايا التذكارية التى حصل عليها الرئيس من مختلف الشخصيات حول العالم، إضافة إلى أثاث منزله الذى يتضمن غرفة المعيشة وغرفة المكتب وغرفة النوم والصالون الخاص به.
وقال الدكتور وليد قانوش، رئيس قطاع الفنون التشكيلية، إن سيناريو العرض بمتحف الزعيم جمال عبدالناصر ثابت لأنه مرتبط بتاريخ الشخصية وحياتها والمقتنيات الموجودة داخل المكان، مؤكداً أن جميع القطع من نياشين وأوسمة وقطع الأثاث الموجودة فى المكان نفسه بالمحتويات وبالحالة التى كانت عليها بنسبة 98% لم يحدث عليها تغيير عما كانت عليه فى حياة الرئيس الراحل، لأن الهدف من المتحف هو التأريخ للشخصية والحفاظ على كل ما له علاقة به فى العرض المتحفى.
ويشمل سيناريو العرض المتحفى ثلاثة مسارات متحفية: المسار الأول (منشية البكرى)، وهو الجناح الذى عاش به الزعيم، وتمت المحافظة على طبيعته بدون تغيير، ويضم غرفة مكتبه، والصالون الرئيسى، وغرفة النوم، والمكتب الملحق بها، ومجموعة من الصالونات، وغرفة السفرة، وعرض بعض المقتنيات الشخصية الخاصة بالرئيس.
المسار الثانى (حكاية شعب)، ويعتمد على عرض متعدّد الوسائط يوثق تاريخ مصر والأحداث المهمة التى مرت بها خلال عهد الرئيس عبدالناصر من بداية ثورة 1952 ومشروع السد العالى وتأميم قناة السويس والعدوان الثلاثى والوحدة بين مصر وسوريا وحرب 67 إلى حرب الاستنزاف، وبعض الأحداث السياسية حتى وفاة الرئيس.
المسار الثالث (قاعة المقتنيات)، وتضم مجموعة من أهم الهدايا التذكارية والأوسمة والأوشحة ومجموعة من الكاميرات الخاصة بالزعيم.
ويشمل المتحف عدداً من الملحقات المساعدة من وحدات خدمية ومكتبة متخصصة تحوى أهم الكتب والأبحاث والمواد السمعية والبصرية التى توثق لحياة الزعيم وتاريخ مصر فى هذه الحقبة المهمة.
وأضاف «قانوش» لـ«الوطن»: «طوال الوقت متحف الزعيم جمال عبدالناصر مزار لجميع محبى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ولمحبى التجربة المصرية بشكل عام، ومختلف الجنسيات العربية تزور المتحف بشكل أساسى ومن أكثرهم الدول التى ساندها عبدالناصر فى الحصول على استقلالها وتحريرها تزامناً مع التجربة المصرية مثل الشعب الليبى والجزائرى، فضلاً عن الدول الأفريقية، سواء بعثات دبلوماسية أو من الزوار العاديين».
وأكمل: «القطاع على اتصال مع الأسرة من أجل وجودهم معنا، خصوصاً فى الأنشطة والفعاليات المرتبطة بالرئيس الراحل، وهذا العام مثلاً يوم 23 يوليو سيحل علينا عبدالحكيم جمال عبدالناصر نجل الرئيس الأسبق، ومعه مجموعة من الضيوف، للمشاركة فى الندوة التى ننظمها بذكرى ثورة يوليو».
وأشار إلى أن القطاع يحرص على فتح المتحف مجاناً للجمهور فى المناسبات الرئيسية، مثل ذكرى الثورة وذكرى وفاة عبدالناصر، ويتم التجهيز حالياً مع الجهات المختصة لتطوير المتحف وصيانته.
وقال: «نعمل حالياً فى القطاع على تطوير إدارة التربية المتحفية بشكل عام فى جميع المتاحف التابعة للقطاع، ومهمتها إنشاء علاقات مع المجتمع وتنظيم زيارات من المدارس والجامعات والمؤسسات إلى المتاحف التابعة لنا، وأثناء هذه الزيارات يتم شرح الفكرة العامة عن الموقع وتوفير المعلومات الأساسية عن مقتنيات المتحف وتنظيم جولة متحفية داخل المتحف أياً كان نوعه، فضلاً عن برنامج أنشطة خاصة بكل متحف حسب طبيعته، وتُعقد ندوات على فترات متباعدة نظراً لطبيعة المتحف لكنها فعاليات تتعلق بتاريخ الزعيم عبدالناصر نفسه».
بيت منشية البكرى تابع للإشغالات العسكرية، انتقل إليه الزعيم عبدالناصر وأسرته المكونة من زوجته وأولاده عام 1952، وكان وقتها مكوناً من طابق واحد، إلى أن اتفق المشير عبدالحكيم عامر مع سكرتير عبدالناصر على بناء طابق ثانٍ للبيت خلال إجازة عبدالناصر وسفره إلى الإسكندرية.
ووثقت تحية كاظم، زوجة عبدالناصر فى كتابها «ذكريات معه»، تاريخ الإقامة فى منزل منشية البكرى، قائلة إن زفافها إلى الرئيس الأسبق تم فى 29 يونيو 1944، أما الانتقال إلى بيت منشية البكرى فتم فى 20 أكتوبر 1952، موضحة أنه فى ذلك الوقت طرح عليها عبدالناصر الاختيار بين بيتين أحدهما بيت كبير فى العباسية والآخر صغير فى مصر الجديدة، فاختارت بيت منشية البكرى المكون آنذاك من خمس حجرات وحديقة كبيرة.
وأشارت إلى التغييرات التى جرت فى منزل منشية البكرى قائلة: «البيت الذى نسكنه فى القاهرة فى منشية البكرى ظل كما هو لم يحدث فيه تغيير فى المبنى أو الفرش حتى سنة 1956، فى شهر أغسطس بدأ بناء دور ثانٍ، واتفقنا أن يكون الدور الأول للمكتب وعدد 2 صالون وحجرة للسفرة، والدور الثانى لحجرات النوم والمكتب وللأولاد وصالة وحجرة للسفرة ملحقة بالمدخل».
وروت أنها والأولاد فى هذه الفترة كانوا يقضون الإجازة الصيفية فى الإسكندرية بينما كان جمال عبدالناصر مقيماً فى مبنى مجلس الثورة بالجزيرة أو فى استراحة القناطر، وعند ابتداء الدراسة رجعت من الإسكندرية وكان البناء لم ينتهِ بعد، فذهبوا إلى استراحة القناطر، وفى آخر سبتمبر رجعوا للقاهرة ليكون الأولاد قريبين من المدارس ومكثوا فى قصر الطاهرة حتى انتهى البناء فى منشية البكرى.
وذكرت أن مجلس الثورة كان يجتمع فى البيت، ويظل مجتمعاً حتى الصباح، وأحياناً حتى الظهر وبعد الظهر، يذهبون لبيوتهم ثم يرجعون مرة ثانية بالليل، يجتمعون وقد يظلون فى البيت أياماً مجتمعين.
وحكت عن الشخصيات التى زارت الأسرة فى البيت من الساسة والقادة والصحفيين وغيرهم، قائلة: «سُررت جداً من مكالمة السيدة أم كلثوم، وكانت أكثر سيدة فرحت بها وبلقائها فى بيتنا».
أثاث البيت كان عُهدة تتبع الأشغال العسكرية، وكان إذا احتاج أى صيانة يتم ذلك على ورقة موقعة من عبدالناصر كمستلم لهذه العهدة، كل قطعة أثاث كان لها رقم تصنيف، ولما توفى عبدالناصر تحولت هذه العهدة إلى حيازة زوجته، وعاد الأثاث كما هو بعد وفاتها إلى عهدة الدولة، والبيت كذلك.